من إعلام العدو.. “هآرتس”: “إسرائيل” لم ولن تنتصر في هذه الحرب
ترجمة وتحرير – غسان محمد:
في الوقت الذي يهدد فيه رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، و”كبار قادته” العسكريين باستئناف الحرب على قطاع غزة، كتب المحلل في صحيفة “هآرتس” توم مهغار، إن “إسرائيل” لم ولن تنتصر في هذه الحرب، لأن المقاومة الفلسطينية نجحت في تغيير المعادلات وفق ثلاثة معايير حاسمة، كما نجحت في فرض قواعد اللعب الجديدة، وتبعها في ذلك حزب الله، بالتالي، كلما استمرت الحرب، تفاقمت تداعيات هذه المعايير في غير صالحنا.
وحسب المحلل مهغار، فإن المعيار الأول الذي نجحت المقاومة في تغييره، هو خلق وضع غير مسبوق على الحدود مع قطاع غزة، كما فعل حزب الله على الحدود الشمالية، فبعد هجوم السابع من تشرين الأول الماضي، فقدت “إسرائيل” حتى على المستوى الشخصي، الإحساس بالأمن، في ضوء حقيقة أن مئات آلاف المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة، ومستوطنات الشمال، تحولوا إلى لاجئين، وهناك شكوك كبيرة لجهة احتمال أن يعودوا إلى مستوطناتهم، يضاف إلى ذلك، أن هدف القضاء على الفصائل الفلسطينية في غزة، غير قابل للتحقق، وهذا يعني، أنه كلما طالت الحرب، فإن الكثيرين من المستوطنين لن يعودوا إلى بيوتهم.
والمعيار الثاني، هو الأضرار الكبيرة التي لحقت بصورة وسياسة “إسرائيل” وإمكانية التوصل إلى التطبيع مع بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية. والحقيقة هي أن المقاومة الفلسطينية نجحت في إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة جدول الأعمال الإقليمي والدولي. وكلما استمرت “إسرائيل” في حربها الوحشية في قطاع غزة سيزداد الضغط على العالم العربي المعتدل لاتخاذ موقف قاطع ضدها، بحيث سيكون من الصعب إعادة العجلة إلى الوراء، والأمر هنا يتعلق بالأضرار الكبيرة التي لحقت بالمنافع التجارية والاقتصادية التي سعت “إسرائيل” إلى تحقيقها بفضل التطبيع، ناهيك بالحصول على شرعية إقليمية في المنطقة والعالم.
والمعيار الثالث حسب المحلل، هو قضية الأسرى الإسرائيليين. فصفقة التبادل التي يتم تنفيذها تبرهن على أن “إسرائيل” كانت مرغمة على التنازل أمام المقاومة، والاستجابة لشروطها وصالحها، وبالتالي، يمكن الافتراض أن الضغط داخل “إسرائيل” سيزداد بعد تنفيذ الصفقة الحالية، من أجل تنفيذ صفقات أخرى من التبادل مقابل هدنة طويلة المدى وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين من مستويات مهمة جداً، وفي حال رفضت “إسرائيل” شروط المقاومة، فستضطر للتضحية بحياة جنودها، الأمر الذي سيفجر توتراً شديداً في المجتمع الإسرائيلي.
في ضوء كل ذلك، فقد حان الوقت لنعترف أننا لن نحقق انتصاراً، ولا يهم عدد الضربات الوحشية التي سنوجهها لقطاع غزة وسكانه المساكين. فالحقيقة المؤلمة هي أن المقاومة ومثلها حزب الله، نجحا في جر “إسرائيل” إلى حرب بدأت بمبادرة هجومية منهما وبفشل إسرائيلي فظيع، وبناء على ذلك، فإن العمليات العسكرية لن
تنجح في تغيير الوضع السياسي الذي وجدنا أنفسنا فيه.
ما العمل إذاً..؟ يجب العمل على وقف إطلاق النار وإجراء صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع الأسرى ومحاسبة المسؤولين عن الفشل في أسرع وقت، ومن ثم الالتزام بإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل وقف بعيد المدى لإطلاق النار، ربما لـ 15 عاماً تقريباً، والعمل على تنفيذ هذا الالتزام. فمثل هذا العرض، من المؤكد أنه سيحصل على دعم العرب والسلطة الفلسطينية والعالم.
لقد حان الوقت لمبادرة سياسية إسرائيلية، تنبع من الإدراك أن الشعب الفلسطيني لن يختفي، وأن طريقة العيش بأمان في هذه المنطقة هي الاعتراف بحقوقه المشروعة في الاستقلال.