في زمن الهدنة القصيرة.. أطفال غزة يغسلون دموعهم بماء البحر
تشرين: يسرى المصري:
يعشّش في حضن والده طائراً خائفاً.. من جحيم السماء: احمني يا أبي ..من الطيران إلى فوق! إنّ جناحيّ صغيرة على الريح… والضوء أسود
على شاطئ البحر، تحت النخيل.. يواجه جيشاً، بلا حجرٍ أو شظايا ..كواكب، لم ينتبه للجدار ليكتب:“حريتي لن تموت“.
نشرت وكالات بعض التقارير عن أحوال الناس في غزة خلال الهدنة وكان لافتاً تقريراً يتحدث عن أطفال من غزة مهجرين لجؤوا إلى مدرسة للأونروا خلال القصف وبعد الكثير من الساعات العصيبة حاولوا خلال الهدنة القصيرة اللجوء إلى البحر لغسل دموعهم ..
من ضيق وكدر الملاجئ إلى سعة وصفاء البحر، خرج أطفال فلسطينيون يمرحون على شاطئ غزة ينتزعون لحظات استراحة عزيزة في زمن الهدنة القصيرة من جحيم جيش الاحتلال، لكن وسط المرح العابر انتحب الآباء في قهر من مصاعب الحرب والتشرد.
وفي المياه الضحلة، قفز الأطفال مع الأمواج المتكسرة على الشاطئ، وراقبهم الكبار حفاة الأقدام على رمل البر. وجلست أسماء السلطان، وهي امرأة نازحة من شمال غزة، على الرمال تطوق بذارعيها والدتها التي انهمرت الدموع من عينيها في صمت.
وبحسب “وكالات” يلجأ أكثر من 30 فرداً من عائلة السلطان إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة في مدينة دير البلح مع مئات النازحين الآخرين.
وقالت أسماء إنهم جاؤوا إلى الشاطئ ليروِّحوا ولو قليلاً عن أنفسهم وهرباً من تكدس المدرسة والأجواء الكئيبة والملوثة هناك.
لكنها أضافت أنهم حتى بعد أن جاؤوا إلى الشاطئ ما زالوا يحملون في صدورهم الاكتئاب الشديد ويغلبهم البكاء.
حيث أخرج الهجوم العسكري لجيش الاحتلال مئات الآلاف من الأشخاص من ديارهم في شمال غزة الذي تركز عليه القصف والتوغل البري. وانطلق سكان الشمال يبحثون عن ملجأ في الخيام أو المدارس أو منازل الأصدقاء والأقارب في الجزء الجنوبي من القطاع.
وواجهوا أوضاعاً قاسية في الخيام والمدارس التي اكتظت باللاجئين في ظل ندرة المراحيض والحمامات، ووقوفهم في طوابير طويلة يومياً للحصول على حصص صغيرة من الطعام والمياه ليتفاقم التأثير النفسي للقصف والنزوح.
وعلى شاطئ دير البلح، ظهر صف من أكواخ الصيادين في الخلف، باتجاه أسفل منحدر تتناثر فيه القمامة، وأقام بعض النازحين في أكواخ متداعية، وكانت هناك ملابس معلقة على حبال لتجف في الخارج.
وكان وليد السلطان، أحد أقارب أسماء، يحاول إعداد شبكة للصيد بالقرب من الأكواخ قبل الخروج في قارب صغير للصيد، على أمل أن تسمح له الهدنة بالصيد في سلام.
وقال إنه لم يحمل معه شيئاً حين أخرجه القصف الإسرائيلي من منزله وظن أن بوسعه العيش على صيد الأسماك، لكن الحراس (الإسرائيليون) منعوه من ذلك وأطلقوا النار عليه.
وانتهز بعض النازحين فرصة هدنة الأيام الأربعة التي بدأت يوم الجمعة لزيارة طلل منازلهم، لكن آخرين أقعدهم الخوف عن العودة إلى الشمال الذي تحول جزء كبير منه إلى خرائب.
وأعرب حازم السلطان زوج أسماء عن خوفه مما يخبئه المستقبل لهم بعد انتهاء هذه الأيام القصيرة، وقال إنه هو وذووه لم يجرؤوا على التوجه شمالاً مخافة أن يطلق الجنود (الإسرائيليون ) النار عليهم وعلى أطفالهم.