خبرات تفتح جراح الاقتصاد السوري وتقيّم المؤثرات الكبيرة للتدخل في القرار الاقتصادي
تشرين- ابتسام المغربي:
تحت عنوان.. الاقتصاد بين الماضي والحاضر عقد في كلية الاقتصاد مؤتمر حواري، تم خلاله تقديم رؤيتين مختلفتين للاقتصاد، وسرد خلالها المحاضران الماضي أكثر من الحاضر، مع غياب لتقييم أثر التدخل في القرار الاقتصادي سلباً أم إيجاباً، فعيشنا الذي بات مرهقاً يحتاج إلى قرارات تعتمد دراسة الواقع والبحث بالأسباب، وإلغاء المؤثر السلبي منها، وتحقيق العدالة..
دور مفقود لتحقيق العدالة
أكد الدكتور عابد فضلية على دور الدولة سابقاً في الاقتصاد، أنها لم تكن تهدف للربح وإنما لحماية الناس وتتدخل لصالح الأمن الغذائي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهو فكر ممنهج وواضح، ومنذ الخمسينيات، ورغم ضعف القطاع العام، تم توقيع اتفاقيات مع الاتحاد السوفيتي… لتنفيذ ستين مشروعاً منها سد الفرات والبقية للبنية التحتية، ثم جاء التأميم الذي أعطى الدولة دوراً أكبر ثم التأميم والإصلاح الزراعي، وأصبح القطاع العام أكثر تأثيراً..
فضلية: أهم احتياج للواقع اقتصادياً ومجتمعياً هو دعم السلع وليس دعم النقد
مدخلات الصناعة
وأوضح فضلية أن دعم القطاع العام شكل أماناً للمجتمع.. وتم في بداية الثمانينيات بناء كل المرافق والمؤسسات الإنتاجية، وكان تدخل الدولة في الاقتصاد كبيراً.. ثم تصاعدت المشكلات ليبرز مع تطبيق اقتصاد السوق مشكلات اجتماعية كبيرة، فالدعم لم يعد يصل إلى مستحقيه.. وهناك من الصعوبات الكثير، مؤكداً أن أهم احتياج للواقع اقتصادياً ومجتمعياً هو دعم السلع وليس دعم النقد..
سرد ولا جديد
وشرح الدكتور غسان إبراهيم بأن دور الدولة، يجب أن يركز على ضرورة الفصل بين المصالح الخاصة، والقطاع العام والخاص ويجب تحديد هوية الدولة وبناء عليه نضع الحلول، مشيراً إلى أن سورية كانت أول نمر آسيوي والآن هي نمر جريح، ودور الدولة يتمحور على الاقتصاد وعلاقة الاقتصاد بالسياسة، ولا يكفينا تقييم الأثر الاقتصادي، من دون تقييم انعكاسه على السياحة والآثار والبحث العلمي، وعيش واحتياجات المواطن..
إبراهيم: أكثر الانعكاسات السلبية لواقع الاقتصاد تمثلت بزوال الطبقة الوسطى وهذه كانت أكبر الآثار انعكاساً على قوة ومفهوم الدولة
زوال الطبقة الوسطى
ويرى الدكتور إبراهيم، أن أكثر الانعكاسات السلبية لواقع الاقتصاد تمثلت بزوال الطبقة الوسطى وهذه كانت أكبر الآثار انعكاساً على قوة ومفهوم الدولة، وبات مفهوم الدولة واضحاً بثبات الشكل وتغيير المضمون..
أثر الاقتصاد على الفرد
ويؤكد إبراهيم أن تقييم المصلحة العامة يتم من خلال أثرها على المصلحة الخاصة، موضحاً التراجع الكبير بالمبادرات، والإبداعات والإنجازات، ما يتطلب احتياج تدخل الدولة لجعل الإبداع حالة عامة، وكل هذا الوصف يدل على حاجتنا إلى اقتصاد يتعامل بمبدأ الأواني المستطرقة، تكون مصالح الجميع متطابقة وليست متناقضة..
الكفري: مطلوب إعادة النظر بأثر الجباية والأرقام وأسلوب التحصيل
نقاشات الحضور
الدكتور مصطفى الكفري تحدث عن إصلاح النظام النقدي والمالي والضريبي، لأن الجباية تطفش المنتجين، ما يشكل خسارة كبيرة لكل الأطراف، ومطلوب إعادة النظر بأثر الجباية والأرقام وأسلوب التحصيل.
الدكتور سليم الخراط تحدث عن دور الدولة المطلوب بتوفر الإرادة والإدارة لإصلاح الاقتصاد، وعماد ذلك الزراعة والصناعة والتعليم والفقراء، ودعم الإبداع واعتماد الحلول التي يتم تداولها، وتأكيد الاهتمام بمعيشة المواطن.. ودور الدولة الأساسي لتحقيق ذلك.
كنعان: كيف نثبت الأجر ونحرر الربح؟!
الدكتور علي كنعان، تحدث عن الدولة والعدالة الاجتماعية، فهناك جانب غائب في ذلك، فمنذ التأميم نجد تحول التجارب إلى نظام، مع غياب السياسات الواضحة، ومنذ عام ١٩٨٤ تراجع دور الدولة وتطبيق الاشتراكية، وباتت الهوة سحيقة بين الواقع والمطلوب، وبعد ٢٠٠٥ حتى ٢٠١٢ توضح أن الصراع اشتراكي وليبرالي، وهذا الواقع يبرز أهمية المرونة والاستدلال بالواقع ومتطلباته، فمثلا كيف نثبت الأجر ونحرر الربح؟!
الواقع يكذب الطروحات
من جانبه أكد فضلية في النقاشات أن رفع سعر الأسمدة يخالف كل ما يتم الحديث عنه بدعم الزراعة، واصفاً السياسة الزراعية بالمخجلة، ففي الواقع نجد نقصاً باليد العاملة، و نقصاً بالمواد الأولية والظروف القاسية، ما يحتم إصلاح القطاع الاقتصادي وتحويل شركات القطاع العام إلى شركات مساهمة، وبمشاركة العاملين….
أهمية العنوان والحوار
من المهم جداً طرح هذه الأفكار والنقاشات ووضع مشاكلنا الكبيرة تحت مجهر البحث والاهتمام، والخروج من جمود الأفكار وتكلسها، وثبات العمل بقوالب أوصلت وضعنا الاقتصادي إلى هذا الوضع الصعب، فهل يعقل أن نتعامل مع الميزانيات والخطط بثوابت، وغياب الاحصاءات والأرقام؟
وكان مطلوباً تشريح الواقع الاقتصادي وأسباب التدهور، وانعكاس أثر القرارات الاقتصادية السلبية على تراجع الإنتاج وإغلاق معامل الصناعيين، وأثر قرارات تمويل المستوردات، وأثر هيئة الضرائب والرسوم، ووهمية التنمية الإدارية، لأن الواقع يعاكس ما يتم طرحه بهذا المجال..
فكيف نناقش أثر القرارات مع غياب للأرقام والإحصاءات؟؟ ولكن لا بأس بالرغم من قسوة الواقع؛ فلدينا موارد وخبرات، وما نحتاجه إرادة تحويل الأفكار المبدعة المطلوبة إلى خطط ومشاريع تسعى إلى التنمية والتطوير، وتضع المواطن أولاً في قائمة اهتمامها.