أصحاب محال ينعون تجارتهم ويتحدثون عن الكساد.. الركود يضرب أسواق الألبسة الشتوية في عزّ موسمها

تشرين – عمار الصبح:

لا يزال الركود غير المسبوق يتصدّر مشهد أسواق الألبسة الشتوية في محافظة درعا، وذلك على الرغم من حلول موسم البرد، الذي على ما يبدو لم يستطع تحريك مياه هذه الأسواق ولا تغيير إيقاعها، ولعل هذا ما دفع كثيراً من التجار لدقّ ناقوس الخطر حيال تجارتهم المعرّضة للكساد على حدّ وصفهم.

ووفقاً لعدد من تجار الألبسة في حي السبيل بمدينة درعا، فإن الطلب في أدنى حدوده لمثل هذا الوقت من العام، والمبيعات لا تتعدى بضع قطع يومياً في أحسن الأحوال، فيما بات من المعهود أن يمر يوم من دون أن يتمكن البعض من بيع أي قطعة، أما الأسواق ومحالها فباتت للفرجة فقط.

وأعاد صاحب أحد المحال هذه الموجة من الركود إلى ضعف القدرة الشرائية لدى الكثيرين، وتركيزهم على أساسيات الحياة اليومية، والتي لم تعد الألبسة ضمن قائمتها، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الأسعار تعدّ مرتفعة، إذا ما قيست بالقدرة الشرائية أو بمستوى دخل الكثيرين، ولكنها ليست كذلك بالمقارنة بمعدلات التضخم الحاصلة وتغير أسعار الصرف وبدلات استثمار المحال وغيرها من تفاصيل تجارة الألبسة.

إلى ذلك بيّن تاجر آخر في مدينة الصنمين أن تجار الجملة هم من يقومون بالتسعير بناء على تكلفة تصنيع القطعة، فيما يلتزم تجار المفرق بنسبة الأرباح المحددة، وقد يلجأ البعض – حسب تأكيده – إلى التنازل عن أرباحه مقابل الحصول على السيولة، وخصوصاً في ظل هذا الركود الذي يضرب الأسواق، مشيراً إلى أن عدداً من التجار بدؤوا فعلياً بتصريف بضائعهم بنيّة التحول إلى تجارة أخرى ذات مردود أفضل ولا تحتاج كما الألبسة إلى مصاريف ونفقات أكبر، وذلك تجنباً لتراكم الخسارات.

وسجلت أسعار الألبسة الشتوية هذا الموسم ارتفاعات ملحوظة تجاوزت في بعض الأصناف أكثر من 100% بالمقارنة مع أسعار الموسم الفائت، حيث وصل سعر الجاكيت النسائي ذي النوعية العادية إلى 500 ألف ليرة، فيما ارتفع سعر الجاكيت الرجالي إلى 400 ألف، والكنزة الرجالي للنوعية العادية 350 ألف ليرة، فيما شهدت أسعار الألبسة الداخلية القطنية والصوفية ارتفاعات قياسية هي الأخرى.

وفي تعليقها على الأسعار أعربت إحدى السيدات عن استهجانها من موجة غليان الأسعار الذي تشهده أسواق الألبسة، والتي لم يعد فيها متسع لأصحاب الدخل المحدود، على حدّ وصفها.

وأضافت: الأسعار تتضاعف من عام لآخر، وفي كل موسم نترحم على الذي سبقه، ويبدو أن مفردة “قياسية” ستظل تلازم الأسعار والأسواق طويلاً في السنوات القادمة، لافتة إلى أن خيارات أغلبية الأسر باتت تتجه نحو تدوير الملابس، أو البحث عن أفضل الموجود في محال البالة، وفي أحسن الأحوال التوجه إلى بسطات الألبسة الشعبية التي نالها هي الأخرى نصيب من ارتفاع الأسعار.

وتختلف النسب المحددة للأرباح في قطاع الألبسة بين المنتج وبائع الجملة والمفرق، وبحسب مصادر مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فإن تسعير الألبسة يتم قانوناً حسب الفواتير المقدمة من التجار، الذين بدورهم يستجرونها من الصناعي، حيث يتم تحديد الأرباح بمعدل 25% للمنتج و7٪ لبائع الجملة و30% لأصحاب محلات المفرق.

من جانبه يرى الخبير الاقتصادي عبد اللطيف أحمد أن الركود لا يقتصر فقط على أسواق الألبسة، بل ينسحب على أسواق أخرى مماثلة، كأسواق الأحذية والمفروشات وغيرها من أوجه النشاط الاقتصادي التي باتت تصنف في قائمة الكماليات بالنسبة للكثيرين، وهذا ناجم عن ضعف القدرة الشرائية وتركيز معظمها على مستلزمات الحياة اليومية، مضيفاً: إن كل ذلك يتزامن مع مواسم إنفاق متلاحقة، بدءاً من موسم المؤونة مروراً بالمدارس وليس انتهاءً بفاتورة التدفئة، والتي لم تترك للألبسة وغيرها سوى النزر اليسير من المخصصات الطارئة والتي لا تشمل شراء الجديد، وإنما تقتصر فقط على إعادة تدوير الملابس وما تتطلبه هذه العملية من أجور خياطة وصباغ وغيرها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار