عن ملامحها بعد ثلاثة عقود ونصف

لوهلةٍ ربما ظنّ الكثيرون من المتابعين لتطور القصة القصيرة جداً، وصلت إلى ملامحها الكاملة، لاسيما بعد عشرات الملتقيات والروابط التي تُعنى بالاشتغال عليها، من قراءات وتنظير ووصايا وتقييد، ووضع عشرات الشروط والأركان، وكذلك طباعة وإصدار المئات من المجموعات القصصية يُكتب على غلافها إنها قصة قصيرة جداً..
لكن بعد متابعة لكلّ هذا النتاج إن لم نقل “الركام”؛ فإنّ ثمة الكثير ما يدعو إلى الإحباط و”ضيعان التعب”.. ولا سيما أنها شهدت خلال تسعينيات البدايات من القرن الماضي نصوص غاية في الدهشة، تأخذ من القصة القصيرة أركانها كافة، ومن هنا نقول إنها بدأت ناضجة لما يُقارب العقدين من السنين، وإذ بها خلال العقد والنصف الأخيرين تحديداً زمن المحنة السورية تغرق في أمرين مؤسفين.. الأول: إنها وقعت في براثن الفعل الماضي، وأمسى – مع الأسف – تسطير ما يُقارب الخمسة من الأفعال الماضية كافٍ لصياغة قصة قصيرة جداً، والمُحزن إن أكثر من تسعين في المئة ما يُنشر من قصص قصيرة جداً وقع في هاوية الأفعال الماضية، والتي يبدو إن الغاية من استحضارها كان إيجاد ركن “الحكائية”، أول ملامح القص، بمعنى لا مجال للقصة أن تكون قصة دون ركن “الحكائية” بما يعني ذلك من حدث وإخبار.. غير أنّ السعي خلف هذا الركن في ظل الإصرار على البلاغة المُضادة من: حذف وإضمار، وإزاحة، ورمز، وتنصيص، وغير ذلك، وعدم فهم هذه البلاغة كما يجب؛ أوقع ما يسمونه قصة قصيرة جداً في هاوية الأمر الثاني: الذي هو “التلغيز” والتغميض، وهو الأمر الذي أبعد النصوص عن أن تكون قصة قصيرة.. وتأكيداً على ما ندّعيه؛ إن الكثير من هذه النصوص يقرأها أصحابُها في مهرجانات وملتقيات الشعر والقصة، تارةً على أنها قصة قصيرة، وحيناً على أنها قصيدة، وفي الحالتين لا هي شعراً ولا قصة..
بما يعني إنه بعد مرور كلُّ هذه السنوات، والتي كنا ننتظر من تراكماتها إيجاد بناء واضح من الصياغة القصصية لنوع القصة القصيرة جداً، وإذ بنا نقع في نقوص مخزٍ باتجاه الخواء..
ورغم إنه لا استقرار لنوع إبداعي مُعين، وإنما هو دائماً في حالة تطور، وفي خط بياني مُتصاعد، أو هكذا يُفترض، وشكل القصة القصيرة جداً لم تحتاج لزمن طويل كما حصل لشكل قصيدة النثر – على سبيل المثال – حتى وضعت على سكة الإبداع، لكن محنة القصة القصيرة جداً، كانت في كم الكتبة، الذين يخوضون فيها دون معرفة، أو ربما بإيحاء كتابة نقدية غير دقيقة، أو بتوجيهات “أصحاب” منتديات؛ ورطوا من يكتبها بمعايير أفلتتها من أن تكون (قصة).. وحتى لا أبقى في العموم أشير إلى مسألة التكثيف، التي فُهمت من قبل الكثيرين على أنها (اختزال)، وشتّان ما بين التكثيف والاختزال.. التكثيف الذي هو طاقة إبداعية وملكة عند الكاتب الذي استطاع من خلال كلمات قليلة أن يأتي “ببيت القصيد” بقوة بلاغة عالية، واستخدام تقنيات إبداعية فاخرة، ودون أن يخرج النص على أن يكون (قصة قصيرة)..
ق ق ج
………
سندريلا
في كلِّ مناسبةٍ تُدعى إليها؛ كانت تتعمدُ إضاعة فردة حذائها، وهي تحلمُ ب”أميرٍ” يجدها، فيبحثُ عنها، ويتزوجها..
عاشت عُمرَها “حافيةَ القدمين”!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار