عن دراما السياحة!!

شيءٌ ما، أو عطبٌ ما؛ تقعُ اليوم الدراما السورية في براثنه…
عطبٌ يُجعلنا نُشكك بقيمة هذا الفن الإبداعي، وبقيمه الإنسانية، وأهميته الفنية بشكل عام…
الدراما التي كادت تطغى على كلِّ ما عداها من إبداعات في السينما والمسرح والتشكيل والأدب خلال عقدي التسعينيات، والعقد الأول من الألفية الثالثة.. و”طغيانها” في ذلك العقدين، كان بسبب ما أغدق عليها من دعمٍ مالي فاق الخيال، سواء من الجهات المحلية الرسمية وغير الرسمية، أو بالدعم الخارجي الذي أدى فيما بعد لـ”اختطاف” هذه الدراما من قبل هذا الداعم الخارجي، وتحميلها قيمه، التي تبيّن أنها من (القيم) الرديئة والمخربة للمجتمع السوري، والتي كان من نتائجها بعض من ملامح “الخراب” الذي يضرب سورية منذ أكثر من عقدٍ من السنين.
هذه الدراما التي أدارت ظهرها دوناً عن مختلف أنواع الإبداع في سورية، عما يجري من حرب على سورية، إلا في حالاتٍ نادرة لا يُعتدُّ بها كحجمٍ ونوع، جحوداً بكلِّ الدعم الذي استولت عليه، ويبدو إنه كان دعماً دون وجه حق، وعلى حساب مختلف الإبداعات والفنون الأخرى.. دراما نادراً ما عنتّها الحرب على سورية، أو عنتّها نتائج هذه الحرب التي كانت أشدّ من الحرب نفسها.
بدأ ذلك من دراما البيئة الدمشقية التي كان لها وقعها السيئ، ونتائجها السلبية في عشرات الأعمال التي نمطت الدراما السورية في الحارات المتناحرة التي تغير على بعضها تحت جنح الليل، مذكرةً بدراما المضارب.. وتناحر القبائل التي كانت تتذابح لأجل “ضرع ناقة”، أو فرسٍ سبقت أخرى في حربٍ تستمرُ لأكثر من أربعين من السنين، لتقول: إنّ (عدوك)، هو دائماً أخوك الذي يُقيم في الحارة المجاورة..
ثم كانت الدراما السياحية، التي بدأت متساوقة تقريباً مع دراما البيئة الدمشقية، وهي ما أطلق عليها الـ”بان آراب”، أو الدراما العربية المشتركة، والتي شكلت الاختطاف الثاني للدراما السورية بعد اختطافها الأول الذي حصرها في نمط بيئي واحد تقريباً، ثم كانت “ثالثة الأثافي” في سلسلة الاختطاف، وهي الدراما النسخ- لصق، أو الفوتوكوبي لدراما الآخرين، أي (الدراما المعرّبة)، وكأن سورية خاوية من النصوص وكتّاب السيناريو، والأشدُّ مضاضةً أن يتم تصوير هذه الأعمال خارج الحدود، تحديداً في الدول التي تمّ نسخ هذه الدراما عن أعمالها لتقوم بالدعاية السياحية لتلك البلاد، وهي لا تختلف بشيءٍ عن الدراما المدبلجة، إلا أن الأولى كان يتم فيها استعارة صوت الممثلين السوريين فقط، بدل “ترجمة” تلك الأعمال.. في الدراما المعربة يتمُّ استعارة كلَّ إمكانات الدراما السورية من ممثلين ومخرجين وفنيين وغيرها…
دراما تجعلنا نطرح السؤال بقوة: هل الدراما عمل إبداعيّ حقاً؟!
لم ينتهِ الحديثُ بعد، فلا يزالُ ثمة بقية!!
هامش:
وكانَ
عنقُ الزجاجةِ
طويلاً طويلاً،
وكنا
نعضُّ على الأصابع..
صارت الربعُ الساعةِ الأخيرة
دهراً..
الزجاجةُ
أمست عنقاً،
وأكفنا
أصبحت
دون أصابع!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار