لوحاتُ تضامنٍ مع غزّة

سمير غانم في أحد أعماله، يحكي مع ابنه الصغير، ويسأله عن مدرسته، فيخبره الولد أن زميله في المدرسة ضربه بوجهه على يده، يستغرب سمير غانم الصورة!!
كيف يمكن أن يضربه بوجهه؟؟
ولأنه أب، تعاطف مع ابنه، وقال «بتصير»، وأكمل الحديث معه عن سبب المشكلة فقال له إن زميله معه «لوح شوكولا»، ولم يرض أن يتقاسمه معه، قسمة لا وجه حق فيها، فالنصف لابن سمير غانم، والنصف الثاني له أيضاً (حتة ليا وحتة ليا) على حسب قول الصغير.. استغرب الوالد جداً، وقال له «وبعدين»؟؟
ردّ الابن وقال:
«ولا حاجة.. ضربني بوجهه على إيدي، وسال دمه»..!
الحوار التمثيلي أكثر من رائع، بتفاصيله، ومداخلاته، وكوميديا سمير غانم واستهجاناته، والثبات الانفعالي لابنه المعتدي على أحد زملائه، لكن، الأبلغ شباب اليوتيوب كيف أسقطوا اللقطة التلفزيونية على ما يحدث اليوم في غزّة.
**
كالعادة، شردت على الطريق، وبدل أن أكون في الشيخ سعد، صرت في منطقة الـ ٨٦، شارع ضيق والسيارات على يمين ويسار الطريق بمحاذاة «سحارات» الخضرة والمارة و«الموتيرات» أيضاً، وفي منتصف «العجقة» كنت أنا، أسوق سيارتي لأزيد إسفلت وحفر الطريق بلةً.
لا أستطيع مجاراة السائقين، ولا يوجد دوار أو يمين مفتوح لأهرب إليه.. والزملاء في «السواقة» ساعدوني ما أمكن مع المارة لأمشي بضعة أميال بتؤدة، وسرعة سيارتي لا تتجاوز العشرين ميلاً.
ومع كل هذا الأسى المروريّ، لاحظت مشاجرةً غير عادلة بين اثنين من الصبية، الأكبر فيهما يقوم بحركة خنق للصغير، ويرفعه من رقبته إلى أعلى، تأثرت، ودعست على الفرامل، وصرخت في وجه الصبي، وزمور سيارتي انفعل بحركة يدي أيضاً، بمحاولة مني وتمنٍ بأن يترك المعتدي رقبة الصغير من بين يديه، فزاد الازدحام، وتعثرت مرةً أخرى.
وعلقت سيارتي بزاوية ميئوس منها، فما كان من الجمهور خلفي إلا أن قام بتشجيعي على السير وترك المشاجرة من دون أي التفات أو نخوة لفك الشجار أو مساعدة الصغير المشنوق من الرقبة، وسمعت الهتاف لشجاعتي، وحناجرهم تصدح: «قوّي قلبك.. برافو ..إنت قدا..»
لا أعلم كيف غاب عني مشهد الصبية، وتحمّست لهتاف عابر وكلام معسول لا يمتّ لواقع «سواقتي» بصلة .. وأكملت الطريق بكل همّة، ومن شدة التأثير كنت ربما دعست قطة، وكسرت ساق أحد المارة.. لكنني لحظتها، كنت غير مكترثة، فأنا بطلة الحلبة، والإنسانية بين مشهدين يمكن أن تخبو، وتصير بفعل الهتاف حرف علّة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار