المحرقة مستمرة وما تسميه وسائل الإعلام الغربية وبعض العربية ب( القصف) أو (الغارات) هو (المحرقة) في أبشع صورها، ومنذ اليوم التالي لانكسار وإذلال وهزيمة إسرائيل على يد طوفان الأقصى، واستمرار المحرقة لأكثر من ثلاثة أسابيع بأبشع وأعنف صورها، إلّا أنّ المقاومة ما زالت تطلق صواريخها التي تصل إلى تل أبيب، ورغم صمود المقاومين غير أنّ المذبحة تفتك بالشعب وتقتل الأطفال والشيوخ والناس العزل، والجريمة مازالت تتمادى في قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف والمناطق التي لجأ إليها الهاربون من المجبّة الإسرائيلية، حتى اضطر أمين عام الأمم المتحدة غوتيرش الصراخ في مجلس الأمن بأنّ (التاريخ سيحاسبنا كلنا…. والعار سيلبس الجميع)، وبكل وقاحة هاجمه وزير الخارجية العدو في الجلسة نفسها متناسياً أنّ “إسرائيل” التي توقد المحرقة (ستحرق يديها المجرمتين وستشوه بنارها وجهها القبيح)، لأن الكارثة التي تلحقها بشعبنا جريمة بشعة ستلاحق مرتكبيها والساكتين عنها والمقصرين في التصدي لها.
أغلبية وسائل الإعلام العربية تستخدم تعابير مضللة، فمثلاً يرددون وراء إسرائيل وأمريكا عبارة (الهجوم البري)، بينما هو (غزو بري) غزو عدواني مجرم ليس هجوماً فقط ولا توغل فحسب، ولا دخول عادي، إنه غزو موصوف، ولكنها مصطلحات العدو يعممها و يتلقفها البعض، إما جهلاً أو عمى أو انسياقاً، وعلى ذكر المصطلحات وأهميتها في تحديد السياسات والتوجهات، قامت الخارجية الأمريكية منذ اليوم الأول لمحرقة العدوان الإسرائيلي عقب طوفان الأقصى، و أصدرت تعميماً حظرت فيه استخدام عبارات (وقف إطلاق النار – وقف التصعيد – قصف المدنيين …)، وكرست الدوائر الأمريكية عبارات مثل: (إرهاب حماس– حماس هي داعش – حق إسرائيل بالدفاع عن النفس – لا يمكن القبول ببقاء المقاومة – لا يمكن الرجوع إلى ما قبل 7 تشرين – ما حدث في 7 تشرين أفظع مما فعلته داعش )!!، وكل ما حظرته الإدارة الأمريكية من مصطلحات، وكل ما كرسته من تعابير ليس إلّا تبنياً للسياسة الإسرائيلية المجرمة.. سياسة المحرقة.
ومن أهم ما يردده الإسرائيليون والأمريكان أن( العملية طويلة وقاسية.. ولن تنتهي إلا بتحقيق أهدافها) أي أن المجرم يعدنا باستمرار جريمته وإدامة محرقة شعبنا لمدى طويل….ألا يستحق هذا الإجرام الهمجي المهدد للعرب انطلاقاً من غزة، ألا يستحق رداً عربياً فاعلاً ؟؟ ألم يقل نتنياهو إنه (سيغير وجه الشرق الأوسط بما يقوم به) وهل تغيير وجه الشرق الأوسط إسرائيلياً يعني أمراً غير إخضاع المنطقة العربية بدولها وحكوماتها للسيطرة الإسرائيلية الأمريكية الصهيونية؟ الوقاحة الإسرائيلية الأمريكية فاقعة وفاضحة والتهديد للعرب بدا من غزة فاقع وواضح وفاضح ويحتاج لمواقف عربية منسقة وقوية ترد الخطر لا عن غزة فقط بل عن العرب كافة.
المحرقة الصهيونية في غزة مستمرة، والمقاومة صامدة، والشعب يعاني ويعيش الكارثة، وهو ينتظر موقفاً عربياً فاعلاً أكثر ومتناسباً مع الخطر المحدق بنا بشكل أجدى.