الخروف الأسود..!

يعقوب في مسلسل «ضبو الشناتي» قرر، وبعد تهديد من «شحاطة حماته» البحث عن وسيلة لجمع ما أمكن من نقود من أجل فدية لابنهم سلام المخطوف، وطبعاً اجتمعت العائلة على أسلوب واحد (الربح غير المشروع)، واختار يعقوب أن يكون لصاً يسرق بيت أقرب جار، والمفارقة تكمن بحق الإخوة« النشترية» جملة قالها يعقوب بعد معاناة وتأنيب ضمير لم تدم سوى سواد الليل:
«بدأت أشعر بلذة السرقة، وربما سأكررها»
هذه الجملة، حرّضتني على البحث عن خفايا اللصوصية، و«غوغل» ساعدني، ما إن كتبت مفردة «لصوصية» حتى ظهرت لي قصة «الخروف الأسود» للروائي والصحفي الإيطالي «إيتالو كالفينو».. والقصة باختصار تحكي عن بلدة لصوص لا مهنة ولا مصلحة في أيديهم سوى سرقة بعضهم، كل جار يقوم بسرقة جاره كل يوم، وهذه المعادلة الوظيفية، حققت ما أمكن من رفاهية مقبولة لكلّ الجيران، وهذه التشاركيّة أنشأت طبقةً واحدة وحيدة في البلدة، طبقة متوسطي الحال، إلى أن جاء رجل شريف، وسكن البلدة، وهدم الهرم الطبقي الوحيد في المدينة على بكرة أبيه، بسبب نزاهته وميثاق ضميره الذي أبى أن يصبح لصاً يسرق أحد الجيران، فهو مثل عقدة المنشار، لا يسرق، ولا يترك بيته يسرقه الجيران!!
الوضع لم يطمئن بقية اللصوص، واتفقوا عليه، وشدوا له أذنه، وأسمعوه كلمتين نابيتين وتحذيرين، وبعد هذه «العركة » استسلم الشريف لقبضة «قبضايات» الحي، وصار يترك منزله ليلاً، يسرح فيه اللصوص، وهو يتمشى على ضفة النهر القريب يستمتع بالطقس وخرير النهر وصوت الأشجار.
هذه الحركة الشريفة، ولّدت في الحي مستويات طبقية، لم تكن موجودة قبل وصول الغريب، وفعلته كانت كنخر السوس في سنديانة عميقة الجذور، وافرة الأغصان، وصار بسبب فعلته فقيراً معدماً، والجار الذي لم يسرقه أثرى ثراءً فاحشاً.. وهلم جرّا تكاثرت بيوت الفقراء وبيوت الأثرياء بسبب حلقة وحيدة فارغة، عنوانها الشرف والضمير الحي والإيثار.

ليكون بحق خروفاً أسود مختلفاً تماماً عن القطيع، ولو حاول السرقة ولو مرة واحدة لربما استساغ لذتها، كما فعل «يعقوب» في مسلسلنا السوري، فالربح غير المشروع له لذته، ومن ذاق طعمه مرة واحدة، سيغلف ضميره بخيش أبيض، ويدفنه على قارعة أقرب حي إيطالي، إلى أن تهديه إلى رشده «شحاطة» من «شحاحيط فيحاء» تكون سبب يقظة قطيع جماعي، أو ربما الأجدى في بعض الحالات أن تغضّ فيحاء الطرف كما فعلت يوم قبولها زواج ابنتها الصبية من رجل قادم من فضاء «الفيسبوك» ؛ لأن بعض التوقيت يحتاج غفوة، لينمو، ويعيش بعده قطيع الخراف البيضاء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الرئيس الأسد خلال استقباله وزير خارجية البحرين: ضرورة العمل المشترك لتحقيق الاستقرار في المنطقة خلال افتتاح مؤتمر بغداد الرابع للمياه.. مخلوف: التعاون المائي لم يعد خياراً بل أصبح ضرورة فرقة "غروب يوروم" التركية من حلب: نغني لفلسطين وندعم مقاومتها بوجه الإرهاب والإمبريالية وزير الزراعة يؤكد على تأمين البذار لتنفيذ الخطط الإنتاجية بأصناف ملائمة لكل منطقة وفق خارطة توزيع الأصناف علامات تحذيرية لمرض «خفي» يستغرق اكتشافه سنوات بعد زيادة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي الأرباح تفوق التوقعات ..غوغل ومايكروسوفت تؤكدان أن الاستثمارات الضخمة تتوافق مع المداخيل جديد هوكشتاين وبلينكن ومعركة رفح «المؤجلة».. نتنياهو إلى «الجنائية الدولية» وبكين على خط التوافق الوطني الفلسطيني الساحل عاد إلى مصاف أندية الدرجة الأولى والأسباب...! الحراك والاعتصامات الطلابية في الجامعات الأميركية توقيع مذكرة تفاهم بين «الصناعة» و«السياحة» لدعم الحرف التراثية