نتيجة المذبحة المستمرة، والنكبة المتوالدة الجارية في غزة، قامت في الأسبوع الماضي 30 مجموعة من الطلاب بجامعة هارفارد في أميركا بالتوقيع على رسالة مفتوحة ينتقدون فيها إسرائيل وعدوانها وهمجيتها ضد غزة وأهل غزة.. ومباشرة قامت جهات عديدة بنشر المعلومات الشخصية لكل من وقّع على هذه الرسالة المفتوحة ضد إسرائيل للتشهير بهم وشيطنتهم ومهاجمتهم لموقفهم الإنساني المتضامن مع الشعب الفلسطيني، وانتقادهم لإسرائيل وما تقوم به من العدوان على غزة.. وفوراً طلبت شركات في وول ستريت (مركز الأعمال) بقائمة بأسماء الطلاب الذين وقفوا ضد إسرائيل تمهيداً لوضعهم على القائمة السوداء للعمل ومنعهم من التوظيف عند تخرجهم.
تصوروا مجرد انتقاد العدوان الإسرائيلي عقوبته التشهير والمنع من العمل.. فأين هي حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي والتي عدّها الآباء المؤسسون أساساً من أسس بناء الدولة الأميركية؟ يبدو أن صهيونية البعض أهم وأكبر من الدستور، ولها الصوت الأقوى من صوت الآباء المؤسسين.. ثم إن عقوبة الحرمان من العمل بسبب موقف إنساني ألا تصيب حقوق الإنسان في الصميم؟ أين حقوق الإنسان التي تتشدق بها الإدارة الأميركية؟ أين حرية العمل؟ أين حقوق الإنسان في العمل؟ كيف يعاقب المرء على رأيه الإنساني أو السياسي؟ وكيف يُعاقب بالحرمان من حق ضمن حقوقه الأساسية وهو حق العمل؟
الإدارة الأميركية وكثير من المجتمع الأميركي، وحتى بعض القائمين على الجامعات وكذلك مراكز الأعمال والتوظيف، جميعهم صهاينة حتى لو لم يكونوا يهوداً أو إسرائيليين.. ألم يؤكد بايدن صهيونيته قائلاً: «ليس ضرورياً أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً»، وبالفعل هناك صهاينة من كل الأديان ومن كل القوميات، وجميعهم أعداء للحق والإنسان والحياة، وجميعهم شركاء في الجريمة المتمادية بحق الإنسان العربي الفلسطيني وحياته في غزة.
ما جرى مع مجموعات الطلاب في هارفارد، الذين عُوقبوا على انتقادهم إسرائيل لما ترتكبه في غزة، هو دليل على صهيونية وعنصرية وفاشية السياسة الأميركية ومن يسير في ركبها، وهي السياسة التي تُعاقب الإنسان على تعاطفه مع الإنسانية.
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات