«بيغال آرون» لن يمر

عملية « طوفان الأقصى» التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول الحالي، والتي لم يشهد لها مثيل في تاريخ الحروب في العالم، وقام بها فقط بضعة مقاومين بكفاءة عالية، أعطت دروساً في النضال، ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل في العالم أجمع.
ما جرى في عملية «طوفان الأقصى» لم يكن وليد المصادفة، ولم يكن رد فعل مباشر بلحظتها، بل كان نتيجة لما سببه كيان الاحتلال الغاصب ونزق مستوطنيه، للفلسطينيين من تحدٍّ واستفزاز. هذا التحدي والاستفزاز المستمر منذ نشأة هذا الكيان عام 1948 ولغاية الاعتداءات الأخيرة التي قامت بها قطعان المستوطنين على المقدسات الدينية لاستفزاز الفلسطينيين ودفعهم للقيام برد فعل على هذه التصرفات للقيام بعملية عسكرية إسرائيلية ضد المقاومة في غزة، ومن ثم «سحقها» للوصول إلى المخطط الصهيوني وهو ترحيل أهل غزة إلى سيناء في مصر، وفق ما يسمى مشروع «ييغال آرون»، وهذا شبح آخر لنكبة فلسطينية وعربية ثانية، وقد بات يلوح فى الأفق جراء العدوان الإسرائيلي المستمر ليلاً ونهاراً على غزة للانتقام من أهلها بعد عملية «طوفان الأقصى»، التى أذلت جيشها كما لم يحدث من قبل.
ومشروع «ييغال آرون» تم طرحه على مجلس الوزراء الصهيوني عام 1967 ونشرته صحيفة «إسرائيل هيوم»، حيث قالت: «إن وزارة الخارجية تطلب استئجار أرض من سيناء لفلسطين الجديدة»، وهذا ما أكده رئيس الجامعة العبرية هوشع بن هارييه في عام 2013، وخطته تنص على تمدد حدود غزة إلى مدينة رفح والشيخ زويد والعريش، وهو المشروع الحقيقي الذي يسوقه من جديد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كما قال هو نفسه.
ولكن كيف ستتم هذه العملية؟ سؤال يتبادر إلى ذهن أي متابع وعارف بهذا المشروع، والجواب عليه.
وفق مشرع «ييغال آرون» يقوم الكيان الصهيوني بتصعيد عمليات التقتيل والترويع لإجبار أكثر من مليوني فلسطيني على النزوح عن مساحة لا تتجاوز 365 كم2 وهو ما يمكن تسميته بـ«التهجير القسري» من قطاع غزة إلى جنوبها تمهيداً لتوطينهم فى سيناء، وذلك عن طريق، اقتحام القطاع بعملية عسكرية برية واسعة.
لكن العواقب ستكون كبيرة ولا يمكن أن تطيقها آلة الحرب الإسرائيلية، رغم دقة حساباتها بعد أن نالتها خسائر كبيرة خلال عملية «طوفان الأقصى» وربما يتطلب ذلك من «إسرائيل» زمناً طويلاً لإعادة هيبتها التي فقدتها، والأمر الثانى، يتجاوز هذه الحسابات إلى الاستهداف الإستراتيجي وإعادة طرح سيناريوهات «الوطن البديل» فى ظروف وحسابات جديدة.
ما زالت الحرب في بداياتها، وما زال قادة هذا الكيان السرطاني يحاولون توسيع هذه الحرب لتشمل الجوار أو القيام بحرب برية لاجتياح غزة وتنفيذ عملية التهجير القسري للفلسطينيين.
ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً الآن: سيناريو «التهجير القسري» إلى سيناء.. هل هو ممكن؟.. ثم هل يفضي إلى أي استقرار أو أمن للكيان الأسرائيلي؟ والإجابة عن السؤال بشقيه: مستحيل تماماً لا المصريون ولا الفلسطينيون ولا العالم العربى بأسره ولا أي دولة مؤثرة فى الإقليم يمكنها القبول بسيناريو كهذا، فغزة فلسطينية ولا يوجد فلسطيني واحد مستعد أن يتقبل تكرار النكبة الأولى باستعارة أوطان بديلة، وسيناء مصرية وستظل كذلك، وقد بذل المصريون فواتير دم وتضحيات هائلة من أجل تحريرها والحفاظ عليها، هذه مسألة أمن قومى خارج أي نقاش لا يملك أحد حق التفريط فيها، أو المساومة عليها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار