أوكرانيا و«الطوفان»

نظام كييف، بلا شك، أكثر من يندب ويلطم في هذه الأيام وهو يرى حلفاءه، الأميركيين والأوروبيين، يتقاطرون بأثقل ترسانتهم العسكرية إلى المنطقة لدعم الكيان الإسرائيلي، مُغدقين عليه ما يريد من الأموال، مُضافاً إليها الضغوط والتهديدات في سبيل «تأمين كل ما يحتاجه هذا الكيان لحماية نفسه» حسب المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم رئيسهم جو بايدن، فيما ستدخل الحرب الأوكرانية طي النسيان، ليأتي بعدها الأميركيون والأوروبيون ليعيرونه ويلومونه على فشلٍ هم مسؤولون عنه بالدرجة الأولى، وهو فشل لطالما كان مقصوداً باعتبار أن الهدف الأساسي كان تحريض نظام كييف واستخدامه ثم زجه في حرب مديدة مع روسيا، ليس من أجل الانتصار فيها بقدر ما هو الهدف محاصرة روسيا وتهديدها من أقرب النقاط، وإدامة هذه الحالة وتكريسها بما يمنعها من التقدم نحو صدارة عالم جديد يتشكل.
.. وهكذا وصولاً إلى أن أوكرانيا هي من باتت بمواجهة حرب مصيرية وجودية.
إعلامياً، يتحدثون عن حالة الذعر التي يَغرق فيها زيلينسكي، إحباطاً ويأساً، بسبب «طوفان الأقصى». لقد بات كل التركيز على «إسرائيل» وتحول هو إلى «ابن الزوج غير الضروري» الذي عليه أن ينتظر ليعود الدور، أدراجه، إليه، ولكن في ظل كل التوقعات التي تؤكد أن عملية «طوفان الأقصى» ستمتد بتداعيات إقليمية، فإن زيلينسكي سيبقى في حالة انتظار، وبغض النظر عن طول المدة أو قصرها، فإن كل يوم يمر وهو في حالة انتظار سيجعل بلاده عرضة لكل أنواع التهديدات الوجودية، وإذا كان نظام كييف يعتبر روسيا أكبر أعدائه كما يزعم، فإن الجوار الآخر- القريب جداً- لا يقل تهديداً وهو يترصّد ويتحيّن الوقت المناسب ليكون له حصة في أوكرانيا.. وعندما يحدث ذلك سيتأكد نظام كييف من هو العدو الحقيقي.
بالموازنة والمقارنة، وجد الأوروبيون أن الكيان الإسرائيلي أهم لهم من أوكرانيا وحربها التي وصلت إلى مرحلة التهديد الوجودي لهم، أيضاً أجلوا وضع أوكرانيا ونظامها وزيلينسكي وانقادوا عُمياً مرة أخرى، خصوصاً بريطانيا، وراء الولايات المتحدة الأميركية، ليَحموا «كيانها» الإرهابي، أي ليَحموا مصالحها المتمثلة في بقاء هذا الكيان واستمرار إرهابه ضد الفلسطينيين والمنطقة، شعوباً ودولاً.
وعليه فإن الدعم المالي والعسكري لن يستمر نظام زيلينسكي في الحصول عليه، وهو الذي ستصل قواته قريباً إلى المرحلة التي لا تستطيع فيها حتى الحفاظ على مواقعها، ومع ذلك فإن هذا الوضع – بات فجأة – لا يؤرق الأوروبيين الذي كانوا قبل أسبوع فقط من الآن يُقرعون زيلينسكي على فشله وعلى بطء «الهجوم المضاد»، ويملؤون الدنيا تهديداً لروسيا بأن حرب أوكرانيا لن تتوقف حتى تغير موسكو مواقفها 360 درجة حسب تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.
فعلياً، دخل النظام الأوكراني مرحلة التيه، يُلازم مكانه منذ بدء «طوفان الأقصى» وتقاطر الغرب إلى المنطقة لدعم الكيان الإسرائيلي بمواجهته.. ماذا يفعل؟.. لا يدري، وكيف يواجه مصيراً بات محتوماً؟.. لا يدري. ولماذا ارتضى منذ البداية أن يكون أداة ووسيلة؟.. لا يدري.
الأمر الوحيد المؤكد الذي يدريه هو أن عليه التراجع إلى الصفوف الخلفية.. ولكن إلى متى؟.. لا يدري، ويبدو أن المعادلة التي أطلقها طوفان الأقصى والتي تقول «ما بعد 7 تشرين الأول 2023 ليس كما قبله» تنطبق على أوكرانيا أيضاً.
الأيام المقبلة ستكون حالكة جداً على النظام الأوكراني.. ويبدو أننا سنكون أمام سقوطٍ مدوٍ، لن يستفيق منه الغرب إلا بعد فوات الأوان.. لننظر ونرَ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار