ما وراء المفاجأة

ثمة أمور كثيرة برزت بقوة، وحقائق كانت مخفيةً، توضحت بين سبتين، أحدهما عام 1973 والآخر عام 2023، وكلاهما اتسم بسمة رد الظلم والعدوان من قبل عدو غاصب غاشم، يسعى إلى البقاء وتثبيت وجوده من خلال إلغاء الآخر وتدميره وتهجيره واستلاب أرضه وحقه بالحياة، والعيش الحر الكريم.
منذ نشأة هذا الكيان عام 1948 كان يراهن قادته المجرمون على أمر واحد لبقائهم، وهو أن الجيل الحالي آنذاك سيموت، وأن الجيل القادم سينسى أرضه وموطنه ومقدساته، وقد أخطؤوا التقدير، واستمروا في طغيانهم، وكلما أمعنوا في القتل والاضطهاد ازداد الفلسطينيون تمسكاً بأرضهم وحقوقهم ومقدساتهم.
من الضروري أن يتفاجأ الصهاينة «بطوفان الأقصى» وأن يذهلوا من عظمة الإنجاز، وحجم الهزيمة، التي لحقت باستخباراتهم وقواتهم العسكرية وقطعان مستوطنيهم، وقد دأبوا خلال السنوات الماضية من احتلالهم على تدنيس ثالث الحرمين الشريفين، وانتهاك حرمته والتنكيل بقاصديه وقتلهم في باحاته.
تفاصيل كثيرة ستتضح بعد انجلاء غبار ودخان القصف الهستيري على قطاع غزة، والحقد غير المسبوق في تاريخ الحروب، بحيث يبدو انتهاك القوانين الإنسانية خلال الحروب أمراً مستوراً، لدى كل الأطراف المتحاربة، إلّا عند قادة الكيان الصهيوني، الذين صرّحوا علناً بأنهم سيقطعون الماء والكهرباء والغذاء والدواء، وكل أسباب الحياة عن أهالي غزة، – وقد فعلوا – ليدفعوهم إلى الهجرة، بعد أن حوّلوا منازلهم إلى ركام بمباركة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الكاذبين والمنافقين بشعاراتهم حول حقوق الإنسان، وقد تبين أنهم يستخدمونها فقط لتحقيق مصالحهم ومآربهم ولاستهداف من يرفضون السير في ركابهم.
حقيقةً، إن ما وراء المفاجأة أموراً ثابتة و راسخة، وقد مهرتها دماء الشهداء، وأكدتها بقايا المنازل والجوامع والمستشفيات، ومنها أن الشعب الفلسطيني ومعه الأحرار من الشعوب العربية والإسلامية، لن ينسوا حقوقهم ومقدساتهم، ولن يستكينوا للظلم والعدوان، مهما تكبر وتجبر، ولن يرحلوا عن أرضهم مرة ثانية، ولن يُهزموا في الميدان، فإما أن يستشهدوا، وإما أن ينتصروا، وفي كلاهما مفخرة وعلو شأن، فالحق مهما تأخر، لابدّ أن يعود لأصحابه.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار