الطوفان الجارف

يعدّ الإخفاق الأمني والاستخباراتي الإسرائيلي، هو المرحلة الأولى أمام عملية «طوفان الأقصى»، حيث استطاعت المقاومة الفلسطينية في غزة وعن جدارة تحقيق الانتصار الكبير في المعركة، عندما تمكنت من ضرب كل النظريات الأمنية لهذا الكيان المؤلفة من: الردع والإنذار والدفاع والحسم.
وعلى الرغم من كل الصعوبات والحصار المطبق فقد استطاعت المقاومة، تأمين إحاطة كل مراحل العملية، من التخطيط والتحضير والتدريب والتنفيذ، بستار كبير من التمويه والسرية، لتتمكن من مفاجأة «إسرائيل، وعليه فقد سيطر أبطال المقاومة على ما يزيد على 700 كلم مربع من المستوطنات حتى باتت المسافة تفصلهم عن حدود الضفه الغربية بالعمق الفلسطيني لا تتجاوز الـ 10 كم، فقتلوا وأسروا آلاف الصهاينة، في معركة لا تشبه مثيلاتها من ذي قبل تخللها تضليل للعدو وتمويهٌ، إذ دفعت فصائل المقاومة بتعزيزات إلى داخل نقاط الاشتباك وقامت بالتبديل بين عناصرها واستمرت بالقيام بعمليات هجومية ضد المواقع الإسرائيلية المتبقية بهدف الاستيلاء عليها وتعزيز السيطرة على المناطق المحررة والتثبيت فيها وعدم الانسحاب منها.
وهكذا فقد استطاعت معركة «طوفان الأقصى» جرف جيش الاحتلال وشلّ حركته وعرقلة كل خططه، نتيجة تأثير الصدمة، خاصة بعد أسر وقتل مجموعة من ضباطه وقادته، وقد ظهر الارتباك بشكل واضح في أداء الوحدات المقاتلة، نتيجة الفشل الذريع في توقع الهجوم الواسع الذي شنته المقاومة، ما سمح لعناصرها بالتوغل والسيطرة على معابر حدودية وقواعد عسكرية ومستوطنات في العمق الإسرائيلي، فوجدت قوات الاحتلال نفسها بلا معلومات استخباراتية، كما أنها تعمل وفق تقديرات خاطئة.
وهكذا عاش المستوطنون والعسكريون وجهاز الأمن والسياسيون في الكيان، كارثة أمنية حقيقة سيكون ما بعدها بالتأكيد غير ما قبلها، هذا إذا بقيت هذه الغدة السرطانية ولم يتم استئصالها.
إن كل ما يملكه هذا الجيش المغتصب من «قدرات» فائقة وقوة عسكرية ومصانع لصناعة الأسلحة وأجهزة للتجسس و طائرات الاستطلاع، كله فشل أمام المقاومة التي امتلكت قدرات كبيرة بعد أن طورت من إمكاناتها الهجومية، واستطاعت اختراق هذه منظومة المراقبة المزودة بكميرات مراقبة وحراسة مشدده، كما فشلت قبتها الحديدية في صدِّ صورايخ المقاومة التي نزلت على المستوطنات كالمطر .
لقد استطاع المقاومون بخبراتهم الذاتية أن يضربوا صورة «الجيش الذي لا يقهر»، الذي سوق له هذا الكيان على أنه الجيش الأقوى، عسكرياً واستخباراتياً، لتلحق به فشلاً ذريعاً بعد أن تمت السيطرة على مراكز قياداته ومواقعه، ما عكس حجم الخلل والثغرات التي يعانيها لا سيما أعلى المستوى الاستخباراتي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار