ملف «تشرين».. طوفان مقاوم غير مسبوق يؤكد وحدة الساحات.. ويطوي إلى غير رجعة أسطورة التفوق والغطرسة الإسرائيلية
تشرين- شوكت أبو فخر :
إنه أشبه بالحلم الذي انتظرناه طويلاً .كان من الصعب الاستيقاظ في كيان الاحتلال يوم السابع من تشرين الأول، في مواجهة حقيقة مفادها أن جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يتبجح، والذي يستعرض عضلاته ضد الفلسطينيين العزل خلال السنوات الماضية، بات أوهى من بيت العنكبوت.
ساعات قليلة بين مجزرة الإرهاب والغدر والإجرام في الكلية الحربية في حمص، وبين طوفان فلسطيني نوعي طوى إلى غير رجعة أسطورة التفوق والغطرسة الإسرائيلية.
ساعات قليلة بين لحظات الحزن، وأنباء المقاومة في فلسطين، أي في البوصلة العربية، ليكتب التاريخ، أن هذا الطوفان ليس كما قبله، وأن ما قبل مجزرة الكلية الحربية ليس كما بعدها. ساحات المقاومة واحدة، وكل نصر على الإرهاب هو نصر على الاحتلال لترابط أهداف الطرفين، هذا ما أكدت عليه شخصيات وقوى فلسطينية وسورية في تصريحات لـ(تشرين).
حيث رأت أن العمليات البطولية التي سطرها مقاومون فلسطينيون جاءت رداً مشروعاً على جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وأسراه، بل ذهبت هذه الشخصيات في رؤيتها إلى أبعد من ذلك حينما اعتبرت أن كل قطرة دم سقطت في الكلية الحربية بحمص، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى الرغم من الألم الكبير الذي حملته معها، فإنها ستزيدنا قوةً وتماسكاً وإصراراً على استكمال النصر وتكامل ساحات المقاومة.
عبد الهادي: رد على إجرام العدو
وقد اعتبر السفير أنور عبد الهادي مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، أن هذه المعركة البطولية، جاءت رداً على الحرب الإجرامية التي شنها الاحتلال ومستوطنوه على أبناء شعبنا في القدس والضفة الغربية وغزة، أمام صمت دولي مريب، حيث أطلقت حكومة نتنياهو وبن غفير العنان للمستوطنين الفاشيين للإمعان قتلاً بحق أبناء شعبنا الأعزل ومقدساته وأسراه في سجون الاحتلال.
وشدد عبد الهادي على حق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن نفسه، مجدداً التأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة الأطراف على الساحة الفلسطينية، وتعميق التلاحم في هذه المعركة البطولية، للدفاع عن الشعب الفلسطيني في كل المدن والبلدات أمام هجمات الاحتلال ومستوطنيه.
لقد اقتحم المقاومون لأول مرة المستوطنات الصهيونية وانتشروا بداخلها، وقتلوا عدداً من جنود العدو وأسروا عدداً آخر، كما تم الاستيلاء على آليات لجيش العدو.
لقد جاء الرد الأقوى على مجزرة حمص في فلسطين، الاحتلال ومن وراءه خلف البحار، هم المنفذون الحقيقيون لها.
وحدها فلسطين تُجلّي الصورة التي لا لبس فيها، والتوجه نحوها هو من سينهي الكارثة العربية الكبرى، والباقي تحصيل حاصل، إنها الفرصة الكبرى لتغيير وجه المنطقة بأكملها، فالجبهات جميعاً قد تُفتح.
الأسعد: طوفان مقاوم غير مسبوق
بدورها الدكتورة هالة الأسعد أمين عام جامعة الأمة العربية قالت إن أذناب وأتباع الصهاينة قاموا بعمل إجرامي استباقي، حين نفذوا جريمتهم الشنيعة في الكلية الحربية بحمص، مضيفة، ربما علمت استخبارات العدو أن هناك تحركاً مقاوماً ما سيكون في فلسطين المحتلة، لذلك قاموا بجريمتهم النكراء التي أتت بمفاعيلها المعاكسة لما يتوقعون، وكانت عمليات المقاومة طوفاناً مقاوماً غير مسبوق.
وتابعت الأسعد: يجب ألا ننسى أن معاقل الإرهاب تدك بأقدام الجيش العربي السوري والحلفاء. ورأت أنه من الواضح أن قواعد اللعبة تغيّرت بشكل جذري، حيث إن الخسائر العسكرية والنفسية والمعنوية قد خلخلت كيان الاحتلال بعد هذا الطوفان المقاوم، وسيكون هناك جديد حسب تغيير موازين القوة والقوى، ولا شيء يبدو واضحاً إلا أننا في مرحلة نصر على الصهاينة والأمريكيين وأذنابهم، وقد كان ثمن السيادة والنصر والانتصار دماً غالياً لا يقدر بثمن، لكنه حمى الوطن والأمة.
وختمت بالقول: إن التاريخ سوف يسجل هذا النصر، ويسجل أن بيننا رجالاً عاهدوا الله على أن يحموا الأرض والعرض، ويكتبوا عزة الأمة بدماء عزيزة غالية.
مرعي: ترافق طوفان الأقصى مع رد الجيش العربي السوري
بدوره رأى المحامي محمود مرعي أمين عام الجبهة الديمقراطية السورية أن عمليات طوفان الأقصى البطولية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في داخل مستوطنات غلاف غزة، تأتي مترافقة مع رد الجيش العربي السوري البطل على جريمة الإرهاب الأمريكي في الكلية الحربية بحمص أثناء احتفال تخريج دورة للضباط، تجاوباً مع شعار وحدة المعركة.
معتبراً أن هذه الجريمة وكل الأعمال الإرهابية تتطلب رداً من محور المقاومة بكافة أطرافه استجابة للمطالب الشعبية العربية تحت العنوان نفسه.
وحيّا مرعي منفذي عمليات طوفان الأقصى من أبطال المقاومة، ورأى أن هذه العمليات شهدت تحولاً واضحاً في القدرات والإمكانات المتصاعدة للمقاومة، حيث أسقطت نظرية تفوق العدو، وعززت اليقين بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر وإقامة دولتها المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما تفضح هذه العمليات البطولية في الوقت نفسه ما سمّي باتفاقات «السلام والتطبيع» بعجزها عن تحقيق الحد الأدنى من السلام، ما يؤكد مرة أخرى أهمية رص الصفوف، وتوحيد الجهود، بين كل التيارات والقوى والفعاليات المؤمنة بخيار المقاومة.
كريدي: فعل محور المقاومة
من جانبها اعتبرت الكاتبة والباحثة السياسية ميس كريدي عضو اللجنة الدستورية السورية أن ما يحصل اليوم من انتصارات، على صعيد الداخل الفلسطيني، لا شك أنه نتيجة الثبات على المبدأ والإيمان بالقضية، وقالت: هذا فعل محور، وهذا المحور لن يسمح لأحد بالتدخل في شؤونه، أو محاولة زعزعة وحدته، كما أن هذا الانتصار هو حصيلة عمل حثيث، فالمتغيّرات العالمية تتبعها حركة وعي، وبالتالي هناك تغيير في المعادلات الأساسية والتكتيك، وفي أدوات الحرب وتطوير بنية المعركة، بما أنه أصبحنا بحجم هذا الطغيان العالمي علينا، لا بد إذاً من تطوير الأدوات وتوحيد ساحات المعركة.
وأضافت كريدي: لقد اختاروا أن يستغلوا ويستثمروا في الإرهاب ضد سورية، فقد اتفق المحور وأدى أداءً عالي المستوى مع الارتقاء في أدوات التطور الحداثية وفي أساليب المعركة.
كما رأت كريدي أنه من الطبيعي أن نجد توحيداً لساحات المعركة، وأن نجد المبادرة، فهذا أوان الرد في التوقيت والمكان من الداخل الفلسطيني لشراكة محور كامل.
وشددت عضو اللجنة الدستورية على أن مجزرة الكلية الحربية في حمص كانت تحتاج إلى رد قاصم وقوي ومركّز، وبالتالي هذا عزاء للدماء الطاهرة التي ذهبت من جراء الإرهاب والغدر.
وختمت: تطوير أساليب المعركة، وحصيلة هذه المعركة هما ثمرة جهد كبير وصبر، فقد كنا نتعرض للعدوان، لكننا نطور مع حلفائنا وشركائنا في القضية والمحور كل الأساليب والأدوات، ومن الواضح والمؤكد أنه ثمة تطور في الأدوات والأساليب واستخدام التكنولوجيا على مستوى المعركة وما تحتاجه.
اليوم لا خلاف بين المراقبين في كيان الاحتلال على أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي ومخابراته فشلا فشلاً ذريعاً في توقع طوفان الأقصى، فضلاً عن عجز قوات الاحتلال عن تأمين «الحدود» ما سمح للمقاومة الفلسطينية بالتوغل والسيطرة على معابر وقواعد عسكرية ومستوطنات في عمق الكيان، لكن ما لم يعلنه هؤلاء المراقبين هو التكتيك والمباغتة والأدوات، فهذا سيكون بالنسبة لهم بمثابة الصدمة الكبيرة لما يملكه محور المقاومة والأيام القادمة ستكون حبلى بالتحليلات لاستخلاص الدروس التي أملتها المقاومة على الاحتلال.
اقرأ أيضاً:
ملف «تشرين».. طوفانٌ وثأرٌ.. وذكرى ثالوث يدق الساعة ويحدد المسار والمصير