ملف «تشرين».. التاريخ.. عندما تكتبه سورية
تشرين- أمين الدريوسي:
تحلّ غداً الذكرى السنوية الخمسون لحرب الكرامة حرب تشرين التحريرية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، هذا اليوم المجيد الذي سيظل على مدى التاريخ يوم الشرف والعزة والكرامة للشعب العربي بشكل عام ولسورية وشعبها بشكل خاص، لما مثلته هذه الحرب من لحظات فارقة في تاريخ المنطقة، بالنظر إلى ما وعدت به عربياً، وكان كبيراً، وما أحدثته لدى الكيان الإسرائيلي، فكان كارثياً.
بعد عقود من التفكير والإجهاد في التفكير والغرق في الفشل، كان الاعتقاد بأن العرب لا يمكنهم أن يقوموا بحرب ضد «إسرائيل»، رغم أن العداء لها كان واضحاً وقوياً، إلا أن تحويله إلى فعل سياسي-عسكري كانت دونه صعوبات كبيرة، فكانت الصدمة لدى «إسرئيل»، وحتى لدى بعض العرب أنفسهم، من إعلان الحرب، فقد كان ذلك من الأمور التي يستحيل التفكير فيها وخاصة بعد صدمة حرب حزيران 1967، أو نكسة حزيران.
ومع اندلاع الشرارة الأولى للحرب لم يكن ينقص جيشنا لا الرجال ولا العزيمة ولا الإرادة، فقد تمكنوا من تحقيق الانتصارات، وبفضلهم كسرت هذه الحرب بالفعل أساطير عديدة، ليست فقط أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»، وإنما أسطورة أن العرب غير قادرين على خوض حرب، وأنهم «ظاهرة صوتية»، وأمة «أقوال لا أفعال»، وأن الاختراق الغربي والعالمي للمنطقة وضع حدوداً وسقوفاً للسياسات فيها، بما في ذلك الحروب، ولن يسمح للعرب وغيرهم بأن يفعلوا شيئاً ضد «إسرائيل».
غير أن نقطة القوة في الحرب كانت هي نفسها نقطة التهديد أو الخطر، إذ إن تجربة الحرب نبّهت «إسرائيل» وحلفاءها إلى ضرورة «احتواء» أي إمكانية لقيام أي حرب أخرى ضدها، ويمكن وضع الكثير من الصراعات والنزاعات الداخلية والبينية في هذا السياق، أي إيجاد حروب بديلة تشغل المنطقة عما يجب أن تنشغل به حقاً، كما هي الحال في «العراق واليمن ولا ننسى لبنان وما عاناه من هول الحرب مع الكيان، وسورية أيضاً. وهنا لابد من المقارنة لوضع النقاط على حروفها، ففي الوقت الذي يقرأ العالم فيه عن ملحمة تشرين، نستذكر بالمقابل الإرهابيين ممن كانوا يطلقون على أنفسهم «المعارضة» في سورية كيف حاربوا الدولة السورية، وذهبوا للاستشفاء في مشافي «إسرائيل»، وتلقّوا أسلحة ودعماً متعدد الأشكال منها، وأعلنوا أن حربهم ليست مع «إسرائيل» ولن تكون معها.
عندما نتحدث عن حرب تشرين وإنجازاتها الكبيرة، لا يكفي أن نتذكر، ولا أن نُراجع الأرشيف، ولا أن نقارب اللحظة الراهنة بمثال أو منوال سابق، وإنما يجب الانتقال من إيديولوجيا الحرب إلى معرفة الحرب، فمعنى حرب تشرين «لا يفسره ما بعده»، وإلا فإن ذلك يثبت ما حاولت «إسرائيل» وحلفاؤها القيام به، وهو أن الحرب كانت قراراً خاطئاً أو مغامرةً، هذا ما يحاوله أيضاً حلفاؤها الجدد المتورطون في الأزمة السورية.
ختاماً، سيبقى يوم السادس من تشرين المجيد من الذكريات المضيئة والخالدة في ذاكرة كل عربى كنموذج للنصر والفخر والعزة، إذ تعدّ هذه الحرب من الحروب التي سيبقى التاريخ يتحدث عنها لفترة طويلة لكونها كانت ملحمة عسكرية متكاملة الأركان، وفرضت نفسها على كل وسائل الإعلام الدولية عامة والأميركية خاصة رغم انحياز واشنطن الواضح لـ«إسرائيل»، لكن الانحياز لم يتحمل هول صدمة المفاجأة، فتصدّر نصر تشرين عناوين مختلف وسائل الإعلام، كما علّق العديد من قادة العالم على الحرب، وتبارى الأدباء فى تسجيل مراحل الحرب المختلفة ونتائجها وكواليسها.
اقرأ أيضاً: