بحر تغرق فيه المفاهيم.. ما بين التنمية والتجارة هل أصبح القرض الزراعي عبئاً إضافياً يثقل كاهل المزارعين ؟!
تشرين – رشا عيسى:
تحولت القروض الزراعية إلى عبء إضافي على المزارعين المقترضين وخاصة أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يشكلون النسبة الأكبر من المزارعين، مع ارتفاع نسبة الفائدة على القروض الممنوحة ما أوجد تناقضاً مع مفهوم التنمية الذي تحمله المصارف الزراعية، بينما لا يمكن إغفال أن هذه المصارف بحاجة إلى الربح أيضاً وفقاً لقوانين المصارف وآلية عملها، في حين بات من الإنصاف ربما إسناد هذه المهمة إلى (صنادق تنموية) أخرى تتبع قواعد مختلفة في العمل وتحقق الغرض المطلوب منها، ليدور السؤال اليوم حول ما هي الحلول الأفضل بالنسبة للقطاع الزراعي للحصول على الدعم في ظل موجة الغلاء الحالية وتوقف قسم من المزارعين عن الزراعة بسبب غلاء مستلزمات الانتاج؟.
وأبرز الإجابات كانت حول أهمية ربط عملية تقديم القروض بمواعيد الحاجة إليها، وربط تحصيلها بمواعيد جني المحاصيل الزراعية، وتقديم هذه القروض بشكل عيني وخاصة فيما يتعلق بالأسمدة وأعلاف الحيوانات، والبذار والغراس المحسنة، وإعفاء المشاريع الزراعية في المرحلة التأسيسية من الفوائد على القروض.
ارتفاع كبير في التكاليف
الدكتور مجد نعامة ” المدرس في كلية الهندسة الزراعية بجامعة تشرين ” أكد أنه في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي من مستلزمات الإنتاج كالأسمدة ومواد المكافحة وأعلاف الحيوانات بالإضافة إلى أجور العمليات الزراعية وخاصة عمليات الحراثة وجني المحاصيل، وارتفاع تكاليف تربية الحيوانات وخاصة فيما يتعلق بالرعاية البيطرية للحيوانات الزراعية والتي تفوق قدرة المزارعين وخاصة أصحاب الحيازات الصغيرة، لذلك يلجأ المزارعون للحصول على القروض لتمويل مشاريعهم الزراعية المختلفة، وضمن توجهات الدولة لدعم القطاع الزراعي ودفع عجلة التنمية الزراعية يتم منح المزارعين القروض عن طريق المصرف الزراعي التعاوني بأنواعها المختلفة (قصيرة، متوسطة، طويلة الأجل).
فوائد كبيرة على «طويلة الأجل»
وأوضح نعامة لـ( تشرين) أنه في ظل ارتفاع تكاليف الحصول على القروض وخاصة في الآونة الأخيرة حيث تم رفع نسبة الفائدة على القروض الزراعية لتصل إلى 13 % للقروض قصيرة الأجل و 16% بالنسبة للقروض طويلة الأجل، وذلك لتغطية نفقات تحصيل القروض، مضافاً إليها هامش ربح معين للاستمرار في عمل المصرف في ظل التضخم المالي المتسارع، أدى ذلك إلى عزوف الكثير من المزارعين عن الاقتراض، لا سيما أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يشكلون النسبة الأكبر من المزارعين، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة المخاطرة نتيجة تأثر الإنتاج الزراعي بالظروف الاقتصادية كتقلبات الأسعار والظروف المناخية كالكوارث الطبيعية.
إجراءات ضرورية
ويوضح نعامة أنه وفي ظل المرحلة الحالية والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد لابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة للاستمرار في دعم المشاريع الزراعية وتشجيع الاستثمار فيها، عن طريق: تقديم القروض للمزارعين بشكل عيني وخاصة فيما يتعلق بالأسمدة وأعلاف الحيوانات، والبذار والغراس المحسنة، و إعفاء المشاريع الزراعية في المرحلة التأسيسية (المرحلة ما قبل الإنتاج) من الفوائد على القروض، وإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الزراعية المزمع إقراضها، وربط نسبة الفائدة بنسبة الربح لكل مشروع، وربط عملية تقديم القروض بمواعيد الحاجة إليها، وربط تحصيلها بمواعيد جني المحاصيل الزراعية، إضافة إلى التعاون بين المصرف الزراعي والوحدات الإرشادية لتقديم المشورة اللازمة للمزارعين فيما يتعلق باستخدام مستلزمات الإنتاج والكميات المثلى لوحدة المساحة ولكل وحدة حيوانية، فضلا عن تشجيع إقامة الجمعيات التعاونية والاتحادات الزراعية للاستفادة من مزايا اقتصاديات الحجم وتخفيض التكاليف، وتشكيل لجان مراقبة من المصرف الزراعي والوحدات الإرشادية والمزارعين تكون مهمتها التأكد من تحقيق الغاية المرجوة من القروض الزراعية وبأنها صرفت في الغايات التي وضعت من أجلها، وإقامة جمعيات تعاونية تسويقية مهمتها تسويق المحاصيل الزراعية بأسعار تناسب المزارعين وتخفف من استغلال التجار لهم، و إحداث صندوق الوقاية من المخاطر والتأمينات الزراعية لتعويض المزارعين عن مختلف الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية، والاستفادة من المنح التي تقدمها المنظمات الدولية لدعم المشاريع الزراعية كمنظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO).