الرئيس الأسد في الصين…. سورية حجر أساس في «الحزام والطريق»
تشرين – وائل الأمين:
يبدو أن تحركات سورية على الصعيد الدبلوماسي في الفترة الأخيرة استطاعت تحدي الهيمنة الأمريكية في الكثير من المحطات، ولا سيما أن زيارة السيد الرئيس الأسد إلى الصين كانت آخر الصفعات التي توجهها دمشق للقوانين التي تفرضها الحكومات الغربية من أجل إطباق الحصار السياسي والاقتصادي على الشعب السوري، فكيف ستسهم هذه الزيارة في تحسين الوضع الاقتصادي في الداخل السوري، وما هي القطاعات المستهدفة؟
كل هذه الأسئلة تدور في ذهن كل المواطنين السوريين، ولكن أولاً يجب أن نوضح قوة هذه الزيارة داخلياً وخارجياً، فالكثير من الرسائل كانت قد وصلت إلى من يريدون تفكيك سورية، اولى هذه الرسائل المهمة هي عدم الاكتراث لما تحاول أمريكا والكيان الإسرائيلي من إشعال حرب لتمرير مشروعهما في الجنوب والشرق السوري، وهذه رسالة مفادها أن الدولة السورية قوية لدرجة أنها لا تبالي بالمشروع الذي أفشله الشعب مع الجيش العربي السوري الذي قاتل على مدى اثني عشر عاماً وما زال، وإيماناً من الدولة السورية وقيادتها بأن المشروع الأمريكي قد فشل على يد أبطال هذه الدولة وما يحصل الآن ما هو إلا محاولة لكسب المزيد من الوقت لسرقة مقدرات الشعب السوري في الشرق حيث قواعد الاحتلال الأمريكي.
أما خارجياً، فرفع مستوى الشراكة إلى استراتيجية بين دمشق وبكين يعني أن سورية لاعب أساسي في مشروع الحزام والطريق الصيني، الأمر الذي يجعل أمريكا تتخبط من هذه الزيارة، فدخول الصين إلى شرق المتوسط من بوابة سورية يضيف العرقلة الأخيرة في وجه مشروع أمريكا الهادف للتقسيم، أمريكا التي دمرت البنية التحتية والخدمات الأساسية في سورية عبر أجندتها، ستأتي الصين لترميم هذه الخدمات ولعل أهمها الكهرباء التي تعاني سورية من نقص حاد فيها، فالوقود اللازم لتشغيل المحطات تسرقه واشنطن وجماعات موالية لها في شرق سورية، والصين تمتلك خبرة طويلة في بناء المحطات وصيانتها، وحسب المصادر فإن ملف الكهرباء أخذ حيزاً واسعاً من زيارة الأسد إلى الصين، وكذلك الأمر الطرق والجسور، فالصين تولي اهتماماً كبيراً لشبكة الطرق وسكك حديد في سورية، حيث إنها تشكل حجر الأساس لمبادرة الحزام والطريق، وأعتقد أن بناء سكة حديد وصيانة الطرق المؤدية من الحدود السورية – العراقية إلى البحر المتوسط هي في مقدمات الأمور بالنسبة للصين، فمشروع الصين سيأتي من العراق لسورية وبالتالي فإن أمام دمشق تحديا كبيرا يكمن في طرد المحتل الأمريكي من الشرق وبسط السيطرة على كامل الجغرافيا السورية وهذا هو أساس الاستثمار والتنمية، لأن الأمن والأمان والاستقرار هي أهم عامل في مشروع الحزام والطريق.
التعاون بين الصين وسورية أخذ طابعاً استراتيجياً في هذه الزيارة، فالصين تنظر لسورية بوابة نحو البحر المتوسط عبر موانئ طرطوس واللاذقية، وهذا يعني أن مبادرة الصين ستكون أقرب لأوروبا وإفريقيا، أما سورية فترى في الصين حليفاً اقتصادياً كبيراً لها قادرا على إعمار ما دمره الإرهاب ولها باع طويل في هذه المشاريع، وكذلك تعد الصين أحد أهم أقطاب العالم في ظل عالم يتشكل من جديد.
كل الشعب السوري ينتظر أن تتم ترجمة الزيارة على أرض الواقع، ويمكن القول إن الصين عازمة على ذلك من أجل هدفين، الأول يكمن في استفزاز الولايات المتحدة الأمريكية وقوانينها أحادية الجانب، وكسر قانون قيصر الذي أهلك الاقتصاد السوري، والثاني هو فتح طريق لعالم متعدد الأقطاب، فبكين تدرك تماماً أن الحرب على سورية كانت بداية تشكل أقطاب عالمية جديدة في حين أن حرب الروس ضد النازيين الجدد في أوكرانيا كان بداية هذا العالم الجديد، ولذلك يمكن القول إن الصين تريد أن تثبت للعالم أنها قادرة على القيادة خصوصاً بعد نجاحها في المصالحة السعودية – الإيرانية، الأمر الذي جعلها تتصدر المشهد في الآونة الأخيرة على أنها شريك فاعل للأمة العربية، على عكس أمريكا التي كانت دائماً تحاول تصوير مشكلات العرب على أنه لا يمكن حلها وأنها غير مهتمة بهذه المشكلات أساساً.
يبدو أن سورية تخطو نحو انفراجات كبيرة في الاقتصاد والمصارف وإعادة الإعمار التي باتت قاب قوسين أو أدنى، ستعيد ما دمره الإرهاب من البوابة الصينية، خصوصاً أن سورية دائماً ما تقول إن أولوية إعادة الإعمار للدول الحلفاء، وهذا ما يعكس قوة هذا التحالف بين سورية وحلفائها والمستقبل القريب سيكشف الكثير.