سجالات اقتصادية حول خيارات الخروج من مأزق الاقتصاد.. قراءة لأبعاد القرارات الحكومية بتوقيع مختصين

تشرين- بارعة جمعة:

لاتزال ضبابية المشهد ترافق كل اتجاه حكومي مشروط بقرارات وآليات وصفها البعض بالخصخصة، لما تحمله من أفق جديد في إشراك القطاع الخاص بعملية التمويل ضمن صيغة شركات الصرافة، التي لم تكتفِ بمخالفة القانون القائم بشكل رئيس على منع التداول بالقطع الأجنبي، بل تجاوزته باستثمار الحوالات التي تصل للبلاد وفق خطة استثماره لتمويل المستوردات … رؤى لم تكن بعيدة عن الواقع، بل حصيلة تجارب عمل واقعية قدمها كل من الصناعيين والتجار والأكاديميين في محاضرة نظمتها جمعية أصدقاء دمشق وقدمتها الدكتورة رشا سيروب بإدارة وحوار رئيس مجلس إدارة الجمعية مازن حمور في مركز ثقافي أبو رمانة بدمشق.

الطلب على القطع الأجنبي أكثر من المعروض كما أن المستوردات أكبر بكثير من الصادرات

اختلال التوازن

الطلب على القطع أكبر بكثير من المعروض، كما أن المستوردات أكبر بكثير من الصادرات، لذا فمن الصعب طرح آليات بعيداً عن سياق الاقتصاد الكلي، لأنها ستكون غير مجدية، رؤية لخصت من خلالها الدكتورة رشا سيروب ما يواجه الاقتصاد المحلي من عقبات، لازمته منذ إنشاء المنصة، العائق الأكبر بوجه قيام أي عمل برأي أغلبية التجار والصناعيين، ممن وصفتهم الدكتورة سيروب بالأعلى صوتاً في خضم معركة المواطن اليومية مع اقتصاده المُنهك.
ننطلق بالاقتصاد لتوفير السلع غير المتوافرة عبر الاستيراد، لكن بالمقابل هناك سلع يمكن إنتاجها محلياً، والأمثلة كثيرة.. لذا فمن الطبيعي – والحديث للدكتورة سيروب – أن تتوافق صيغة ترشيد المستوردات بتوفير الأكثر ضرورة مع طرق استهلاكنا في واقع الحرب، هنا تكمن الإشكالية في طرح الموضوع، وسط شح المعلومات، إلى جانب القرارات التي تعيق العمل أكثر من العقوبات الخارجية.
لصدور القرار رقم 1070 لعام 2021 بإحداث المنصة، ومن ثم تحميلها عدم وجود الكثير من السلع لحين صدور القرار رقم 1130 الذي وضح النقاط التي يعانيها التاجر أوجد فجوة كبيرة بالعمل، واستمراراً لمشهد الارتفاع بالأسعار، وبعد 12 عاماً من الحرب، نتباهى اليوم بتوافر السلع بالسوق واعتبارها نقطة امتياز لنا برأي سيروب، هنا فقط علينا الوقوف والتدقيق أكثر، فالجميع يتذمر من القرارات التي نعاني جميعاً (مواطن وحكومة ومصارف) من مشكلة كبيرة بطريقة صياغتها، بالانطلاق من فكرة المستوردات بعيداً عن تأثيرها على جوهر الاقتصاد ككل.

د. سيروب: أي قرار غير محسوب النتائج يؤدي إلى كوارث.. وهو ما ترجمه ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي من مجمل الناتج المحلي

أي قرار غير محسوب النتائج يؤدي للكوارث، وهو ما بدا واضحاً في ارتفاع نسبة الإنفاق الاستهلاكي قرابة 140% من مجمل الناتج المحلي، والذي مرده وفق الدكتورة سيروب لانخفاض الناتج المحلي بنسبة 50%، عدا عن كون 70% من مستوردات القطاع الخاص هي لمواد أولية وليست مصنعة بالكامل، كما أن سورية لم تخضع للحرب مرة واحدة بل مرات عدة، ويأتي قانون قيصر بمثابة دمج للعقوبات السابقة، التي تنقسم بين أوروبية تجدد كل عام، وأمريكية تقيّد جميع الواردات تقريباً، في حين يلتقي النوعان بالحظر الكامل على المعاملات المالية مع سورية.
وأمام كل هذه التحديات والمواجهات في منطق وآلية تمويل المستوردات، تعود الدكتورة رشا سيروب عضو الهيئة التدريسية بكلية الاقتصاد جامعة دمشق ، للتركيز على أن دعم الإنتاج المحلي وعودة الطبقة الوسطى والاحتفاظ بالعقول المهاجرة، هي السبيل لتسريع عجلة الاقتصاد، لكون أغلبية رجال أعمالنا بنوا ثرواتهم عن طريق تعاقدات المُشتريات الحكومية، وبالتالي خضعوا للعقوبات، وهي أساس المشكلة، مؤكدة بالوقت ذاته على حق الصناعي والمُصدّر الاحتفاظ بأمواله مجمدة بالمصرف، ومن ثم بيعها بتاريخ الحاجة لها للتمويل من قبله بالسعر الموازي، وهنا نضمن مصلحة المُصدّر والمستورد بآنٍ معاً.

إشكاليات الاقتصاد

لننظر قليلاً لوضع الاقتصاد بين عامي 2007 و2010، سنجد حتماً ازدهاراً وعجزاً بالميزان التجاري السوري، حيث الصادرات صناعية، ومن ثم تضخم الفجوة بعد عام 2021، يضاف لذلك انخفاض نسبة تمويل الصادرات أمام المستوردات، ما أدى لمشكلة حقيقية بالعملية الإنتاجية برأي الدكتورة سيروب، مؤكدة أنه لولا التحويلات الخارجية لكان وضع الاقتصاد السوري كارثياً، ولما تمكنا من توفير جزء من الخدمات عبر الاستيراد، لذا أي قرار من الممكن أن يصدر بمنع التحويلات، سيوقع الجميع بورطة حقيقية.
لنذهب بعيداً ونقارن بين بياناتنا وإحصاءاتنا وبيانات دول مجاورة، على سبيل المثال تركيا، فهي هزيلة لجهة الاستيراد، كما سجلت قيمة الصادرات التركية إلى سورية عام 2022، 2.2مليار دولار، هنا تظهر لدينا حقيقة تؤكد أن الجزء الذي تم ترشيده بالمستوردات تمت تغطيته بواسطة التهريب، أي أن هنالك جزءاً كبيراً غير رسمي وغير قانوني يوجد بالسوق يجب إيجاد صيغة لضبطه لأنه يمثل القطبة المخفية بالمستوردات الخارجية وفق تأكيدات د. سيروب.

بيانات الإدخال المؤقت في سورية من عام 2010 لعام 2020 هي من الدول العربية فقط، و80% منها من العراق، وبالنظر لبيانات العراق نجد بأن هنالك صادرات من بضائع مُنتجة غير مدفوعة الرسوم الجمركية بسجلاتها تُعنوَن تحت بند الإدخال المؤقت، وما زلنا نحن نواجه أزمة سداد المستوردات بالقطع الأجنبي، التي وصلت إلى 64 % للدولار و5% باليورو، عملات أخرى 30%، أمام عام 2022 وصلت نسبة السداد لـ 81% بالدولار، 13 % يورو، 4%درهم إماراتي، العملات الأخرى اختفت، والسؤال الأهم هنا لماذا لا يتم تمويل مستورداتنا بعملات أخرى كما كان يتم قبل عام 2008؟!، فالدول الأساسية للاستيراد عربية، ويمكننا التسديد بعيداً عن الدولار.

تجار وصناعيون: تحوّلنا من دولة رعاية لها واردات لدولة جباية أموال بطرق متعددة

فالتمويل الخارجي سيف ذو حدين ويؤدي لمشكلة حقيقية للتاجر والصناعي برأي سيروب، لذا من الضروري أن يتم بيع الحوالات لمصرف سورية المركزي بصفتها أمانات، ولا يحق لها التصرف بها لكونها منفذاً وليست صاحبة القرار، فما الذي يمنع تمييز دور هذه الشركات كبضائع وبين دورها كممول القطع الأجنبي عبر المنصة؟!، حيث إنه ومن حق الدولة أيضاً معرفة آلية تمويل المستوردات من قبل التاجر، بعدم إخراجه المال بطريقة غير مشروعة، وهنا تأتي أهمية التكامل بين عمل كل من الوزارات الاقتصاد بعدم منح إجازات استيراد من قبلها قبل دراسة الكميات المستوردة وحاجة السوق في ضوء التمويل المتاح، والتموين بوضع الكلف ومراقبة الأسعار والمالية بفرض الضرائب على إيرادات التاجر والجمارك بمنع التهريب عبر ضبط المنافذ الجمركية والتحقق من دقة البيانات من حيث الكمية والقيمة والبند الجمركي، فالمشكلة الحقيقية ليست بآلية التمويل بل بالقرارات البعيدة عن نسق تطبيقها الفعلي.

حلّاق: العرض والطلب والمنافسة أساس عمل قطاع الأعمال.. والعمل ضمن المنصة يستوجب التزاماً من الطرفين

دلالات وإحصاءات
العمل ضمن منظومة الرقابة والأسعار إلى جانب فرض الضرائب هما أمران متعاكسان يحولان العمل لصيغة النظام الاشتراكي وفق رؤية عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق، فالعرض والطلب والمنافسة أساس عمل قطاع الأعمال في سورية، كما أن تكلفة التهرب الضريبي أعلى من كلفة توضيح آلية العمل لهم، وإذا ما ذهبنا للعرض الاقتصادي، نجد بأن مستورداتنا لعام 2010 وصلت إلى 18 مليار يورو، تم تخفيضها عام 2019،2020،و2021 إلى 6 و5 و4 مليارات يورو بالتسلسل، فأصبحت قيمة الـ18 مليار يورو وسط التضخم من 36 إلى40 ملياراً، والفرق المسجل 4 مليارات يورو وسط هبوط التعداد السكاني وانخفاض القوة الشرائية فهل يعني بأن الهبوط منطقي؟!! بالطبع لا..
بيانات لبنان تثبت الفرق للأعوام نفسها بمعدل 8 مليار يورو، إذاً الفرق يدخل بالتهريب برأي حلاق، ليستنتج مما سبق، بأن رقم 4 مليارات المستوردات غير صحيح ومشوّه، أدى لانخفاض الضرائب والرسوم الحكومية وحمّل عبء المليار على الـ4 مليار يورو.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إصابة مدنيين اثنين جراء عدوان إسرائيلي استهدف منطقة القصير بريف حمص (وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه سورية تترأس اجتماع الدورة السادسة للمجلس العربي للسكان والتنمية في القاهرة الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان