التسعيرة المسبقة وتأمين المستلزمات شرطان لازمان.. الجولات والحديث عن الاستعدادات للموسم القادم لا تنعش الزراعة بل تحبط الفلاح
تشرين- محمد فرحة:
بدأ الحديث كالعادة مبكراً عن الاستعداد للموسم الزراعي القادم ٢٠٢٣- ٢٠٢٤، حيث بدأ المعنيون اجتماعاتهم والتحضيرات النظرية حول أسس ومقومات إنجاح الخطة الزراعية .
وكما هي العادة أيضاً تكون النتائج على أرض الواقع في الحقول عكس ما جرى من أحاديث واستعدادات وجولات وما أكثر الأمثلة على صحة ذلك.. عام القمح مثالاً..
فإن تحقيق الأمن الغذائي يستلزم بالضرورة تنمية الزراعة وتوفير مقومات نجاحها وتحفيزها، وبالتالي الارتقاء بهذا القطاع، فهي مصدر رزق لنحو أكثر من ٢٥ بالمئة من سكان البلاد وتشكل حاملة ورافعة للاقتصاد الوطني الذي هو زراعي بامتياز، وكلنا يدرك بأنه ومنذ ربع قرن لم تضف مساحات جديدة للاستثمار الزراعي، ما يرغم المزارعين على تكثيف استخدام مورد الأرض والبحث عن رفع إنتاجيتها.
محافظ حماة الدكتور محمود زنبوعة استقبل وفداً من الاتحاد العام للفلاحين الذي يأتي ضمن الترويج والاستعداد للتحضير للموسم الزراعي القادم، واعداً إياهم بتقديم كل ما هو مطلوب إن كان متاحاً ووفقاً للإمكانات.
مؤكداً دور القطاع الزراعي المهم في النهوض بالواقع الاقتصادي وإنعاشه وتأمين مردود جيد للمشتغلين فيه، باعتبار محافظة حماة سلة سورية الغذائية الثانية بعد الحسكة والمناطق الشرقية.
لكن يبدو أن أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين نسوا أو كانوا في لقاء وجولة على اتحاد فلاحي حماة فعرجوا على المحافظ، بلقاء أرادوا من خلاله إظهار أنهم يسعون منذ الآن للتحضير للموسم الزراعي .
حسناً، خطوة جيدة لكن الحل ليس بحماة ولا بحمص ولا بأي محافظة، إنه عند المعنيين عن توفير كل مستلزمات هذا القطاع الحيوي المهم مصدر غذائنا، فهل تم أو يجري العمل على تأمين ما يلزم من أسمدة في وقت مبكر ، إذا ما عرفنا أن معامل الأسمدة متوقفة عن الإنتاج كما قرأنا قبل أيام؟
فتأمين الأسمدة ولو في حدها الأدنى يعني إنتاجاً في حده المقبول، وما يعنيه أيضاً تحفيزاً للمزارعين، فكيس السماد كان سعره العام الماضي لدى التجار ٣٥٠ ألف ليرة سورية، فمن المؤكد سيكون هذا العام سعره مضاعفاً، فمن يقوى على شراء ما يلزمه ليكون إنتاجه وفيراً يحقق له ريعية ومصدر عيشه؟
يقول المزارع دانيال جوهر : لم أزرع هذا العام قمحاً، فتجربة السنوات الماضية كافية لما لحق بي من خسائر ، وما لحق بغيري، رغم أن زراعة القمح نعشقها وهو المحصول الذي نحب، لكن لا الأسمدة متوافرة ولا التسعيرة مشجعة ومحفزة، يحددون السعر ونقبض عكسه تماماً ..
إذاً التسعير الجيد منذ الآن هو المحفز وليس عند موسم الحصاد، فإذا ما أرادت الحكومة إنتاجاً وفيراً فعليها تأمين ما يلزم المحصول من أسمدة ومحروقات وسعر مغرٍ محفز .
من ناحيته قال مدير عام هيئة تطوير الغاب المهندس أوفى وسوف: إن زراعة القمح كانت في سهل الغاب تتبوأ المرتبة الأولى وكان الإنتاج يشكل ٤٠ بالمئة من إجمالي الإنتاج العام .
وأضاف: لكن بدأ المزارعون يبحثون عن زراعات أكثر ريعية وأقل تكلفة، فالتحفيز والتسعير دوماً ما كان يسهم في دفع المزارعين للمزيد من زراعة أي محصول، فعلينا التركيز على زراعة القمح لتوفير استيراده بالقطع الأجنبي، ولكن يبقى للمزارعين كلمة الفصل .
بالمختصر المفيد: يبقى تأمين الأسمدة أولاً وعاشراً المحفز الأكبر لزراعة محصول القمح، لكن تجارب السنوات الماضية لم تقدم الدليل الكافي لإقناع المزارعين بزراعة المحصول، فنحن صناع أزمات في الندرة وفي الوفرة، هذا لجهة الزراعة، وما قيل عن الإنتاج الزراعي يطول على ما أعتقد غيره من القطاعات ولنا في تصدير البصل ومن ثم استيراده أسوة وإن ليست حسنة .