«أبو أسامة» رجل سبعيني، ولديه مجموعة كبيرة من الأمراض تشي بأن ساعة الأجل قريبة، ومنبه تردّدها متوقّع في منزله ومنازل أبنائه الشباب، صباحاً أو ربما في المساء – والعلم عند الله- فقلب (أبو أسامة) غير منتظم، ولديه أكثر من شريان لا تصل إليه الدماء، في حين حالته الذهنية قيد حياة واستطاعة للتخطيط والتوريث على حياة عينه، ولا ينقصه لفعل ذلك سوى جمع الأبناء (التاجر والمدير العام لإحدى المؤسسات الكبرى وصاحب محل جملة لبيع الأمبيرات) والكل مشغول، فحجم المسؤوليات كبير، «عيلة وسيارات أولاد وبريستيج المدام»، وعلاقات عامة و«واسطات» وبورصة تصريف العملات، «الله يعينهم ويقدّرهم» على حضور اللقاء الأخير وتوديع العجوز قبل أن يفوت الأوان.
وفي ظروف كهذه، ولأن بعض الأمور المستعصية لا تحلّها سوى النساء، فقد كان للأم دورها الفعال، واستطاعت «بتلفون» للكنات جمع أبنائها التاجرين والمدير العام، وفي غرفة الأب المريض كان الحديث لرب البيت بديباجة مستهلكة يحكيها أغلب كبار السن في حضرة الوداع الأخير للحياة، لكن الغريب في الحديث استعانته بقصة مختلفة تماماً عن قصة الشيخ المعمّروحزمة العصي التي يعطيها لأفراد أسرته في محاولة لكسرها، وما فيها من مغزى ومعانٍ.
فقد حكى (أبو أسامة) لأبنائه قصة سيدة تدخل محل بيع «الفروج» وتسأل في ساعة متأخرة إن كان مازال لديهم دجاج!!
فيفتح الجزار ثلاجته، ويخرج الدجاجة الوحيدة، ووزنها كيلو ونصف الكيلو حسب الميزان، لكن السيدة تسأله فيما لو كانت لديه دجاجة أخرى، فيقوم «الدكنجي» بإعادة الدجاجة للبراد، ويضعها مرة ثانية على الميزان، ولكن هذه المرة استعان بأصابع يديه للضغط على حافة الميزان، فيعرض المؤشر الإلكتروني الوزن ٢ كغ.. فجاء جواب الزبونة (سآخذ كلتا الدجاجتين)..!
جواب لم يكن في حسبان «الدكنجي» الطماع، ولأن القصة لازمها (قفلة) وحكمة، بالغ «أبو أسامة» في ختم الحكاية، وقال لا تكونوا مثل الجزار الكذاب الذي قضى متجمد الأطراف، وهو يبحث في ثلاجته الفارغة عن دجاجة زعم أنها موجودة في البراد.
وصال سلوم
71 المشاركات
قد يعجبك ايضا