عمالةُ الأطفال بعيون السينما.. المخرجُ السينمائيّ وليد درويش..«براءة» مقاربة لواقع الأطفال وأحلامهم
تشرين – ميسون شباني:
مكافحة عمالة الأطفال باتت الشغل الشاغل لمعظم المشتغلين في عالم الدراما والسينما، ومع ازدياد المخاطر التي يتعرض لها الأطفال في ظل الظروف التي يعيشونها، وجدت عناوين كثيرة حاكت واقع الطفولة المؤلم وحاولت الإضاءة بشكل مباشر على هذا الواقع، كما حاولت توثيقها بعيون السينما ..
ومؤخراً طرحت المؤسسة العامة للسينما برومو الفيلم السينمائي القصير «براءة» تأليف شادي سلامي رزق وإخراج وليد درويش ، تمثيل : حمود أبو حسون، محمد عمر طروخون، ريتاج صوان.
يتناول الفيلم قضية حساسة، وهي عمالة الأطفال التي انتشرت خلال فترة الحرب ، وتم طرح القضية من عدة زوايا، إذ يؤكد عبر أحداثه حق الأطفال جميعاً بالتعلم واللعب والتفكير في المستقبل..
أول تجربة في هذا المجال
ويؤكد المخرج وليد درويش لـ«تشرين» أن الفيلم يُشكل تحدياً باعتباره يحاكي واقع الطفولة، ويضيف: هذه أول تجربة لي في هذا المجال، وعمالة الأطفال موجودة في كل دول العالم، ولكنها ازدادت في سورية بسبب ظروف الحرب، وبتنا نراهم في معظم الشوارع، هم أطفال محرومون من الدراسة والتعليم، فالفيلم لا يناقش الحلول بل يطرح القضية من وجهة نظر الأطفال والفطرة التي يعيشونها.
كما يركز الفيلم على فكرة الاختلاف الطبقي الذي لا يفهمه الأطفال، ولا يفهمون معانيه ، وسنشاهد علاقة جميلة بين أطفال من الطبقة الفقيرة وأطفال من الطبقة الغنية، وركزنا على أحقية أحلام الأطفال، وأن تحقيقها من واجب المجتمع..
وعن عنوان الفيلم يقول درويش :«براءة» هو العنوان الذي اختاره الكاتب وتم الأخذ به نتيجة الفحوى والرسالة التي يضّمنها الفيلم، وفكرته أتت من مخيلة الطفل الذي شطح بمخيلته وأحلامه نحو اللعب والدراسة والفرح، وأن يعيش حياته ولو فترة خمس دقائق، وهي مدة الفيلم كاملاً ..
المتعة مع الطفل
وبخصوص اختياره للأطفال ومدى صعوبة التعامل معهم يجيب درويش : أعتقد أن موضوع العمل مع الأطفال كان ممتعاً وخلاقاً خاصة بعد اختيار الشخصيات في مكانها المناسب، وتمت عملية الاختيار عبر كاستينغ لهم، وأؤكد أن جميع من تقدم للكاستينغ كان موهوباً، لكن الشخصيات التي تم اعتمادها كانت تشبه الشخصيات المكتوبة على الورق، وقد تعمّدت جعل الأطفال ينسابون بشخصيات الفيلم بإحساسهم ونزلت لمستواهم، وهو موجه للأطفال قبل أن يكون موجهاً للكبار، وحاولت أن أقدم صورة سينمائية بعيدة عن التعقيد وقريبة من مستوى تفكير الطفل.
الابتعاد عن التشتت
وعن اختيار أماكن التصوير أشار درويش إلى أنه تم اعتماد مكانين فقط، لأن الفكرة إذا توزعت بأكثر من ذلك ستضيع ، وأنا أذهب باتجاه إيصال الفكرة بأقل وقت، وقد تمت عمليات التصوير في الحدائق والشوارع ، وعندما قمت باستطلاع اللوكيشنات قمت بمحاكاة بعض الأطفال الذين يقومون بمهنة مسح الأحذية، وجعلت الطفل الذي سيقوم بالدور يحادثه ، وقام فعلاً بتقمّص شخصيته وعباراته وإضافة لمساته الخاصة وهذا ما فاجأني عند التصوير، ويستكمل درويش: أكثر ما جذبني للنص أنه يحمل هدفاً إنسانياً وسامياً ، وكانت هناك بعض الملاحظات التي تم الأخذ بها عند عملية التصوير، والصعوبة كانت في تكوين المشهد بجمالية بصرية معينة وإقناع المشاهد بما نقدمه، وأعتقد أن متعة قراءة النص تختلف عن إحياء الصورة بصرياً وتحريك النص فكل محاور الصورة تدور حول الأطفال، وأتمنى أن نكون قدمنا قراءة شاملة لواقعهم المعيش.
السينما عين الواقع
وعن أهمية توثيق السينما للقضايا الاجتماعية يقول درويش إن السينما التي تعكس واقع المجتمع تشكّل عبئاً على المخرج والكاتب، وفكرة تقديم هذه القضية عبر السينما أمر صعب، وأعتقد أن السينما حالة أساسية في كل المجتمعات في العالم، وليس فقط في سورية، ولا يوجد فيلم عالمي لا يقدم رسالة بغض النظر عن توصيفه، ونحن نحاول أن نقدم وجهة نظر فنية بعين سينمائية، وتحمل قيمة فنية ثقافية ومجتمعية ،وأعتقد أن السينما السورية رغم الإمكانات المحدودة تلامس الواقع بهمومه، والدليل أنها تحصد الجوائز في المهرجانات العربية والدولية عن مضمون أفلامها.