المؤسّسة والعنزة..! 

في عام ٢٠١٨ قمت بشراء حنفية بلاستيك معدومة الشفافية بـ ٣٠٠ ليرة فقط لا غير ، قام باستيرادها تجار بلادي .. غادرت المنزل المستأجر الذي كنت أسكنه حينها بعد عام ونصف العام ، تركتها، وهي تعمل مثل الساعة كما يقال خاصة بعد تركيب بطارية جديدة لها .

منذ أقل من شهرين اشتريت النوع الثاني من ( أم كلة ) بـ ١١ ألف ليرة ( طبعاً الآن تضاعف سعرها ) بفضل تجار بلادي وشراهتهم للمال وعدم رضاهم عن الربح بتقوى الله .. لم تعمل أكثر من شهر، وبدأت ( الزوربة ) وأصوات تدفق الماء .. وأصوات ( الخرخرة ) التي كانت تفقدنا صوابنا .. ( نناطح بعضنا ) ونحن في حالة من التوتر ليل نهار ، و كأنها من العقوبات التي فرضت على منزلي لأسباب أجهلها .

قمت مرة أخرى بشراء حنفية بلاستيكية جديدة بعشرة آلاف ليرة .. أيضاً عديمة الشفافية .. ركبتها وجربتها .. وحمدت الله أنها تعمل أيضاً كالساعة ..

بلا طول سيرة، احتجت إلى ( ضبة معدنية لتثبيت (النربيج ) فكان أن سعرها هذه التي كانت تعطى أضعافاً على البيعة ، ٢٥٠٠ ليرة فقط لاغير، عاتبت الشخص الذي نصحني بها فقال:

إن سعر ٢٥٠٠ ليرة قليل جداً، ولا يعادل نصف ثمنها الحقيقي، وأضاف: أما تلك التي اشتريتها بـ ٣٠٠ ليرة فهي تعادل اليوم كرتونة كاملة من الحنفيات التي اشتريتها بعشرة آلاف ليرة مملوءة .. حتى لو كانت موغلة في الشفافية .. ؟!

غريبة الحالة التي وصلنا إليها .. الأسواق مملوءة بمواد مستوردة أغلبيتها مخالفة للمواصفات .. أغلبيتها( تجارية ) وفق مصطلحات البازارات .. كيف تدخل إلى الموانئ والمراكز الحدودية بموافقات ممهورة بأختام الجمارك .. تتسلل إلى الأسواق تحت نظر حماية المستهلك .. ليس العرض والطلب هما اللذان يقفزان بأسعارها يومياً .. وليس بسبب ارتفاع سعر الصرف الذي يروجه المخالفون .. ؟!

نستبشر خيراً( على أقل تقدير) بتشكيل لجنة متخصصة بالتسعير على مستوى معاوني بعض الوزراء .. هذه اللجنة الني رحلوها منذ أعوام تحت جنح الظلام، لتتسيد الفوضى في الأسواق.

كانت تجتمع أسبوعياً، أو عند الحاجة تتمثل بها كل الجهات المعنية بالتسعير بما فيها غرف التجارة والصناعة .. عندما كان هناك تجار وصناعيون يعملون بنور الله ..

كانت الأسواق منضبطة كعقارب الساعة .. وأزمة الثمانينيات خير مثال .. يومها كانت هناك جهات متعددة – شركات ومؤسسات تمارس فعلا التدخل الإيجابي إلى أن وصلنا إلى مرحلة ننظر فيها بعين الترقب أن نجد مؤسسة يمكنها أن تحمل عنزة .. !؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار