اختبارُ الحبِّ خلف نافذةٍ موصدةٍ

تشرين- حنان علي:
لا يُبقي ازدحام العمل والالتزامات سوى القليل من الوقت للتمتع بأنشطة ترفيهية أقلّها مشاهدة مسلسل درامي ما فتئ الوصول إلى منصات بثه شأناً آخر يطول شرحه ، مع ذلك قادني مقطع قصير عرضه أحد مواقع التواصل إلى عتبات نافذة شرّعت مصراعيها أمام حكاية آسرة عن كاتبٍ يعيش مع زوجته الطبيبة في كنف منزل هادئ في حياة راكدة، زائرة تحطّ رحالها في حلم عابر للزوج تقلب حياتهما رأساً على عقب! لم أقاوم فضولي لمعرفة المزيد، فأخذني كلّ شبّاك من مسلسل «شبابيك» إلى منزل تقطنه عائلة أمست محور حلقة من العمل المتنوّع ‏بحكاياته، ليستغرقني الوقت ساعات ثلاثين بضيافة عماد ورهف الزوجين اللذين لم يكتفِ أي منهما بجنسية واحدة، أو عمرٍ أو شكلٍ أو صوت أو سبل تفكير أو حكاية ..! فتراهما شابين غضين أحياناً، مسنين أحياناً أخرى، فقيرين أو مترفين ، هادئين أو نزقين، لكن جلّ ما يجمعهما ظرف مفاجئ يضع علاقتهما على المحك في تحدّ مع إعادة النّظر حول جوهر ما يجمعهما ليقررا الاستمرار من عدمه. فشهدتُ مأساة زوجين يتشردان بفعل الحرب من حارة إلى حارة، حتى ينتهي بهما المطاف إلى الاجتماع تحت سقف المستشفى بعد إصابتهما بقذيفة ! إلى رجل يستعيد بصره بعد عمر من الظلمة ليجد نفسه مبصراً لزوجة لم تعد تعجبه على الإطلاق . نافذة وشت عن زوجة تضع زوجها في مواقف وامتحانات لقياس مدى إخلاصه لتصيبها الصدمة الكبيرة! لألقي مرساتي على ضفاف حكاية روميو وجوليت بعدما سمح لهما الزمن بالعيش حتى الستينيات من عمريهما !
ديناميكيات علاقات معقدة خضتها بشغف أثناء رحلة عاطفية مع مجموعة من الشخصيات عبر بنية سردية مفتوحة وطاقم عمل متنوع في تجربة مشاهدة جذابة جداً.
وقعٌ آسر:
(كل الشبابيك بتذكرني فيك) أعتقد أن إحدى الميزات البارزة لـ «شبابيك» هي قدرته على إيجاد صدى لدى المشاهدين من جميع الأعمار، من الأزواج الشباب المكابدين لتعقيدات الحب المعاصر إلى الأزواج المسنين المعتزين بتجارب مشتركة مدى الحياة، تستكشف السلسلة ببراعة الموضوعات العالمية للحب والثقة والمرونة، إذ يتمكن كل مشاهد من العثور على قصة تتوافق مع تجاربه الخاصة.
لقد تمكن العمل الدرامي المتصل المنفصل من التقاط تعقيدات الاتصال البشري، وتسليط الضوء على المد والجزر ، الانتصارات والمحن التي تواجه الشريكين عبر حياتهما الزوجية.
نهايات مفتوحة:
ميله للنهايات المفتوحة بدلاً من تقديم الإرشاد وتوجيه النصّائح، ترك المسلسل مشاهديه يتفكرون بمستقبل الشخصيات، فالاختيار المتعمد للتمعن بتعقيدات العلاقات يشجع المشاهدين على استخلاص استنتاجاتهم الخاصة حول ما ينتظر كل زوجين على طول المسلسل. لا ريب أن الطبيعة المفتوحة للنهايات أضافت جواً من الواقعية إلى الأحداث الدرامية في عالم على الأغلب تفتقر علاقاته الواقعية لاستنتاجات نهائية.
مرآة للحياة:
أعوام عدة مرت منذ العرض الأول لمسلسل «شبابيك» لكن لا يزال يحظى بشعبية واسعة، ذلك لقدرته على عكس واقع العلاقات في مجتمع اليوم، حتى باتت أحداثه انعكاسًا للتحديات التي يواجهها الشركاء في حياتهم الخاصة. سواء كان الأمر يتعلق بضغوط التوقعات المجتمعية أو صعوبات التواصل، فإن المسلسل ما زال بمنزلة تذكير بأن العلاقات ليست دائمًا واضحة بل تتطلب جهداً وفهماً مستمرين.
وفي النهاية لا يسعني القول إلا أن شبابيك تجربة مثيرة مع نخبة من الممثلين المبدعين السوريين واللبنانيين (بسام كوسا – منى واصف- كاريس بشار- سلافة معمار- ديمة قندلفت – محمود نصر – نسرين طافش – محمد حداقي -عبد المنعم عمايري – كندا حنا- أحمد الأحمد – أكثم حمادة – لوريس قزق – جفرا يونس و روزينا لاذقاني- أنجو ريحان و ناتاشا شوفاني) .
نسجت حكاياتهم وحواراتهم مجموعة من الكُتاب المبدعين بإدارة قبطانهم المخرج سامر برقاوي .. شبابيك؛ تذوّق فنّي مميز يعدّ بمنزلة إعادة تذكير بأن الحب، بكل تعقيداته، ما هو سوى رحلة تستحق الاستكشاف.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في الجلسة الختامية للبرلمان العربي للطفل… الأمين العام يقدم الدروع التذكارية وبطاقة شكر للوفد السوري المشارك مادورو: انتخابات الرئاسة المقبلة ستحدد مستقبل فنزويلا قضية الإعاقة جزء من السياسة الوطنية للدولة تجاه المواطنين.. الوزير المنجد: المرسوم رقم 19يطور البيئة المؤسساتية المسؤولة عن ملف الإعاقة  135 ألف طفل مستهدف بالجولة الثانية لحملة اللقاح في حمص الوزير ابراهيم يبحث مع القائم بالأعمال بالإنابة في السفارة السودانية بدمشق علاقات التعاون العلمي والبحثي إذا كبر ابنك "خاويه" وإن كبر أبوك عليك أن ترعاه المنطقة بعد العدوان الإسرائيلي على الحديدة.. ترقب وانتظار والكيان باستنفار كامل وواشنطن تنأى تجنباً لحرب لا تريدها حالياً على رأسها مشروع إنتاج تعبئة وتغليف الأدوية السرطانية.. انطلاقة جديدة لـ«تاميكو» تبدأ بالإنتاج وتنتهي بالتسويق وزير النفط يفتتح مركز خدمات شركة محروقات بدمشق رئاسيات أميركا.. ترامب يضرب تحت الحزام و«الديمقراطيون» على رجل واحدة انتظاراً لانسحاب بايدن