لم تحقق قمة فيلنيوس في تموز الماضي ما كان يصبو إليه الرئيس التركي رجب أردوغان، وكل الطاعة والولاء التي قدمها عند أقدام الولايات المتحدة والغرب مستديراً بذلك عن روسيا لم تكن كافية ولم تمهد طريقه إلى الاتحاد الأوروبي «الحلم» الذي بات اليوم أبعد من ناظريه وأبعد من أن يطاله.
التقرير الصادر الأربعاء الماضي عن البرلمان الأوروبي حول تركيا عن عام 2022، والذي اعتبر أن «الشروط التي تقع في دائرتها تركيا حالياً لا تسمح باستئناف عملية المفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي»، وجه ضربة جديدة لأردوغان وأعطى صورة واضحة لا لبس فيها عن النبذ الأوروبي له، كما يعطي تصوراً عن «النظرة الدونية» التي ينظر بها الغرب للرئيس التركي.
وفي الحقيقة كل ما قدمه الغرب من مبررات لعدم قبول تركيا حالياً في الاتحاد الأوروبي واستئناف المفاوضات معها ما هو إلا مسوغات للالتفاف على الموضوع وتأجيله كما في كل مرة على مدار 50 عاماً من الانتظار التركي، ولو كان الاتحاد الأوروبي يرغب بالوجود التركي لديه لتجاوز عن كل ما قدمه من مبررات لأن الغرب أساساً لا يلتزم بها إلا عندما يريد استخدامها كأداة وشماعة والأمثلة كثيرة في منطقتنا العربية، ففي حين تغض أوروبا الطرف عن انتهاكات لحقوق الإنسان والديمقراطية في دولة ما، نراها تتذرع بتلك الانتهاكات في دولة آخرى ولأسباب باتت معروفة وواضحة للجميع.
الغرب يريد كل شيء دون أي مقابل، فما يريده من تركيا ألا تكون في المحور الروسي الصيني، أي يريد إحاطة روسيا على وجه الخصوص بالأعداء مع ما يرتبط ذلك بملفات عديدة ترجح كفتها لمصلحة موسكو في مواجهة الغرب وأقرب مثال أوكرانيا، وأنسب من يمكن استخدامه لهذا الغرض أردوغان المعروف بلعبه على المتناقضات.
يتوعد أردوغان اليوم بالتخلي عن الاتحاد الأوروبي، وهو في الواقع أبعد من أن يستطيع ولا يعدو توعده سوى كونه استجداءً، فمن انتظر 50 عاماً دون أن يفلح بإمكانه متابعة الانتظار، وكل مزاعم الابتعاد عن الغرب تصب في إطار العودة إليه حتماً إذ لا يمكن أن ننسى أن تركيا عضو أساسي في «ناتو».
في العموم أوصلت أوروبا رسالتها المعدة سلفاً مهما كانت نتيجة المفاوضات لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي حالياً ومستقبلاً، والتي تقول لن نفتح أبوابنا.
هبا علي أحمد
325 المشاركات