يستمر التشجيع على استعمال الطاقات المتجددة من خلال حزمة من القرارات التي تسهل توفير مستلزماتها وعمليات تمويل تنصيبها من قبل المواطنين، وهذا أمر لا مفر منه نظراً لقلة الموارد المتاحة من الوقود الأحفوري محلياً وعالمياً، وما نمتلكه من إمكانيات طبيعية كبيرة يجب استغلالها بالطريقة الأمثل…
لكن ما يلفت الانتباه هو ندرة استخدام هذه الطاقات في جهاتنا العامة وتحديداً التوجه الخجول لاستعمال الطاقة الشمسية في محطات ضخ المياه والتي غالباً ما تكون بمبادرات أهلية أو بمنح من جهات دولية…
وفي جميع التقارير الصحفية نجد أن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وساعات التقنين الطويلة تكون على رأس العقبات التي يسوقها المسؤولون عن الجهات الخدمية والإنتاجية لتبرير تقصيرهم في خدمة المواطن أو تنفيذ الخطط والتوسع في الإنتاج.
وحالياً يمكن رؤية مولدات الكهرباء في جميع جهاتنا العامة وهي تعمل معظم ساعات الدوام الرسمي وغير الرسمي ولا سيما في الوزارات ومقرات المؤسسات المركزية الأمر الذي يكبد الخزينة العامة أموالاً طائلة لتشغيلها وصيانتها، ويسبب تلوثاً بصرياً وسمعياً، هذا عدا عن فتح أبواب كبيرة للهدر والفساد….
لهذا فالتوسع في استعمال الطاقات المتجددة لم يعد مطلوباً على صعيد الاستهلاك المنزلي، وإنما على الصعيد الحكومي، تخفيفاً للنفقات الكبيرة، وتيسيراً لعمل المؤسسات والدوائر الخدمية والإنتاجية، ولا سيما في الأرياف التي يعاني أهلها من مرارة تكرار الذهاب إلى مراكز دفع الفواتير ليجدوها متوقفة بسبب انقطاع الكهرباء، كما أن ذلك سيؤدي إلى زيادات في إنتاجية العاملين الذين يضيعون نصف وقتهم بانتظار الكهرباء ويخفف من إجهادهم أثناء وصل الكهرباء ويقلل من الازدحامات والاختناقات التي تعاني منها معظم دوائرنا.
صحيح أن تكاليف التمويل ستكون كبيرة لكنها ستحقق عوائد اقتصادية في المستقبل القريب وتنعكس إيجاباً على الخدمات المقدمة وتحقق وفورات ضخمة في المحروقات وعندها يمكن توجيهها نحو القطاعات المهمة وخصوصاً مستلزمات الإنتاج الزراعي والنقل، ومن غير المتوقع أن يرفض المواطنون المساهمة برسوم صغيرة يمكن فرضها على الفواتير ريثما يتم سداد تكاليف هذه الطاقات، لأنها ستوفر عليهم تكاليف النقل ذهاباً وإياباً عدة مرات.
كما يفترض إعطاء مهلة زمنية معينة للمنشآت الخاصة للتحول نحو الطاقات المتجددة وتقديم مزايا تحفيزية للملتزم منها كإعفاءات ضريبية أو تسهيلات مصرفية، مقابل فرض عقوبات على من لا يحقق هذا التحول خلال المهلة، وعندها فقط يمكن التغني بفوائد استعمال هذه الطاقات على الصعيد المنزلي لأن المواطن لن يقتنع بجدواها ما لم يرها منتشرة في جميع الفعاليات الاقتصادية والخدمية، العام منها قبل الخاص..
باسم المحمد
70 المشاركات
قد يعجبك ايضا