خطر الاستيراد مجدداً..؟! 

بعد استقرار نسبي في أسعار الخضار، أعلنت خروجها رسمياً من حسابات محدودي الدخل من جراء ارتفاعها المفاجئ مع أن التوقعات كانت تذهب صوب تسجيل انخفاضٍ في أسعار السلع الغذائية، فما الذي حصل لترتفع أسعار هذه السلع المنتجة محلياً، وهل يقدر المواطن على تحمل تداعيات هذه الطفرات السعرية في ظل التزاماته المعيشية الكثيرة وتحديداً مونة الشتاء والتدفئة المكلفة.

نداءات تحذيرية وصلت حدَّ التخويف من استيراد هذه المنتجات في حال التأخير في إعادة بوصلة الدعم إلى الزراعة والفلاح، الذي أرهقته تكاليفها المرتفعة وعدم توافر مقومات الإنتاج الأساسية كالمياه نتيجة انقطاع الكهرباء المستمر، ما تسبب في تحويل الأرياف إلى مناطق نائية فقيرة، مع إنّها تشكل الخزان الغذائي الغني بموارده وثرواته، التي تحتاج إلى فريق اقتصادي قادر على تفعيل مفهوم الاستثمار الذكي عبر مشاريع زراعية صغيرة تنشط الحياة والإنتاج في الأرياف المهملة، وهذا يتحقق عند الإقرار رسمياً بأن اقتصادنا زراعي، فتجاهل هذه الحقيقة كان سبباً رئيساً لأزماتنا المتفاقمة، وبناء عليه توضع الخطط الاقتصادية القائمة على دعم الفلاح وأرضه كالسابق، على نحو يخفف تكاليف الإنتاج، عندها أضمن عودة الفلاحين أفواجاً لزراعة أراضيهم، التي تعد الحل الأمثل لكف بلاء الغلاء ولاسيما عند وجود كميات فائضة للتصدير، بحيث ينتعش حاله وحال الخزينة معاً، أما استمرار طيران أسعار الخضار وغيرها فينطوي على عجز واضح يتحمل مسؤوليته القائمون على القطاع الزراعي والرقابي وبعض الجهات المعنية بالتسويق كـ”السورية للتجارة”، المفروض تدخلها مباشرة في تسويق محاصيل الفلاحين ومنع التجار من الدخول على خط السمسرة وسرقة تعبهم بأبخس الأثمان بينما يبعونها للمواطن بأسعار فلكية.

دعم القطاع الزراعي ومزارعيه أصبح ضرورة ملحة وعاجلة في ظل موجة الغلاء الشديدة وضعف القدرة الشرائية للمواطن، وهنا التصريحات الإعلامية الداعمة وتشكيل اللجان لن تجدي نفعاً، فالمطلوب فعلاً ملموساً يجاري الأوضاع المتسارعة في الأسواق، وخير بداية تكون بإعادة القطاع الزراعي مع الصناعي إلى دائرة الأولويات، مع إصدار قرارات جريئة مزودة بحزمة إجراءات لمساعدة الفلاح على تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مقبولة كالمحروقات ومنحه قروضاً ميسرة بإعفاءات مشجعة والمساهمة في تسويق محاصيله محلياً وخارجياً، وأي تباطؤ في اتخاذ هذه الخطوات الضرورية سيبقى السلع على جنونها المستمر مع تضرر المواطن والفلاح والخزينة، وخاصة عند التفكير بمرحلة استيراد الخضار كما يروج حتى لو كان كلاماً تحذيرياً فقط، فمجرد طرح هذا الخيار يمثل كارثة اقتصادية يفترض منع تداولها بسحب الذرائع ومعالجة الأسباب، علماً أنه مهما بلغت قيمة الأموال التي ستضخ في خدمة الزراعة وأهلها ستعود أضعافاً وسيطول خيرها الجميع باستثناء المتضررين من داعمي الاستيراد تجار الأزمات الراغبين في إبقاء معيشتنا في خانة الضنك الدائم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار