العشوائية والسياسات الخاطئة وتحكّم التجار.. أسباب إضافية لارتفاع سعر بيض المائدة

تشرين- منال صافي:
سجل سعر بيض المائدة مؤخراً ارتفاعاً جديداً ليصل سعر طبق البيض لما يقارب 55 ألف ليرة، بينما وصل سعر البيضة الواحدة إلى 2000 ليرة، ما دفع الكثير من الأُسر للتوقف عن الشراء، ويرى الخبير الزراعي سيراج ريا أن العامل الأساسي الذي يحكم الأسعار في قطاع الدواجن هو سعر العلف الذي يشكل ما يصل لـ٧٠% من تكلفة الإنتاج ثم يأتي سعر حوامل الطاقة ثم سعر الصوص.

أصل المشكلة
مشكلة الاعلاف تتمثل بسعرها الخاضع لسعر الصرف لأن معظمها مستورد (فالذرة الصفراء وكسبة الصويا) هي المواد الأساسية الداخلة في تغذية الدواجن، وفيما يتعلق بالذرة الصفراء ورغم الإنتاج المحلي الضخم فإن وزارة الزراعة فشلت في مسألة التجفيف ووضعت المؤسسة العامة للأعلاف شرطاً لاستلام المحصول بأن تكون نسبة رطوبتها تحت 14%، وهذا كان غير متحقق لغياب المجففات بالتالي لم يتم التخزين وبقي خيار الاستيراد مفتوحاً، أما بالنسبة لفول الصويا بعد عصره تبقى كسبة الصويا المستخدمة بالتغذية وهي أيضاً مستوردة لأن زراعة فول الصويا في بلادنا غير مجدية اقتصادياً.

استيراد الأعلاف محصور بيد عدد محدد من الأشخاص ما جعل المنافسة في هذا المجال أمراً صعباً

وأشار ريا إلى أن استيراد الأعلاف محصور بيد عدد محدد من الأشخاص، ما جعل المنافسة في هذا المجال أمراً صعباً، والتاجر يرفع سعره حسب ارتفاع أسعار الصرف حتى لا يخسر وحتى إذا حصل على دعم حكومي من القطع الأجنبي فإنه لا يلتزم بالبيع بالسعر المحدد.

ما تفسير ذلك؟
وطالب ريا الجهات المعنية بتفسير السبب الذي يجعل أسعار المواد العلفية عندنا أغلى من دول الجوار وخاصة لبنان التي لا توجد فيها جهة داعمة لاستيراد الأعلاف ويستورد تجارها بالدولار مثلنا ورغم ضعف عملتهم إلا أن الأسعار منخفضة بنسبة ٢٠-٣٠% مقارنة بأسعارنا، علماً أننا نستورد من مصدر واحد وندفع بالعملة نفسها وقوانين التخليص الجمركي نفسها تطبق في البلدين، وليس لديهم مؤسسة أعلاف تدعم القطاع ولا مؤسسة دواجن ولا يوجد لديهم ما يحدد السعر، فالأمر خاضع لعملية العرض والطلب، مضيفاً: عدم وجود الجهات الوصائية ربما يكون هو أحد الأسباب التي تجعل السعر أرخص وهذا يدل على أن مؤسساتنا تعمل بعقلية خاطئة، فالأمور صحيحة على الورق لكن على أرض الواقع خاطئة.

آليات دعم خاطئة
وأوضح ريا أن آلية الدعم التي تتبعها وزارة الزراعة خاطئة، فهي تتحدث دائماً عن الكميات العلفية المقدمة لمربي الدواجن لكنها تمنح كل مادة على حدة، غير أن المربي يحتاج إلى خلطة من المادتين معاً لتغذية الفروج والدجاج البياض، وما يحدث أن المربي يستلم المادة العلفية من وزارة الزراعة ويقوم ببيعها لتاجر السوق السوداء، وبذلك يذهب الدعم للتاجر عن طريق المربي.
أما فيما يخص آلية دعم المحروقات فيرى أنها غير مجدية وليست كاملة ولا تقدم في وقتها ولا تتناسب الكمية مع الاحتياجات اللازمة.

 

شباط: الحل بدعم الإنتاج المحلي وتوفير المجففات

والخطأ الأكبر، برأي ريا، يكمن في عملية التسعير التي تقوم بها مديريات التموين، إذ لا تراعي المنتج والقيمة الحقيقية للتكلفة، فالتسعير يكون في واد والتكلفة في واد آخر، وهذا يؤدي إلى خسارة المربي ويضطر للبيع بسعر أعلى من التسعيرة الرسمية، والتاجر كذلك يبيع بسعر أعلى، وهنا تبدأ الحرب بين التجار والتموين التي لا مبرر لها، فإذا كانت التسعيرة صحيحة فلن نصل إلى ما وصلنا إليه، ويجب أن تقوم المدجنة نفسها بتحديد التسعيرة، وليس خلال اجتماعات التجار فيما بينهم، فهم ليسوا مربين لكنهم مستفيدون ويهمهم الشراء بسعر منخفض والبيع بأعلى سعر.

توجيه الدعم للمنتج وليس المربي

ونوه إلى ضرورة أن يكون الدعم موجهاً للمنتج وليس المربي، من خلال تدخل وزارتي التجارة الداخلية والزراعة بحيث من يسلم كميات كبيرة من البيض يحصل على دعم للأعلاف والمحروقات، وهنا يجب أن يكون هناك تحليل تكلفة حقيقية، وهذا يتغير بشكل أسبوعي، ويتم الاتفاق على الكميات الممنوحة من الدعم بناء على الإنتاج وذلك أـفضل من أن يذهب الدعم للسوق السوداء، إذ إن هناك عمليات فساد كبيرة تحدث، وأحياناً تكون المدجنة متوقفة وصاحبها يحصل على الدعم، ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المداجن المنتجة.

تقديرات خاطئة
ولفت إلى عشوائية التربية، إذ لا يوجد تقدير للاحتياج اليومي بحيث يكون الإنتاج بناء على الحاجة اليومية مع فائض بسيط جداً، لذلك نجد انه في بعض الفترات هناك كميات كبيرة بالإنتاج تنعكس على انخفاض السعر وليس سببه تدخلات كما تدعي الجهات الرسمية، لكن العرض أصبح كبيراً، لذلك انخفض السعر، فعدم وجود خطط إنتاجية وتحديد للاحتياجات أمر خطر.

أما المشكلة الأكبر من وجهة نظره فهي صغر الحيازات التي تجبر المربين الصغار على شراء العلف من التاجر على أن يكون التسديد عند الإنتاج، وهذا يؤدي إلى زيادة السعر، لأن تاجر العلف يحسب بالسعر الذي وصل إليه سعر الصرف أثناء التسديد وحتى لا يخسر المربي يضطر للبيع بسعر مرتفع، فتاجر العلف هو المتحكم الأساسي ويتلاعب بالأسعار كما يشاء ويفرض على التموين السعر الذي يريد، متسائلاً: ما الذي يمنع التموين من وضع سعر واضح ونشرة توضح كيف تمت التسعيرة؟ وكيف توزعت الكلف، ويعرض على مختصين لتحديد صحة الأرقام، بدلاً من التسعير العشوائي.

«السورية للتجارة» تمتلك طاقات تخزينية وتستطع استلام البيض والفروج من المربي وتخزنه لتقوم بدور إيجابي

وختم ريا بأن الحلول تتمثل بتوجيه الدعم للمنتج وليس المربي، وأن تقوم السورية للتجارة باستلام البيض والفروج من المربي وتخزنه لأن لديها طاقات تخزينية كبيرة وتستطيع أن تلعب دوراً إيجابياً، وهذا يحتاج إلى تنسيق بين الوزارات مجتمعة، لكن للأسف هذا التنسيق غائب ولا تجتمع الأطراف المعنية وفي حال اجتمعت تغلب دائماً مصلحة التاجر على باقي الأطراف.

لعنة سعر الصرف
من جانبه عبد الكريم شباط مدير المؤسسة العامة للأعلاف أكد أن العقوبات الاقتصادية وعدم وجود استيراد مباشر، إضافة إلى تكاليف الرسوم والجمارك وأجور النقل، هي السبب الرئيس لارتفاع أسعار العلف عندنا مقارنة بالدول المجاورة، إضافة إلى أن المستورد في لبنان يستورد بالقطع الأجنبي ويبيع في الداخل بالقطع الأجنبي وبذلك لا يخسر، أما في أسواقنا فعدم استقرار سعر الصرف يدفع المستورد دائماً لرفع أسعاره حتى لا يخسر، ورأى أن الحل يكون بالإنتاج المحلي وباستيراد المجففات التي تضمن وجود المادة العلفية في الأسواق وتوفر القطع الأجنبي المستنزف بسبب عملية استيراد العلف.
وشدد شباط على أن دعم المادة العلفية يذهب فعلياً للمنتج، وبناء على الكشف الحسي للمنشأة يتم توزيع المادة العلفية على المربين، لافتاً إلى أن خروج عدد كبير من المداجن عن الخدمة بسبب التكاليف المرتفعة كان سبباً في ارتفاع أسعار البيض .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار