مرض ممنوع من الشفاء..!

ليست هي المرة الأولى التي نكتب فيها عن قرارات تشكيل اللجان وكثرتها، وحالات التسويف وأسلوب المماطلة اللذان يتبعان في معظم الأحيان، وتبرير ما لا يمكن تبريره في كثير من القضايا، وغير ذلك.. مزايا انفرد بها القطاع العام عن غيره بكثرة لجانه وتعددها، جانبٌ مهمٌّ أيضاً طريقة التفنن في معالجة المشكلات والقضايا الخلافية، وتقديم التبريرات وزيادة في فلسفة الأمور..!
وهنا نعتقد أن لا أحد يختلف معنا فيما قلناه لأن قرارات التشكيل أصبحت روتيناً يومياً ومألوفاً في كل يوم .. و غير المألوف أن يأتي صباح ولا نسمع بقرار تشكيل لجنة ما لحل قضية ما، أو مشكلة مستعصية لأهل القرار ..!
وهنا لا نريد أن نقلل من أهمية بعضها والحاجة إليها، أو الحكم عليها بعد صحتها، ونصدر أحكاماً سلبية مسبقة، لكن التجارب السابقة والحالية واللاحقة علّمتنا الكثير، وأخبرتنا بنتائجها المذهلة، ورغم ذلك، في أوقات كثيرة نحن فيها بأمس الحاجة للجان “قادرة ومقتدرة” لها أبطال من ذوات الخبرة والنزاهة لمعالجة الكثير من مشكلات القطاع الحكومي، لا أن تكون جسر عبور للهروب إلى الأمام من أصحاب الأمر والنهي في الجهات العامة، وخاصة فيما يتعلق بالمال وقضايا الهدر والتلاعب بالمناقصات ولجان الشراء ومشكلاتها وما تحمله من خفايا ونوايا ترتبط أكثر بمكون الفائدة الشخصية ..!
والأكثر خطورة فيما قلناه أن أغلبية اللجان تتقاضى تعويضات بصورة قانونية يبنى عليها حسابات ا، لذلك نجد المتهافتين عليها كثراً، والمستفيدين أكثر والخاسر بطبيعة الحال المال العام وأهله، لهذا السبب وغيره من الأسباب نجد كثرتها، وتشكل حالة استنزاف كبيرة وباباً واسعاً للهدر وأسلوباً للإدارة لتغطية النوايا الحسنة ..!
وهذا الأمر لا يقتصر على جهة محددة، بل نجده في معظم الجهات العامة، وكثرتها تختلف من جهة لأخرى، حسب طبيعة العمل وحجم فوائدها، وهذا الأمر ظهر بوضوح خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن كثرت الأحاديث والنداءات من أجل تطوير القطاع العام بكل مكوناته، وتشكيل اللجان والمجالس الاستشارية والتي بدأت تأخذ أشكالاً متعددة في المعالجة، وحتى في رسم الخطط والسياسات والإستراتيجيات بشكلها ومضمونها لهذا التطور، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل الارتباط بهوية الأشخاص والفكر الذي ينطلقون منه، وفق مقتضيات المصلحة العامة، وعلى حساب جوهر التحديث وحل المشكلات، لأن عمل اللجان في معظم الأحيان مضيعة للوقت، وكثرة اجتماعاتها هي لمزيد من كسب التعويضات والمكافآت، لهذه الأسباب وغيرها تحولت معظم اللجان إلى مرض خطير” ينهش” في جسم القطاع العام ويرفض كل أسباب الشفاء ومقومات المعالجة، وخاصة في ظل ظروف صعبة نحن فيها بأمس الحاجة لكل ليرة تستثمر في مكان ما لتحقيق عائد مادي يمكننا من إعادة بناء ما خرّبه الإرهاب وتحسين مستوى دخل المواطن، فهل يأتي يوم ونشهد معالجة وشفاء من كثرة اللجان ومنتفعيها..؟!
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
اقتراح تعديلات على قانون التجارة خلال ثالث حوارات قطاع الأعمال بحمص ركزوا على استبدال عقوبة الحبس.. تجار دمشق وريفها يقدمون مقترحاتهم لتغيير قانون حماية المستهلك "صفحات منسية من تاريخ المسرح السوري".. محاضرة للناقد والكاتب المسرحي جوان جان خان الكتان الأثري يحتضن مهرجان "ليلك" ليضيء على إبداعات المرأة الحلبية وقدرتها على التغيير مهرجان حلب المسرحي يدشن  انطلاقته بعمل "عويل الزمن المهزوم" على خشبة مسرح دار الكتب الوطنية عدوان إسرائيلي يستهدف موقعين بريف حمص الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث صندوق مشترك للقضاة.. وقانوناً بصندوق مشترك وبدل مرافعات لمحاميّ الدولة وزير الأشغال العامة والإسكان: نسعى نحو تلبية التطلعات المجتمعية العمرانية وزير التربية: القانون رقم 31 جاء ليواكب التطورات والتغيرات في المجال ‏التربوي والتعليمي ‏ إصدار قانون الضريبة الموحد وتنظيم جباية الضرائب واعتماد الأتمتة مقترحات جلسة الحوار التمويني بدرعا