«منابرُ الحريّات».. أوكارُ اللصوصِ

ليستْ العبرةُ في قوّة الدول التي أدمنتْ قرصنةَ ثروات الشعوب؛ بل في ضعف أصحاب الحقوق المسلوبة، وهذه الحيثيّةُ هي الأخطرُ في معادلة «التابع والمتبوع» الأزليّة، ولاسيما بشكلها ما بعد «الكولونياليّ»، وبقاء الهيمنة على الثروات على الرغم من توّهم الاستقلال والاكتفاء بقشوره، والنماذجُ كثيرةٌ في بقاعٍ كادت تكونُ منسيّةً في هذا العالم.
وإن كان لابدَّ من انتفاضةٍ كل ردحٍ من الزمن، واستفاقةٍ على حراك اللصوص، فإنّ الصحوةُ اليومَ تبدو أفريقيةَ الموطنِ؛ ولو بأجراسٍ روسيّة وصينيّة، ووفق أدبيّات ناشئة في سياق منظومةٍ اسمُها « النظامُ العالميّ ما بعد الجديد»؛ لأنّ تحدي اليوم هو ما بعد «الكولونياليّة» أو «قرْصَنات» ما بعد السطوة الاستعماريّة المباشرة.
والواقعُ، أن الحالة الأفريقيّة هي التجلّي الأوضحُ للخديعة الكبرى المغلّفة بـ«أمبلاجات» الاستقلال التي انطلتْ على العالم، ولا يوجد تفسيرٌ لها إلا في مدارس التحليل النفسيّ، شعوبٌ أدمنت الخنوعَ والعبوديّة وممارسة التبعيّة البغيضة، مقابل قوى «تتلمّظ »ويسيلُ لعابُها لكل ما يندرج تحت مسمّى ثروة؛ إن في أعماق الأرض السحيقة أو فوقها، كما كلّ المفترساتِ المُنقادة إلى روائح الدم.
ولعلّها مفارقةٌ صارخةٌ أن تتحوّل الأوراقُ النقديّة الفرنسيّة المستنسخة التي لا تساوي أكثر من قيمتها كورقٍ، إلى سبائك تتدحرجُ نحو خزائن الاحتياطيّ الذهبيّ التي يفاخرُ بها أحفادُ الإمبراطوريّة البائدة، ويتفقّدها «ماكرون» بشغفٍ شبه يوميٍّ.
والمفارقةُ الأخطرُ أنّ مثل هذه الحقائق الصارخة لم تكن كافيةً لكسر إصرار الكثير من «المثقّفين» الواهمين، ولاسيما العرب منهم، على الالتحاق بأندية «الحريّات المزعومة» ومنابر حقوق الإنسان المصنّعة في باريس وأخواتها، لرشق بلدانهم بتهمٍ و«كليشيهات» جاهزةٍ، فكانوا كجوقةِ «الندّابات» المأجورات اللاتي أخطأن الجنازة الحقيقيّة.
من إفريقيّا إلى مضمار الثروات العربيّ، ثمّةَ مقاربةٌ لابدّ منها، على الرغم من اختلاف تفاصيل المشهد، بتكنيكه وميكانيكيّته، لكن بأدوات الصحوة ذاتها « بريكس» بإيقاعها الصاخب وتردّداته المتواترة بقوّةٍ.
ومن المضمار العربيّ، لابدّ من ملامسة قريبة للحالة العراقيّة وامتداداتها إلى الداخل السوريّ، فرائحةُ الثروات جاذبةٌ؛ وإن لم تكن نفّاذة كفايةً.
ومازال بيننا مَنْ يصدّق أنّ رُعاة البقر جاؤوا لمحاربة تنظيمات؛ هم مَنْ أنتجها، وأنّهم الطرفُ النزيه لتسوية صراعٍ؛ هم مَنْ أدارهُ لـ«مغازلة» التركيِّ واستمالته في سياق المستجدّات ذات الصلة بصعود القطب العالميّ الجديد.
على نحوٍ عام؛ بتنا على يقينٍ بأنّ الصحوة، مرةً واحدةً، ليست كافيةً، والمطلوبُ يقظةٌ متّقدة، إن في العراق، أو في الشمال السوريّ، فهل تنتقل عدوى المقاومة الشعبيّة من سورية إلى العراق هذه المرة؛ لأن طعم الثروات العراقيّة هو ما استقطب الأميركيَّ إلى المنطقة؟
ربما علينا التيقّنُ من أنّ الأميركيّ لن يخرجَ من سورية، إن لم يخرجْ من العراق؛ والمقاومةُ الشعبيّةُ هي الأداةُ الأمضى لاسترداد الحقوق؛ لأنها حقوقُ شعبٍ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مؤتمر جمعية عمومية القدم لم يأتِ بجديد بغياب مندوبي الأندية... والتصويت على لا شيء! الرئيس الأسد يؤكد خلال لقائه خاجي عمق العلاقات بين سورية وإيران وزير الداخلية أمام مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة المخدرات: سورية تضطلع بدور فعال في مكافحة المخدرات ومنفتحة للتعاون مع الجميع الرئيس الأسد يؤكد لوفد اتحاد المهندسين العرب على الدور الاجتماعي والتنموي للمنظمات والاتحادات العربية عقب لقائه الوزير المقداد.. أصغير خاجي: طهران تدعم مسار الحوار السياسي بين سورية وتركيا العلاقات السورية- الروسية تزدهر في عامها الـ٨٠ رئاسيات أميركا ومعيارا الشرق الأوسط والاقتصاد العالمي.. ترامب أكثر اطمئناناً بانتظار البديل الديمقراطي «الضعيف».. وهاريس الأوفر حظاً لكن المفاجآت تبقى قائمة دور المرأة المقاومة في تعزيز الانتماء وتحصين الهوية الإنهاك الحراري.. خطوات سريعة لتبريد الجسم ونصائح للوقاية في حرارة الصيف المرتفعة في قراءة للمرسوم التشريعي لذوي الإعاقة.. المحامي الداية: المرسوم مهم جداً بدليل إحاطته بأدق التفاصيل اليومية لهذه الشريحة.. وسيحقق الأهداف المرجوة شريطة تطبيق العقوبات للمخالفين