إفريقيا تتحرر 

كشفت الانقلابات التي حدثت في القارة الإفريقية وآخرها انقلاب الغابون أن زمن الاستعمار قد ولى إلى غير رجعة، ويأتي تمسك فرنسا ببقائها في النيجر وإبقاء سفيرها هناك رغم أن الحكومة النيجرية الجديدة قطعت العلاقات مع باريس وطلبت من سفيرها مغادرة البلاد إلا أن الحكومة الفرنسية رفضت الطلب وزعمت أنها فعلت ذلك لأنها لم تعترف بالنظام الجديد.

لا تصدق فرنسا أن عالماً جديداً بدأ يتشكل منذ سنوات، وأن البلدان الإفريقية لم تعد تطيق أي نوع من أنواع الاستعمار في جنباتها، وهذا العناد الفرنسي بإبقاء سفارتها وسفيرها لن ينفعها ومزاعم الشرعية التي تتمسك بها الحكومة الفرنسية لم تعد تنطلي على أحد فالوجود الفرنسي برمته غير شرعي وهو احتلال مهما حاولت القوى الاستعمارية تزيينه.

ربما تكون بعض الدول الإفريقية قد تأخرت عن باقي البلدان في تكنيس الاستعمار ولكن الزخم الذي تشهده إفريقيا منذ سنوات للتخلص من الإرث الاستعماري الذي جثم على صدور الأفارقة لعقود طويلة أصبح قوياً جداً ما يؤذن بولادة عصر التحرر وبناء دول قائمة الاستقلال بعيداً عن التسلط ونهب الثروات كما يحصل في النيجر التي منعت تصدير اليورانيوم وغيره من المعادن إلى فرنسا منذ الأيام الأولى للانقلاب وهذا ما أثار حفيظة حكومة ماكرون لأنها تعتمد بشكل أساسي على اليورانيوم النيجري في تأمين الطاقة.

عمليات تكنيس الوجود الفرنسي من القارة الإفريقية بالكامل قد بدأت ولن تقف قبل أن تتحرر القارة بالكامل ولن تستطيع فرنسا أن تفعل شيئاً وبقاء سفيرها في نيامي مسألة وقت لا أكثر، فالحكومة النيجرية الجديدة اتخذت قرارها ولن تتراجع عنه وتعرف حكومة ماكرون أنها لا تملك أي وسيلة أو أدوات ضغط لإجبار النيجر على العودة عن قرارها.

استنجدت فرنسا بتحالف الـ«ايكواس» دون جدوى، كما أنها توسطت لدى الاتحاد الإفريقي وأيضاً دون جدوى، وحتى الآن لم تستطع أن توقف أو تلغي قرار إبعاد السفير الفرنسي، فالنظام الجديد أخذ قراراً لا رجعة فيه بالتحرر من الاستعمار الفرنسي، وقبله كانت حكومات إفريقية عديدة قد اتخذت قرارات مماثلة ما يشير إلى تنظيف القارة الإفريقية من الوجود الاستعماري الذي كان يخيم على صدور الأفارقة لزمن طويل.

tu.saqr@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار