ملف «تشرين».. مرونة القانون بوابة “الاستثمار في الممنوع”.. الفساد والمحسوبيات حاضران في كواليس أداء المجالس المحلية في السويداء

تشرين – ضياء الصفدي:
تشكو المجالس المحلية من الإيرادات والمعونات الخجولة التي تكاد لاتكفي للقيام بالأعمال والمهام المطلوبة من مجالس المدن والبلدات، إيرادات وتحصيلات خجولة لدرجة لا تسمح حتى بالهدر لأنها لا تكفي لشيء، في المقابل يرى المواطنون أنه بالرغم من ضعف الإمكانات إلّا أنها ربما تكفي لولا الهدر والفساد خاصة بمخصصات المحروقات، وأنه في حال الترشيد الصحيح ومتابعة الأخطاء سيلاحظ المواطن فرقاً في الخدمات بالإمكانات المتاحة.
وللعلم ينص قانون الوحدات الإدارية على أن تمويل المجالس المحلية ذاتي، في وقت تعاني فيه الأغلبية العظمى من المجالس المحلية في المحافظة من ضعف الإمكانات المادية وندرة الاستثمارات، والمشكلة تكمن في الموازنة الذاتية للوحدات الإدارية, فالمجالس المحلية تعتمد على فرض الرسوم والضرائب والمشاريع الاستثمارية، لكن الوحدات الإدارية تعاني معظمها ضعف الإمكانات، لذلك تقدم لها وزارة الإدارة المحلية المعونات المالية.
مساحة ومرونة
وتمتاز المجالس المحلية بأنها ذات شخصية اعتبارية لها استقلالها المادي والإداري وتمتلك كامل الحرية بإدارة أملاكها وإيراداتها.. ولكن تبقى حنكة وتدبير إدارة كل مجلس محلي والتعاون بين أعضائه هي الحكم على النتائج المحققة من هذه الإيرادات، لذلك قد نشاهد مجلسين محليين يحصلان على إيرادات مالية مشابهة إلّا أن منطقة أحدهما مخدمة بشكل أفضل من الأخرى.

الطويل: القانون أعطى حرية لرئيس المجلس

وعامله كقائد ومدير لهذه الوحدة الإدارية وليس كموظف..

وفي هذا الصدد تحدث الأستاذ المحامي عماد الطويل عن قانون الإدارة المحلية الحالي وعن تجربته كرئيس مجلس سابق لمدينة شهبا لدورتين متتاليتين، مؤكداً أن القانون أعطى الوحدات الإدارية مساحة ومرونة أكبر من القانون السابق ولكن هذه المرونة أعطت مساحة فساد أكبر لأن الضوابط لم تكن كافية ولم تكن على قدر المرونة، مضيفاً: أنا مع إعادة هيكلة القانون القديم لأنه كان مستمداً من وحي واقعنا وليس من تجارب دول أخرى كما القانون الأخير، القانون الحالي مرن لكن المرونة بحاجة إلى تشدد بالرقابة وجدية بمحاربة الفساد.
وأكد الطويل أن الحل الأمثل لمحاربة الفساد في مجالس المدن هو تفعيل دور الرقابة الشعبية على عمل المجلس، وفي المقابل إعطاء حرية لرئيس المجلس ومعاملته كقائد ومدير لهذه الوحدة الإدارية وليس كموظف، ما سينعكس إيجاباً على مدينته وبلدته والسماح له باتخاذ القرارات الارتجالية حسبما تقتضي المصلحة العامة، مشيراً إلى أن حلّ مشكلة الفساد يكون من خلال الآليات أكثر من القوانين ومن خلال تشكيل لجان بصلاحيات كاملة وآليات عمل وضوابط لمحاربة الفساد.
وواجهت الكثير من الوحدات الإدارية في المحافظة الكثير من المشكلات التي أثّرت سلباً في الأداء والتنفيذ، بدءاً من ضعف التمويل والقوانين الخانقة للمخططات التنظيمية، ومجالس المدن التي لم تستطع استثمار إمكاناتها المتاحة، إضافة لعدم امتلاك بعض من هذه المجالس أملاكاً لاستثمارها والاستفادة من ريعها، بل تنتظر المساعدات والمعونات والإيرادات الذاتية من الرسوم المستوفاة من جباية ومخالفات والتي لا تكفي حتى لتخديم البنية التحتية في البلدية.
وعندما صدر القانون المالي رقم 37 عام 2021 عزز من استقلالية المجالس المحلية فأتاح موارد مالية جيدة للوحدة الإدارية، والقانون المالي يتطابق مع قانون الإدارة المحلية من حيث التساوي بين الوحدات الإدارية ونقلها من المستوى الهرمي إلى المستوى الأفقي، كما أنه وحّد القوانين المالية المتعلقة بإيرادات الوحدات الإدارية في وحدة تشريعية تتسم بالحداثة وتنسجم مع التطورات التشريعية.
الصلاحيات الواسعة التي أعطاها قانون الإدارة المحلية للمجالس المحلية ومكنتها من تطوير وحداتها الإدارية خدمياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً عززها القانون المالي رقم 37 لكونه ساعد المجالس على رفد موازناتها بإيرادات جديدة تساعدها على تحسين وضعها المالي وبما يمكّنها من القيام بمسؤولياتها.

الوعي الاجتماعي
وتحدث الأستاذ المحامي أسامة الهجري أيضاً عن تجربته برئاسة مجلس بلدة قنوات وعن رأيه كمحام بطرق محاربة الفساد في مجالس المدن، موضحاً أن القانون الأخير شبه متكامل من الناحية التنظيمية لكنه من الناحية العملية لا يغطي كل ما هو مطلوب لمحاربة الفساد، منتقداً تعيين أشخاص غير اختصاصيين في رئاسة مجلس المدن ممن معهم شهادات ثانوية أو شهادات جامعية غير اختصاصية، فرئيس المجلس يجب أن يكون مهندساً أو قانونياً من أهل الاختصاص ليعرف كيف يطبق قانون الإدارة المحلية بالشكل السليم.
وأشار الهجري إلى أن القانون الأخير تطرق إلى العقوبات في حال وجود حالات فساد ورُشاً، لكن الواقع لا يحل بالقوانين فقط بل بالوعي الاجتماعي وتفعيل ثقافة الشكوى وعدم تقديم الرشوة للموظف من المواطن أيضاً، فنحن بحاجة إلى قوانين وتعديلات على قانون الإدارة المحلية تناسب واقعنا الحالي وظروفنا الاستثنائية التي نمر بها.

الهجري: القانون الأخير شبه متكامل من الناحية التنظيمية

لكنه من الناحية العملية لا يغطي كل ما هو مطلوب لمحاربة الفساد

وأول ما يخطر بالذهن عند الحديث عن فساد المجالس المحلية هو فساد القائمين على المجلس المحلي وعدم استغلال الإمكانات والهدر وعدم إدارة الموارد المالية ” وإن كانت ضعيفة”، وأوضح عدد من القائمين على هذه المجالس أن إيرادات الموازنة المالية للوحدة الإدارية تأتي من عدة مصادر، “مصدر من أصل الوحدة الإدارية نتيجة الخدمات التي تقدمها، مثلاً تزفيت شارع تكون له رسوم عائدة لميزانية المجلس المحلي.. كذلك من رسوم رخصة بناء أو غرامة على أي مخالفة أو رسوم من اللوحات الإعلانية… إلخ”، أما المصدر الثاني فهو من إدارة الاستثمارات التابعة للوحدة الإدارية، والمصدر الثالث يتم تحصيله من الجهات العامة، حيث تذهب نسبة من تحصيل الضرائب من وزارة المالية إلى الحساب المركزي لوزارة الإدارة المحلية لتقوم بدورها بتوزيعها على الوحدات الإدارية حسب عدد السكان بمنطقة كل وحدة.
المجالس المحلية لها الدور الأكبر للنهوض والارتقاء بمدنها وبلداتها وبلدياتها ولتحسين الواقع الاقتصادي عبر استقطاب الاستثمارات الجديدة ووضع خطط إستراتيجية، فقانون الإدارة المحلية أعطى الحرية المطلقة للمجلس المحلي للعمل والتنفيذ لكن لا يزال هناك جهل به وبمواده ما يتطلب التعريف به أكثر ليتمكن أصحاب الشأن من ممارسة صلاحياتهم بشكل جيد وتنفيذ مهامهم على أكمل وجه، وقانون الإدارة المحلية هو البوصلة التي توجه عمل رؤساء الوحدات الإدارية والمحافظات لكونه حدد عمل المجالس وتعدادها وصلاحياتها على أرض الواقع، ولاسيما أن المجلس المحلي يرسم إستراتيجيات وخطط وأعمال المحافظة التي ستنفذ من خلال المكتب التنفيذي المنبثق من مجلس المحافظة والمجالس المحلية الأخرى.

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. آلية تطبيق القانون السبب الأساس في إظهار فساد وعجز المجالس المحلية.. والرقابة المالية تتعامل مع المجالس كأنها تتعامل مع موظف

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار