قمّةُ «بريكس».. بدايةُ تاريخٍ جديدٍ

يترقّب العالمُ، وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكيّة، مخرجات القمة الخامسة عشرة لمجموعة «بريكس» التي تنعقد في «جوهانسبورغ» جنوب أفريقيا اليوم، وتستمر حتى الرابع والعشرين منه؛ إذ تتخوّف الولايات المتحدة من خطورة توسيع هذه المنظمة على مستقبل الدولار، خاصة بعد توقّعات «روبرت كيوساكي» التي رصدها كتابه المعنون، بـ«الأب الغنيّ والأب الفقير»، والذي أعرب فيه عن قلقه من أن الدولار قد يفقد قيمته، و«يصبح ورقَ تواليت» على حدّ توقعاته.
في قمّة «بريكس» اليومَ ستوضع خريطةُ طريقٍ لإنهاء الهيمنة الأمريكيّة على مقدرات العالم، الماليّة والسياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة، وقد سعت المجموعة لخلق نظام اقتصادي جديدٍ مواٍز لنظام المؤسسات الدوليّة الحالية، والتعامل بطرق جديدة تُخرج الدولار من معاملاتها باعتباره وسيطاً ومقياساً لأسعار العملات، وقامت بإنشاء مؤسسات جديدة، هدفها إيجاد نظام اقتصادي ماليّ دوليّ جديد.
ومن المتوقّع أن تأخذ هذه القمة مبادرةَ اتفاقٍ حول إصدار العملة الجديدة كبديل للدولار الأمريكي، خاصة بعد أن وصل «بنك التنمية الجديد»، التابع لـ«بريكس» إلى رأسمال مقداره 50 مليار دولار، ومن الممكن أن يكون البديل عن البنك الدولي وصندوق النقد.
ويأتي توقيتُ قمّة «بريكس» في وقت بدأ فيه الكثير من دول العالم يتراجع عن السعي والهرولة وراء الغرب على نحوٍ عام، والولايات المتحدة على نحوٍ خاص، إذ ظلّت الأخيرة تفرض هيمنتها وسيطرتها على اقتصادات الدول النامية، لتفتح المجموعة نافذةَ أملٍ جديدة لهذه الدول ومسارات هجرةٍ نحو هذا التكتّل الذي خاض تحدّيات ضد هيمنة الدولار والقطب الواحد.
إذاً؛ القمّة ستُعقد تحت عنوان «بريكس وأفريقيا الشراكةُ من أجل تسريع النمو المتبادل والتنمية المستدامة والتعدديّة الشاملة»، وسيحضر قادتها الخمسة إضافة إلى قادة أكثر من 67 دولة على الأقل، تمّت دعوتهم. وعلى رأس الأولويات بناءُ شراكة بين دول «بريكس» وأفريقيا، كذلك التصدّي للتحدّيات وتعزيزُ التعدديّة والفرص المشتركة بين جنوب أفريقيا وأعضاء «بريكس» الآخرين.
في الختام؛ نقتبس قول «جيك سوليفان» وهو مستشارٌ خاص سابق في البيت الأبيض خلال إدارة «دونالد ترامب»، إذ يقول، يبدو أن التصفيق سيأتي بصوتٍ عالٍ من المسؤولين في دول «بريكس» ذات الميول المناهضة للإمبريالية، ومن بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، ومن كبير الاقتصاديين في إدارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن»، كما يبدو أن صيحات الاستهجان ستنبعث من كل من الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب» ومجتمع الأمن القومي الأمريكي الذي على الأغلب يتنازع معه، وفي كلتا الحالتين، من غير المرجّح أن ينتهي عهدُ الدولار بين ليلةٍ وضحاها، لكن هيمنة الدولار ستبدأ بالتآكل البطيء من قبل عملة «بريكس».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار