المرأة السورية ودرب الروح

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:

نقل إلينا تاريخنا العربي البهي قصصاً بطولية عن المرأة العربية والسورية بشكل خاص يحق لنا أن نفتخر بها، لأنها أعطت مثالاً صادقاً للمروءة والشهامة والانتماء الروحي لأمتها العربية المجيدة، ولعلّنا نستذكر ذات النطاقين «أسماء» بنت الخليفة أبي بكر، حين قدم إليها ولدها «عبد الله ابن الزبير» قائلاً: «يا أماه لم يبقَ معي من ليس عنده أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني الدنيا وما أريد فما رأيك؟ قالت: أنت أعلم بنفسك فإن كنت على حق وإليه تدعو فامضِ له وقد قُتل عليه أصحابك، وإذا تقول كنت على حق، ولما وهن أصحابي ضعفت، فهذا ليس من فعل الأحرار، فقام عبد الله بن الزبير وقبّل رأسها».

وقد نستذكر أيضاً «الزرقاء بنت عدي» حين جاءت القوم في موقعة صفين بالقرب من شاطئ الفرات الأيمن بين الرقة وبالس وهي تقول: «أيها الناس إن المصباح لا يضيء في الشمس، والكواكب مع القمر، ولا يقطع الحديد إلّا الحديد، فصبراً على المضض، حتى يندمل شعب الشتات» ومثلها نساء كثيرات استطعن أن يعطين فكرة طيبة عن المرأة العربية على مرّ العصور، فقد كانت منهن الفارسة والحكيمة والشاعرة والأميرة والمضحية والمجاهدة والمتكلمة، غير أنه يمكن أن يصل منهن إلى القمم مثل: «خديجة الكبرى، فاطمة الزهراء، السيدة زينب، عائشة، ولّادة بنت المستكفي، فاطمة وخديجة الأندلسيتين، الخنساء السلمية، وأم الخير البارقية، وغيرهن…».

إنّ دور المرأة العربية في الوقت الحاضر لا يتقوقع عند حدّ البيت، فقد تعرّضت الأمة لهجمات متلاحقة، فكرية وحربية، ومن هنا ينبثق دور المرأة المهم، ولا غرو في أن المرأة السورية تميزت عن مثيلاتها العربيات بأنها أنموذج خالص للروح العربية المتجذرة في عمق تاريخنا المجيد، فقد ضحّت وقدّمت وشاركت الرجل في كسر الحصار الجائر على سورية الحبيبة، فكانت مدبرة ماهرة، وباتت معيناً لا ينضب، يمنح الرجل الأمان والدفء وحب الحياة والإبداع الدائم.

لكل ذلك ننبه إلى دور المرأة السورية الكبير في مجتمعنا، وما يهمنا أن نحافظ على هذا الدور المقدّس ونحن نقاتل أعداء الحرية والحياة في أشرف معركة عرفها التاريخ العربي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار