«الحكي ما عاد ببلاش»..!!

تحمس (أبو المعتز) صاحب سلسلة مطاعم تنور على أحد الطرق الرئيسة في ضيعة سياحية، وجمع ولديه معتز وسلطان، وقرر أن يسمعهما خطبة «صميدعية» تحاكي خطبة ابن الوهاج في مسلسل الجوارح يوم نشر أولاده في الأصقاع.
وقال (أبو المعتز) بصوت جهوري: «إن كبر ابنك خاويه» هكذا تقول الأمثال، ولأن العمر له حقه، وفي خانتنا كثرت العيال، ومصروف الزوجات، والأخوات.. قررت ترك زمام الأمور لكما، فأحسنا العمل، وضاعفا الأرزاق، وأعلنا ما عندكما من أفكار..!!
فترجل معتز الابن البكر في العائلة عن كرسيه، وضرب طاولة الحوار البلاستيكية بكفه، وقال باختصار «نحضر نوريات» يصفقن، ويرقصن أمام العابرين من المشاة والسيارات.
أما سلطان، الشاب المثقف فيسبوكياً، فقال باستعراض بعد أن وضع زجاجات عصير وعلبة محارم على طاولة الحوار: التطوير يلزمه تخطيط ودراسات، واستعانة بمعنيين وخبراء يحددون الأهداف، ويقيّمون الحال والمحال ووضع التنور وجدواه الاقتصادية على الشارع العام..!!
(أبو المعتز) المنتشي بحماس أولاده والمستسلم لفكرة العمر والشيخوخة وكمّ أفواه عائلته ومتطلبات الحياة، قسم بيدره نصفين، واجترع زجاجة عصيره برشفة واحدة وقال لهما، اشتغلا كما يحلو لكما، ونعقد هذا الاجتماع نفسه بعد عامين من الآن.
معتز شمرعن ساعديه وعلى «الحارك» بدأ بلملمة الجلسة وإرجاع نصيبه من العصير للبراد، ونفض آثار الغبارعن الطاولة البلاستيكية بزفرة قوية منه تغنيه عن استخدام المناديل المخصصة للزبائن ولف مناقيش الصاج.. بينما سلطان ظلّ قابعاً على كرسيه يتمطى بذراعيه، وخياله يستقطب أسماء المفكرين والباحثين الاقتصاديين لمشروعه الاستثماري الخاص.
وبعد عامين، صار لمعتز اسم اقتصادي ومطعم جبلي يطلّ على البحر، يقدم فيه البرغل بالفخارة والشنكليش مع الزعتر البري وفطائر صاج محشوة «قريدس» تلبي رغبات السياح ونصيحة « البلوغر» الحسناء التي تروّج له على «اليوتيوب» و«الإنستغرام».
في حين إن سلطان حجز طاولة دائمة في مطعم أخيه، يجتمع فيه مع أمثاله من المنظرين، يتجادلون، ويتباحثون في عملية تطوير وتأهيل التنور القديم ومصروف وتكاليف الاستشارات، لأن «الحكي ماعاد ببلاش».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار