عصفوران وحجر..! 

كنا صغاراً عندما أنجز خط القطار الذي يربط مدينة طرطوس بمدينة حمص، إذ إن هذا الخط يخترق أراضي قريتنا – بل إنه قسم هذه الأراضي إلى قسمين، ما شكل صعوبة كبيرة في الوصول إليها ونقل المحاصيل منها لأن ذلك يحتاج إلى ( لفة ) طويلة في طريق ( قشق ) مغبّر وضيق .

أتذكر (الترين) الأسود بصفيره ودكنة الدخان الذي كان يملأ فضاء هذا الطريق وصوت (الشكشكة) التي تصدر من عجلاته .. لم نكن نجرؤ على الاقتراب منه.. ليس خوفاً من صفيره أو رائحة دخانه، بل خوفاً من المياه الساخنة التي يرشقها كل عدة أمتار .. هكذا كانوا يخيفوننا .. لكن فيما بعد تطور الحال، وأدخلت قاطرات سريعة وأقل ضجيجاً بسرعات كبيرة وقدرتها على جر عدد أكبر من (الفراكين) وما تحتويه من فوسفات وحبوب (هكذا كان مكتوباً عليها) .. وقاطرات للركاب أيضاً.. المهم كان منظر القاطرة والفراكين/، وهي تعبر الطريق الذي يفتقر إلى الاستقامة، أشبه بأفعى (رشيقة) تتلوى مع انحناء الطريق، إلى أن يغادر مدى الرؤية.

أتمنى أن أكون قد وفقت في الحديث عن خط القطار بطريقة «رشيقة»، وأن يكون إسهابي في توصيف (الترين الأسود) قد تم بطريقة رشيقة أيضاً، لأن هذا المصطلح قد أشكل بالنسبة لي، أعرف أن الرياضة بكل أنواعها تحتاج إلى رشاقة .. والراقصة أيضاً تحتاج إلى رشاقة.. الدبكة و.. إلخ أيضاً تحتاج الى رشاقة .. لكن اعذروني على

(تخلّفي) فلم أسمع إلا مؤخراً عن الإدارة الرشيقة .. وعندما سمعته دبكت برشاقة مع «النخ» حتى تعبت، وتعرقت، و«تعضلت» ساقاي.

بعد هذه (البروفة)، فإنني أنصح بإجراء اختبار لاختيار المديرين ومعاوني الوزراء والأمناء العامين في المحافظات يشمل اختباراً للركض، وآخر لقفز الحواجز.. وللنظام المنضم والرقصة الروسية ودورة صاعقة .. ومن يفوز من المرشحين يتم تعيينه في المكان الذي رشح إليه، مع ميزة إضافية بسيطة هي إعفاؤه من تطبيق المسار الوظيفي فترة يتفق عليها، خاصة أن الكثير ممن ينطبق عليهم هذا المسار مازالوا على رأس عملهم.. ليس في وزارة الإدارة المحلية فقط، بل في بعض الوزارات الأخرى، وأغلبية المحافظات، نتمنى ذلك لأن بقاء هؤلاء «المترهلين» في أماكنهم سيؤخر كثيراً الوصول إلى الإدارة الرشيقة .. عصفوران بحجرٍ واحد ؛ تطبيق قرار المسار الوظيفي والوصول الى إدارة رشيقة ، قد تفيد في إصلاح الأسواق والأسعار ولجان المحروقات .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار