التربية السريعة خطوة بحثية زراعية حديثة نحو تطوير محاصيل تواكب التغير المناخي والتزايد السكاني
تشرين- لمى سليمان:
في خطوة بحثية حديثة نحو تطوير محاصيل تواكب التغير المناخي والتزايد السكاني، تعمل هيئة البحوث العلمية الزراعية على أسلوب جديد في الزراعة يسمى بالتربية السريعة أو “speed up breeding” وعن هذا الأسلوب العالمي الحديث يشرح لـ”تشرين” معاون الهيئة الدكتور بهاء الرهبان موضحاً: بدأ العمل الآن بشكل سريع من أجل البحث عن حلول تهدف إلى تأمين كميات كافية من مختلف المحاصيل والمنتجات الزراعية.
ومن هنا كان العمل على تطوير طرز وراثية من مختلف تلك المحاصيل والمنتجات، بحيث تكون ذات إنتاجية عالية إضافة إلى تأقلمها مع الظروف البيئية والإجهادات الأحيائية كالأمراض والحشرات، ويجب أن تتم تلك العملية بالسرعة اللازمة لتواكب ذلك القلق المتزايد عالمياً بشأن الأمن الغذائي وتزايد الطلب على المنتجات الغذائية، بسبب النمو المتسارع في عدد السكان إضافةً إلى التغيرات المناخية وما تسببه من خسائر كبيرة في الزراعة من جهة، وخروج معظم الأصناف المزروعة من الزراعة من جهة أخرى.
وبالنسبة للآلية الفيزيولوجية للتربية السريعة يؤكد الرهبان أنّ عملية تسريع نمو النبات تتم من خلال تعريضه لفترة زمنية للإضاءة طول الموجة من 400-700 نانو متر وبشدة ضوئية 450-500 μmol.m-2.s-1 والتي تعمل على تحفيز صبغيات الكلوروفيل، وبالتالي يقوم النبات بعملية التركيب الضوئي ويستمر في عملية الاصطناع مع استمرار التعريض للضوء، كما تترافق عملية الإضاءة مع الحرارة التي تختلف باختلاف المحصول المزروع.
وبالتالي يستمر النبات في النمو بشكل متسارع، وهذا ما يتطلب من مربي النبات الدقة في عملية الانتخاب في الأجيال الانعزالية حتى الحصول على سلالات وراثية ذات قيمة وراثية عالية ومتفوقة على آبائه.
أما عن أهمية “التربية السريعة” في ظل التغيرات المناخية وما تسببه من خسائر كبيرة في الزراعة وخروج معظم الأصناف المزروعة من الزراعة، فيجيب د.الرهبان: تأتي أهمية طريقة التربية السريعة “Speed up Breeding ” لكونها تساعد في اختصار الفترة الزمنية اللازمة للمرحلة الأولى من عملية التربية من 7 سنوات حتى سنة واحدة، وبالتالي تساعد في اختصار الوقت من جهة ومن جهة أخرى في رفد البرامج الوطنية بالمادة النباتية اللازمة لنهضة الواقع الزراعي وتحقيق تنمية واستقرار غذائي.
وبدوره يؤكد المهندس الزراعي نبال خزعل أنّ أهمية “التربية السريعة” تكمن أولاً في اختصار الوقت لكون تطوير محاصيل ذات صفات متحملة للجفاف ومقاومة للأمراض قد يستغرق أكثر من 15سنة، ولكن التقنية الزراعية الجديدة قدمت هذه النتائج في نصف الوقت.
وبالرغم من أنّ هذه التقنية قد صُممت أصلاً لمحاصيل القمح، لكن تم تكييفها عالمياً مع زراعة الشعير والحمص والفول السوداني والبطاطا.
ويشير خزعل إلى أنّه بعد أن تتم تربية النباتات ذات الصفات المحسنة المرغوبة من قبل العاملين في مجال تربية المحاصيل داخل بيوت زجاجية مجهزة لإجراء التربية السريعة، يتم اختبارها في الحقل للتأكد من أنها تنتج غلة جيدة، وتحمل الصفات المرغوبة نفسها (مقاومة الأمراض؛ وتحمل الجفاف) قبل أن يتم اعتمادها رسمياً ثم بعدها يتم إكثارها وتسليمها إلى المزارعين.
يمكن القول إنّ طريقة العمل بالتربية السريعة بدأت ويمكن الاستفادة من نتائجها بعد إجراء الاختبارات الحقلية والحصول على الإنتاجية والصفات النوعية المرغوبة.