يا صفيّة..!

تبيّن، وبشكل متأخرٍ أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السابق حنون جداً وحساس ويتلقف أوجاع الناس، خاصة المنتجين، فكلنا فهم خطأ موضوع ارتفاع أسعار البصل، وكيف أنه تجاوز حدود الـ١٦ ألف ليرة في بعض الأحيان.. اعتقدنا أنها لعبة تجار، وأن الأمر احتكار ممنهج قد تم تنسيقه مع الوزارة من أجل (لحسة إصبع) ومع أنه تم ضبط عدة مستودعات تحتوي كميات كبيرة من البصل، إذ إن السبب الحقيقي وراء إصرار الوزارة على استيراد سبعة آلاف طن من البصل المصري هو أن الفنانة المصرية هالة صدقي قامت بزراعة مساحات من البصل في مزرعتها، وعندما (خاوز) الفلاحون معها قامت هي شخصياً بجني المحصول.. يعني بيديها، وقد تمّ التقاط هذه (اللوحة)، وكان قرار الاستيراد، لكن لم نعلم حتى الآن حجم الكمية التي وصلت إلى مستودعات السورية للتجارة.. ولا نعلم إن كان البصل الواصل إلينا هو من إنتاج الفنانة صدقي أم لا، كل ما نعلمه أن الروائح الكريهة كانت تصدر منه، لذلك تمت تعبئته في أكياس سعة كيلوغرامين، ولم يسمح للمستهلك بالتنفس حتى لا يقع صريعاً من تلك الرائحة النتنة.
هذه الحالة ذكرتني أيضاً بلهفة معاليه عندما قرر صاحب إحدى الشركات المنتجة لمادة غذائية إيقاف العمل في الشركة بحجة (مو جايبة همّها)، حينها سارع إلى الاتصال بصاحب الشركة ليعلمه أن الوزارة معه، وستقدم كل التسهيلات.. وبعد شهر من التوقف عادت المادة إلى السوق بسعر يزيد ضعفاً ونصف الضعف.. في الأولى خسر المنتج الذي هو الفلاح، إذ ابتلع السماسرة والتجار جهد الفلاحين وتعبهم، وما زال كيلو البصل بين ٥ -٦ آلاف ليرة أيضاً تحت أعين الرقابة من الأرض إلى سوق الهال إلى تجار المفرق إلى موائد المستهلكين، أما في الحالة الثانية، فالمسألة عكسية، إذ إن أول من تأثر هو المستهلك.
الكثير من القرارات إن كانت تتعلق بالاستيراد أو التصدير.. التعيين والإعفاء.. محاربة الاحتكار أو الدعم في أغلبية الوزارات والجهات الحكومية تقدم للناس في لبوس المصلحة العامة في هذه الوزارة أو غيرها من الوزارات، فمنذ بداية الأزمة على بلدنا، وحتى الآن هناك قرارات تشبه إلى حد كبير بارودة «أسعد خرشوف» في مسلسل «ضيعة ضايعة»، تسدّد على الفاسد في أسفل ومنتصف الهدف، فتصيب في رمايتها في الطرف الآخر عكس الأهداف.. لكن على ما يبدو، الغايات المبطّنة سهلة القنص، فيذهب القوم بجهالة، وهم على ناصية الإنجاز، ولا يندمون.. سنبقى إلى ما بعد مئة عامٍ نردّد (غطّيني يا صفية) التي قالها سعد زغلول منذ مئة عام..؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار