ورقة الاقتصاد السوري الرابحة بانتظار الإنقاذ السريع… هواجس حول قطاع الصادرات ورسوم العبور «شعرة قصمت»..

تشرين- منال صافي:
التصدير أحد أهم مفاتيح النمو الاقتصادي وأحد أهم مصادر تنوع الدخل للقطاعين الخاص والعام، وهو المصدر الرئيس للقطع الأجنبي الذي يستفاد منه في تمويل عمليات الاستيراد من جهة، وتخفيض العجز في ميزان المدفوعات من جهة أخرى. كما أن الصناعات التصديرية قد تحصل على مدخلات من صناعات غير تصديرية, كذلك فإنّ جزءاً من مخرجاتها قد يستخدم في تدعيم صناعات غير تصديرية أيضاً, وهذه العلاقة التكاملية تؤدي حتماً إلى تطور الصناعات غير التصديرية وتحويلها إلى صناعات تصديرية في الأجل الطويل برأي خبير الاقتصاد الدكتور حسن حزوري.
وهنا يبرز السؤال الأهم، ماذا قدمت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لدعم قطاع التصدير؟
برامج لتشجيع الصادرات
يجيب ثائر فياض مدير هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات: إنّ وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والذراع التنفيذية لها (هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات) تعمل على ترويج وتشجيع تصدير الفائض من المنتجات السورية في الأسواق الخارجية من خلال عدة أنشطة تقوم بها وذلك بدراسة الإنتاج وكفايته ‏ورفد الخزينة العامة بالقطع الأجنبي وتسعى إلى إزالة كل العقبات التي تقف في طريق الصادرات ‏السورية وتبسيط الإجراءات، لذلك أطلقت الوزارة العديد من البرامج لتشجيع الصادرات منها برنامج دعم تصدير المنتجات الصناعية التي يقوم الصناعي بتصديرها بنفسه ‏وتقوم الهيئة بتقديم دعم وقدره 10% من قيمة الشهادة الجمركية بشكل نقدي ‏بإحالة القيمة المذكورة للصناعي إلى حسابه في أحد المصارف العاملة بالقطر ،حيث انطلق البرنامج بتاريخ 1‏/6‏/2022 ويستمر حتى 31/12/2023.
وحسب فياض يوجد برنامج لدعم المنشآت الصناعية حيث تقوم الهيئة بتقديم دعم بنسبة9% من الصادرات من الألبسة الجاهزة و 7%للمواد الغذائية و9% للسجاد إضافة إلى 5% للمنتجات الحرفية وتسديد المبالغ المترتبة نتيجة التصدير إلى مطارح دعم ‏محددة (فاتورة الكهرباء-المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية- وضريبة الدخل لوزارة المالية) بموجب كتب مطالبة من هذه الجهات موجهة إلى الهيئة بما يتوجب على هذه المنشآت الصناعية وتقوم الهيئة بإحالة المبالغ إلى حساب هذه الجهات بدلاً من الصناعي الذي قام بعملية التصدير.
‏كما أطلقت الوزارة عدداً من البرامج لدعم تصدير المواد الزراعية مثل برنامج دعم تصدير الحمضيات حيث تتحمل الهيئة 25% من تكلفة الشحن خلال فترة ذروة الإنتاج من 1‏/11‏/2022 ولغاية 28‏/2‏/2023، و 10% من تكلفة الشحن من 1/3/2023 لغاية 30/5/2023، ‏وكذلك دعم تصدير التفاح بنسبة 25% من تكلفة الشحن اعتباراً من تاريخ 1‏/11‏/2022 ولغاية 30‏/5‏/2023.
كما أطلقت الوزارة ممثلة بالهيئة برنامج ‏دعم تصدير مادتي البندورة والخيار بدءاً من 1‏/1‏/2022 ولغاية 1/8 /2022 بنسبة 20% من تكلفة الشحن.

فياض: من الصعوبات عدم وجود خط نقل بحري مباشر إلى روسيا وبعض الدول الأخرى التي يمكن أن تكون وجهة للصادرات السورية

إضافة إلى ذلك تقوم الهيئة بدعم إقامة بعض المعارض في الخارج بهدف الترويج للمنتجات السورية وتعريف المستهلك الأجنبي بالمنتج السوري، حيث نظمت وأشرفت على المشاركة في معرض الصناعات الغذائية الدولي (غولفوود) الذي أقيم في دبي خلال الشهر الثاني من العام الجاري2023, وتقوم بتنظيم والإشراف على معرض الجزائر الدولي الذي سيقام خلال الشهر السادس من العام الجاري .

طرقات لا تخلو من الصعوبات
وفيما يتعلق بطرق التصدير المتاحة حالياً أوضح أنه‏ يتم التصدير إلى الأردن ودول الخليج ومصر عن طريق معبر نصيب الحدودي وكذلك إلى العراق عبر معبر البوكمال وإلى لبنان وغيرها من الدول الأخرى عبر معبر الجديدة وأحياناً يتم التصدير عبر المنافذ الحدودية البحرية (اللاذقية وطرطوس).

‏ولفت فياض إلى أن الصعوبات التي تعانيها الصادرات أغلبها يكون مع الدول المجاورة مثل رسم العبور الذي يتقاضاه الأردن مقابل عبور البرادات والشاحنات السورية عبر أراضيه والذي يصل أحياناً إلى /2500 /دولار لكل شاحنة أو براد وهذا يزيد من تكلفة البضاعة بقدرتها السعرية على المنافسة، لذلك فإن المناقلة التي كانت تتم عبر الحدود العراقية توصلت الحكومة أخيراً مع الحكومة العراقية إلى إلغائها.
‏إضافة إلى عدم وجود خط نقل بحري مباشر إلى روسيا وبعض الدول الأخرى التي يمكن أن تكون وجهة للصادرات السورية.

مشكلات داخلية وخارجية
لكن رغم كل هذه الجهود المبذولة من قبل الجهات الحكومية لدعم هذا القطاع غير أنه يواجه مشكلات عديدة ومتشابكة من أهمها، حسب الدكتور حزوري، ارتفاع تكاليف حوامل الطاقة وارتفاع تكاليف المنتجات السورية ولاسيما الصناعية منها، ما ينعكس على فقدان المنافسة في الأسواق الخارجية، وحتى تصدير المنتج الزراعي يعاني الكثير من الصعوبات أيضاً، منها التعبئة والتغليف، والنقل الداخلي للمنتج الزرعي إلى الأسواق، وارتفاع أجور اليد العاملة بالقطاف والفرز والتوضيب.

حزوري: التصدير يجب أن يكون لفائض الإنتاج من الصناعة التحويلية، بينما ما يصدّر فعلياً منتجات ومحاصيل زراعية وعلى حساب المستهلك السوري

وأردف حزوري: هناك مشكلات خارجية تتمثل بالقرارات التي تصدر من الدول المستوردة وتتعلق بالعقوبات المفروضة على سورية، علماً أن التصدير يجب أن يكون لفائض الإنتاج ولمنتجات الصناعة التحويلية وخاصة النسيجية والغذائية والكيميائية والهندسية، بينما ما يتم تصديره فعلياً في الوقت الراهن، منتجات ومحاصيل زراعية وعلى حساب المستهلك السوري، حيث إنّ الاستمرار في تصدير الزيوت والخضار والفواكه واللحوم إلى دول الخليج العربي والعراق يؤمن قطعاً أجنبياً، ولكن في المقابل يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات محلياً، ما ينعكس سلباً على المستوى المعيشي، نتيجة الغلاء.
وأوضح أن المنتجين الصناعيين، غير قادرين على التصدير، لأن تكاليف الإنتاج وأسعار السلع المنتجة مرتفعة، الأمر الذي يجعل تصديرها صعباً أو مستحيلاً، لأن التصدير يتم عندما تتمكن السلع من المنافسة، ويعود السبب حسب الدكتور حزوري إلى أن معظم مستلزمات الإنتاج غير متوافرة محلياً ولابدّ من استيرادها، والاستيراد يحتاج إلى قطع أجنبي وتخلى المصرف المركزي عن التمويل وأوكله إلى ما يسمى المنصة، وحسب الدور، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف المواد المستوردة تضاف إلى ذلك عوامل تزيد التكاليف وتؤثر في الإنتاج من رسوم جمركية وضرائب وأسعار حوامل الطاقة التي تتغير بشكل شبه فصلي وأجور مرتفعة للعمالة المهنية التخصصية أو العمالة الماهرة.
ومن المعوقات التي تقف أمام التصدير، أيضاً أجور الشحن، وخاصة الشحن البري، حيث تفرض رسوماً غير مبررة وكبيرة جداً ( 8000 دولار على كل سيارة للعراق مثلاً) تؤدي إلى فقدان تنافسية المنتجات السورية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار