ملف «تشرين».. استثمار” مغرٍ” اقتصادياً وغذائياً.. القطاعان العام والخاص ينتظران المبادرة.. والتكاليف تضاعفت مرات عدّة
تشرين – غيداء حسن – منال صافي:
لكونها مادة أساسية في صناعة الأعلاف، وخاصة للدواجن، تلقى الذرة الصفراء الكثير من التشجيع للتوسع بزراعتها، لكن بالمقابل هذا التوسع يحتاج إلى وجود مجففات للحفاظ على المحصول وتخزينه، وتحقيق أقصى استفادة منه على مدار العام، بما يسهم في زيادة المساحات وتخفيض فاتورة الاستيراد من الخارج بالقطع الأجنبي.
أربعة مجمعات للمجففات، في دير الزور والرقة والحسكة وحلب، دمّرت خلال الحرب بشكل كامل ومنهجي، وهي عامل مهم جداً بالنسبة لمحصول الذرة، لكون هذا المحصول – حسب ما أكده مدير المؤسسة العامة للأعلاف المهندس عبد الكريم شباط- تكثيفياً ويزرع بعد المحصول الأساسي (القمح والشعير)، وعمره بين 115- 130 يوماً، يحصد قبل موعد زراعة المحصول الأساسي الثاني في فصل الشتاء، فإما أن يستخدم الإنتاج مباشرة في تغذية قطيع الثروة الحيوانية سواء “أبقار، أغنام”، عن طريق إدخالها في الخلطات، وهي مادة أولية أساسية في الخلطات العلفية لكل أنواع الثروة الحيوانية، وخاصة للدواجن، لأنه إذا تم تخزينها بشكل رطب تتعرض للتلف والأمراض والفطريات، وخاصة الأفلاتوكسين، وتعد مادة سامة، لذلك فإن موضوع المجففات مهم جداً لمادة الذرة.
صعوبات بالغة
نظراً لأهميتها سعت مؤسسة الأعلاف-حسب شباط- بكل السبل لتأمين مجففات، ومنذ عام 2020 وهي تعلن بشكل مستمر عن تأمينها، لكن هناك صعوبات بالغة بذلك لأن معداتها وآلاتها تعتمد على الاستيراد، ومعروف للجميع العقوبات المفروضة على سورية، يضاف إليها تغيّر السعر، فمثلاً من يريد تركيب مجفف يعطى مدة عقدية سنة بين بناء واستيراد ومكان، ستتغير معه قيمة الصرف، ومنذ بداية إعلان مؤسسة الأعلاف عنها أخذت المؤسسة العامة للطرق مجففاً في دير حافر بمبلغ مقداره مليار ومئة وثمانون مليوناً، وتأخرت بالتنفيذ، وصارت تغيرات بالسعر ومن ثم أعطيت لمتعهد ثانٍ ولمتعهد ناكل وفشلت أكثر من مرة، فسحبت المؤسسة العامة للأعلاف التعهد من مؤسسة الطرق لعدم تمكنها من تنفيذ المشروع، ثم أعلنت للمرة الثانية وأجرت عقداً بحدود 9 مليارات و700 مليون ليرة، لكن لم يوقّع العقد نتيجة الأسعار وبعض الأمور العقدية، وبقي كل المستثمرين يعزفون لأن التخصيص بالليرة وليس بالقطع الأجنبي وسعر الصرف متغير، لذلك تمت المراسلة بكل السبل لـتأمين مجففات سواء للقطاع العام أم الخاص واتخذت الحكومة إجراءات كثيرة، شملت المجففات بميزات كثيرة بحيث تكون مشجعة، مبيّناً أنه خلال العام الحالي ونتيجة التشجيع والاهتمام الحكومي بهذا الموضوع، هناك قسم كبير جداً من القطاع الخاص سعى بكل جهده لهذا الموضوع، ففي منطقة حلب هناك مجفف قيد الإنجاز ويتوقع أن يكون في العمل خلال الموسم، وهناك مجفف للقطاع الخاص في دير الزور، إضافة إلى موافقة أُخذت للقطاع الخاص في حلب بمنطقة كويرس، وهناك قطاع خاص يسعى، بالتنسيق مع وزارة الزراعة، للحصول على قطعة أرض لإنشاء مجفف، وقد تم التواصل مع الغرف الزراعية ومع قسم كبير من المستثمرين لهذا الغرض.
وتيرة متسارعة
يرى شباط أن موضوع المجففات يسير بوتيرة متسارعة من القطاع الخاص، وهناك تطورات كبيرة جداً تختلف عن السابق، مبيّناً أن وزارة الزراعة أرسلت العام الماضي لجاناً من كل جهاتها ” الإنتاج الحيواني، البحوث العلمية، مؤسسة الأعلاف، ومديرية الإنتاج النباتي” في الشهر الثاني من بداية الموسم للمناطق كلها وتم تشجيع المزارعين على زراعة الذرة، فكانت النتائج مبهرة، إذ وصل الإنتاج العام الماضي في المناطق الآمنة إلى حدود 500 ألف طن من مادة الذرة الصفراء الحب، حيث لم يسبق لسورية حتى قبل الأزمة أن أنتجتها، هذه الكمية ساهمت بشكل كبير في تأمين قسم كبير من حاجة الدواجن والثروة الحيوانية، وأكبر دليل على ذلك أن سعر الذرة في الموسم كان 1700 للطن، بينما الآن 4 ملايين للمستورد، وانخفضت الاستيرادات في تلك الفترة وأحجم كل المستوردين عن استيراد الذرة من الخارج، لأن البضاعة المستوردة لم تكن ستسوّق لوجود بضاعة محلية وبأسعار وجودة أفضل، لكن مشكلة المجففات كان لها تأثير، إذ كان بالإمكان تجفيف المحصول والاحتفاظ به لوقت أطول.
شباط : التجفيف الطبيعي يحلّ مشكلة جزئية لا أساسية
الجانب الثاني الذي أشار إليه شباط هو أن هذه الكمية المزروعة أنتجت بحدود مليوني طن من بقايا المحاصيل، وساهمت بشكل كبير في تغذية قطيع الثروة الحيوانية، وخاصة الأغنام والأبقار والماعز، وأكبر دليل على ذلك أن المقننات العلفية من مادة النخالة وغيرها لم يرغب المربون بشرائها في ذلك الوقت، لكونهم كانوا يعتمدون على بقايا محاصيل الذرة بشكل أساسي، ويرى أن كمية المليوني طن بقايا محاصيل مع 500 ألف طن ذرة حب وفّرت على الدولة مبلغاً يتجاوز 300 مليون دولار استيراد مواد علفية، فكانت لذلك نتائج إيجابية، عدا الإيرادات التي ذهبت للمزارع لكونه محصولاً تكثيفياً، وعدا عن عدد العمال الذين تم تشغيلهم بعشرات الآلاف والحصّادات والجرّارات وغيرها، وساهمت في إعادة قسم كبير من المزارعين وتمسكهم بأراضيهم، والأهم كان يدفع لهؤلاء بالليرة السورية وتصرف بالليرة في البلد، فكانت هذه عملية إيجابية على الاقتصاد الوطني من ناحية توفير مئات ملايين الدولارات، ومن ناحية تحسين المستوى المعيشي لشريحة كبيرة من المزارعين وأصحاب الحصّادات والجرّارات والمربين الذين استفادوا من توفير هذه المادة بأسعار مناسبة.
ولفت إلى أن الجهات الوصائية كانت قد خصصت في حلب وبعض المحافظات قسماً من الأتوسترادات للتجفيف الطبيعي، لكن هذا التجفيف يحلّ مشكلة جزئية وليس مشكلة أساسية، ما يعني أن المجففات ضرورية جداً.
مربحة جداً
وحسب شباط هناك رغبة لدى الفلاحين بزراعة محصول الذرة، متوقعاً أن تكون الكميات في الموسم القادم، إن لم تكن تساوي الموسم الماضي، الذي كان سابقة في تاريخ زراعة الذرة في سورية، وسيكون أفضل مع وجود بعض المجففات، مؤكداً ضرورة تشجيع القطاع الخاص والمستوردين والمستثمرين على الاستثمار في المجففات، فهي فرص استثمارية واعدة ومربحة جداً للمستثمر.
تُضاعِف الإنتاج
معامل تصنيع الأعلاف الموجودة لدى المؤسسة تصنّع يومياً – حسب شباط- ما يعادل بحدود 400-500 طن رغم الظروف القاسية، من قلة الكادر والآليات وقلة مادة المازوت والكهرباء، وإذا تم توفير تلك المستلزمات فيمكن أن يصل الإنتاج اليومي إلى ألف طن، ويجب أن تعطى العملية الإنتاجية كل المزايا المشجّعة في كل مجالات القطاع الإنتاجي، فبقدر ما نعتمد على أنفسنا ويكون لدينا إنتاج يتحسن الوضع الاقتصادي. فمثلاً محصول الذرة أسعاره متشابهة عالمياً، لكن إذا ما تم إنتاجه محلياً فإن تكاليف الإنتاج تصرف داخل سورية بالعملة المحلية ونوفّر أجور النقل بعشرات الدولارات لكل طن، وتوفّر الجمارك ببلد المنشأ وتكاليف الشحن والوسيط المستورد،
دياب: المشروع متاح لكل المستثمرين الراغبين بإقامته بناء على طلب يقدّم في هيئة الاستثمار السورية
مرفق بدراسة جدوى اقتصادية عن المشروع
كل هذه الأمور تصرف داخل البيت السوري، فما يصرف خارج سورية ويدفع من القطع الأجنبي هو المشكلة، من هنا يجب أن نسعى لكسب القطع من خلال التصدير، ونحن قادرون على ذلك حتى بمادة الذرة التي نستورد كميات كبيرة منها، ونتيجة تجربة العام الماضي، والجهود المبذولة من كل الجهات المعنية والجهود الأكبر للفلاحين، استطعنا الانتقال ما قبل الحرب بالرخاء والأمور المثالية من إنتاج 200 -250 ألف طن في أحسن السنوات السابقة إلى إنتاج 500 ألف طن، ومليوني طن من بقايا المحاصيل في أصعب الظروف وفي ظل ندرة المازوت وشحّ المياه، وإذا وجدت المجففات وتوفر التشجيع فتتضاعف هذه الكمية.
تجهيز معمل “كفربهم”
يشير شباط إلى أن طاقة معمل تل بلاط 90 ألف طن في السنة، عندما تتوفر المستلزمات، وهو رغم ظروف سورية الصعبة، منشأة مهمة ساهمت بشكل كبير في تأمين قسم من الأعلاف وهناك معامل أعلاف في ( عدرا، طرطوس، حمص)، تغطي معظم المناطق ويتم الآن تجهيز معمل الأعلاف بحماة (كفربهم )، لكن لا يمكن تغطية حاجة الثروة الحيوانية كلها.
نحتاج إلى مجففات لا معامل
ونوّه بأن لدى القطاع الخاص 245 معملاً من المعامل العملاقة، طاقتها الإنتاجية السنوية بحدود مليونين ونصف مليون طن من المادة المصنّعة، لكن ما تنتجه سنوياً لا يتجاوز 500 ألف طن، أي في أحسن الأحوال تعمل بين 30-40% من طاقتها الإنتاجية العادية وليست المثالية، بسبب نقص المازوت أحياناً ونقص بعض المستلزمات، ويرى أنه يجب دراسة الواقع حسب الحاجة، فلدينا الكثير من المعامل، بالمقابل يوجد نقص وعوز شديد في المجففات على ضرورتها وأهميتها، كما نحتاج إلى التخطيط والتوعية بين القطاعين الخاص والعام، فالقطاع الخاص شريك.
وختم شباط حديثه بالإشارة إلى أهمية المجففات الزراعية التي إن وجدت في كل قرية، فهي توفر التعب والجهد وأجور النقل والطمأنينة كما أنها مشروع استثماري، ومن الممكن أن يتشارك فيه أعضاء الجمعية الفلاحية في كل قرية .
متاحٌ لكلّ المستثمرين
عدا كونه فرصة استثمارية رابحة، بات موضوع المجففات ضرورة، ويحتاج في ظل الظروف الراهنة إلى مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار فيه، فما الإجراءات والتسهيلات التي تقدمها الهيئة السورية للاستثمار للراغبين بالخوض في هذا المجال؟
ريا: أعداد الثروة الحيوانية غير معروفة لنحدد الاحتياجات العلفية.. ونعاني عجزاً بالموازنة العلفية
مدير عام الهيئة مدين دياب أوضح أنه في الأعوام الماضية ارتفعت حصيلة إنتاجنا المحلي من الذرة، وخاصة في عام 2022 نتيجة التوسع بزراعتها. وقد واجه هذا المحصول مشكلة الرطوبة والتلف نتيجة عدم إدراك أهمية هذا المنتج الزراعي بتحقيق الأمن الغذائي (دقيق، نشاء، أعلاف..) والاكتفاء الذاتي، وضرورة توفيره على مدار العام كمخزون إستراتيجي وإيجاد قيمة مضافة منه، وكانت هناك هوة كبيرة بين الإنتاج والحفظ والتوزيع، وبالمقابل كانت الأعلاف هي من أبرز المستوردات السورية.
لكن هذه المشكلة التي حصلت في السنوات الماضية –حسب دياب- ساهمت في تحرك حكومي للحفاظ على هذا المنتج المحلي المهم، حيث أدرجت الهيئة بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي هذه المشروعات ضمن المشروعات المستهدفة في القطاع الزراعي، وأقرّ المجلس الأعلى للاستثمار هذا النشاط، ووضع المحدّدات اللازمة لشموله بقانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 لتشجيع القطاع الخاص على التشارك مع وزارة الزراعة وتوظيف إمكاناته المادية والبشرية للخوض في هذا المجال.
وكانت رؤية الهيئة هي حلّ مشكلتين، أولاهما الحيلولة دون تلف هذا المحصول الإستراتيجي والحفاظ عليه بتحويله إلى أشكال غذائية تلبّي الاحتياجات المحلية، ولاسيما من الذرة العلفية التي تعد قاعدة الإنتاج والتوسع في قطاع تربية الحيوان، والثانية الحدّ من خسائر الذرة وتحويلها إلى مكاسب للاقتصاد الوطني.
ويضيف: إذاً الهدف الحكومي هو إنتاج محصول الذرة عالي الإنتاجية، ومن ثم الحفاظ عليه من تأثير العوامل المناخية المختلفة، وأهمها الرطوبة من خلال إقامة مشروعات مجففات للذرة في مواقع الإنتاج التي تنتشر في أكثر من موقع على امتداد الرقعة السورية، وفي الحقيقة تقدّم للهيئة مشروع مهم في هذا المجال في المنطقة الشمالية، وتم توقيع عقد بين المستثمر ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، والهيئة الآن بصدد دراسة هذا الطلب والعقد تبعاً للقوانين والأنظمة النافذة في هذا المجال، لدعم المستثمر بحوافز ومزايا وإعفاءات خصّها قانون الاستثمار لقطاع الزراعة وتربية الحيوان.
كما تسعى الهيئة بالتعاون مع الجهات العامة المعنية إلى طرح عدة فرص استثمارية بإجراءات صفرية مدعومة بحوافز وتسهيلات خاصة منها، ولاسيما وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، توزّع بشكل متوازن على كل المحافظات تبعاً لكميات الإنتاج. إضافة إلى ذلك هذا المشروع متاح لكل المستثمرين الراغبين بإقامته، بناء على طلب يقدّم في هيئة الاستثمار السورية مرفق بدراسة جدوى اقتصادية عن المشروع، لتتم دراسته بالتعاون مع الجهات المعنية ضمن مهلة قياسية.
تحظى المجففات العلفية بأهمية كبرى نظراً لدورها بتأمين الاحتياجات العلفية للثروة الحيوانية، الأمر الذي يصب في تحقيق أمننا الغذائي، وبعد التدمير الممنهج الذي طال مجففاتنا العلفية خلال الحرب الإرهابية التي تعرضت لها بلادنا وأدى إلى توقفها عن العمل، تبدو اليوم الحاجة ملحّة لإعادة تأهيلها، نظراً لنقص المادة العلفية في أسواقنا واستيرادها من الخارج، وما يسببه ذلك من ارتفاع بأسعارها واستنزاف القطع الأجنبي، لذلك يجب أن تتربّع مشروعات إعادة تأهيل المجففات العلفية التي دمّرها الإرهاب، أو بناء مجففات علفيّة جديدة، على عرش المشروعات التنموية الاقتصادية الحكومية، لأنها تمسّ الأمن الغذائي، وهي أهم من المشروعات الخدمية والسياحية التي تنفق عليها المليارات اليوم.
لعنة الرقم
الخبير الزراعي سيراج ريّا أكد لـ”تشرين” أن المشكلة الأساسية هي أنه يجب معرفة أعداد الثروة الحيوانية (أبقار، أغنام، ماعز، دواجن، حيوانات العمل وغيرها) قبل معرفة الاحتياجات العلفيّة على مختلف أنواعها، فلا توجد إحصائية دقيقة، وإحصائيات وزارة الزراعة في هذا الإطار تعتمد على مبدأ التزايد الطبيعي ولا تعتمد الدقة، وآخر إحصاء دقيق للثروة الحيوانية كان قبل الأزمة، والعدد الحالي تقديري، وأغلب الأرقام غير صحيحة، ما ينعكس سلباً على أي عملية تخطيط مستقبلي لأي عمل، سواء حكومياً أم منظمات.
وأضاف: من خلال دراسة قمت بها تبين أن هناك عجزاً بالموازنة العلفية لغاية ٢٠٢٠، والمواد التي تم حسابها هي (البروتين والطاقة)، ووصل العجز في البروتين المهضوم إلى (575 ) ألف طن، أما العجز في الطاقة الاستقلابية فهو (42604) مليون ميغا جول. وعندما نقول العجز بالموازنة العلفية، يعني أن كمية المواد العلفية الموجودة في سورية وتكوينها من البروتين والطاقة، إضافة للمواد العلفية المستوردة من خارج البلاد التي هي بشكل رئيسي ( الذرة الصفراء والشعير والصويا وكسبة القطن) بالقياس مع حاجة الحيوانات، هي في حالة نقص، فهذه المواد في حالة ميزان سالب منذ سنة ٢٠١١ وحتى تاريخه نحن في حالة سلبية دائمة، تتغيّر العملية صعوداً أم هبوطاً، حسب أعداد الحيوانات الموجودة، وحسب إنتاجية المواد المستخدمة في تغذية الحيوان.
وزارة الزراعة قدمت عروضاً للاستثمار بالمجففات العلفيّة ولم يتقدّم أحد
وأشار ريّا إلى أن لدينا أنواعاً من الحيوانات الزراعية، وخاصة الدواجن، تعتمد في علفها على المواد المركّزة التي تشمل الذرة الصفراء وكسبة الصويا بشكل رئيسي، وهاتان المادتان تستوردان بشكل كامل، وإنتاجهما في سورية لا يغطّي حاجة هذا القطاع، وخاصة كسبة الصويا، لأن زراعتها قليلة جداً، فتكلفة زراعة محصول الصّويا وإنتاجيته واحتياجاته من الرّي والأسمدة عالية مقارنة باستيراده، أما الذرة الصفراء فكان يتم استيراد الجزء الأكبر من حاجة سورية من الخارج.
تخطيط سلبي
وزارة الزراعة –حسب ريّا- شجعت في العام الماضي على زراعة الذرة الصفراء، وقامت بحملات توعية وتنشيط بين المزارعين لزراعتها، واستجاب المربّون لهذه الحملات، وزرعوها بكميات كبيرة وتم تقدير الإنتاج العام الفائت بـ/٥٠٠/ ألف طن، وهي أعلى كمية إنتاج.. فقبل الأزمة لم نصل إلى هذا الرقم، وتم وعد المزارع بأسعار مجزية، وسعّرت وزارة الزراعة الذرة تقريباً بـ/ ٢٠٠٠/ ليرة للكيلو الواحد، لكن كانت شروط الاستلام صعبة، إذ إن الرطوبة يجب أن تكون أقل من ١٤%، وهذا الأمر بغياب المجففات يعد صعباً للكميّات الكبيرة. لذلك فإن مؤسسة الأعلاف لم تستجر أكثر من / ١٠ / آلاف طن حسب التقديرات، وعدم استجرار المحصول من المزارعين كبّدهم خسارة كبيرة، ما اضطرهم لبيع المحصول بأسعار منخفضة، إضافة إلى توجّه الحكومة لاستيراد الذرة الصفراء وهو ما كلّف خزينة الدولة قطعاً أجنبياً، علماً أن وزارة الزراعة عرضت الاستثمار في مجال المجففات، لكن لم يتقدم أحد لهذه المشروعات، محذّراً من أنه إذا لم يتم تأمين المجففات في هذا العام فإن المزارع لن يزرع الذرة، لأنه في غنى عن خسائر إضافية.
اقرأ أيضاً: