حالة مستشرية لكثافة المناهج وعدم الإيمان بمنظومة التعليم.. أرقام فلكية تسجلها الدروس الخصوصية.. تفاقم الظاهرة مسؤولية الأهل أم وزارة التربية؟
تشرين – نور حمادة:
ينتعش سوق الدروس الخصوصية سنوياً مع اقتراب موعد امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية، والاستعانة بمدرسين خصوصي في محاولة من الطلاب وذويهم لتخطي الطالب نقاط ضعفه، والثغرات التي يعانيها في بعض المواد لضمان مستقبله، علماً أن هذه الظاهرة تحولت إلى حالة تؤرق نفسية الأهالي، وتشكل عبئاً على جيوبهم، لكنها باتت حاجة ملحّة في نظرهم، تحديداً مع تغيير المناهج الدراسية وتعقيدها، وعدم استكمال شرحها خلال العام الدراسي، إضافة إلى ارتفاع معدلات القبول الجامعي.
تفاوت الأسعار
حيث تفاوتت أجرة الدروس الخصوصية، بين معهد وآخر، وبين معلم وآخر، حسب المادة التي يدرّسها، فالمواد العلمية أسعارها مضاعفة عن المواد الأدبية، كما تلعب المناطق دوراً كبيراً في تحديد أسعار الدروس الخصوصية، فالمناطق الشعبية التي يقطنها ذوو الدخل المحدود تختلف فيها أجرة الساعات الخصوصية عن مناطق السكن الراقية، كما أن أجرة الساعة تختلف في المعهد عنها في المنزل.
ووصلت أجرة الساعة الواحدة للمواد العلمية (فيزياء، كيمياء، رياضيات) إلى 30 ألف ليرة، فيما بلغت أجرة الساعة لمادة اللغة العربية 12 ألف ليرة، وساعة مادة اللغة الإنكليزية 25 ألف ليرة.
أما أسعار الدروس الخصوصية لطلاب التاسع فتراوحت بين 10و 15 ألف ليرة لمادة اللغة الإنكليزية، و أجرة الساعة الواحدة لمادتي الفيزياء والكيمياء بـ 13 ألف ليرة ومادة الرياضيات تراوحت بين 15 و20 ألف ليرة
وتشير إحدى السيدات وهي (أم لطالب بكالوريا) إلى أن ابنها كان يعاني من الأعداد الكبيرة في الصف الواحد، ولا يستطيع أن يفهم من مدرس المادة بشكل جيد، لذلك يحتاج لتقوية معلوماته في بعض المواد، وخاصة العلمية واللجوء للدروس الخصوصية والدورات الداعمة، بالرغم من تكاليفها المرتفعة والتي تصل لنحو 25 ألف ليرة لكل ساعة تدريسية.
أضاف (عامر) طالب بكالوريا في مدرسة حكومية: إنّ الدروس الخصوصية مهمة جداً لطلاب البكالوريا، نظراً لصعوبة المنهاج، وإن المعلمين في مدرسته يعطونهم الدروس بشكل جماعي من دون معرفة قدرات كل طالب، إضافة إلى عدم تقديم المدرسين شروحاً وافية ضمن الحصص الدراسية، علماً أنّ المناهج ضخمة وبحاجة إلى مختص ليقوم بتلخيصها.
كما أشار عدد من طلاب البكالوريا والصف التاسع إلى أن بعض المدرسين في المدارس يتم تعيينهم وكلاء، لملء الفراغ الذي تركه المدرسون ذوو الاختصاص، وهم لا يملكون كفاءة ولا خبرة، ما يضطر هؤلاء الطلاب للالتحاق بدورات مكثفة، أو الاستعانة بالدروس الخصوصية لعدم قدرة ذويهم على مساعدتهم في الدراسة والشرح قبل الامتحانات.
نحتاج لعمل إضافي
ورفض أحد أساتذة مادة الرياضيات، وفضّل عدم ذكر اسمه اتهام من يعطي الدروس الخصوصية بالتجارة.
وتابع: نحن كمدرسين حالنا حال فئات المجتمع، ونحتاج إلى عمل إضافي لأن الالتزامات كثيرة، ومصاريف الحياة باتت غير قليلة ومهنتنا لا تمنع من أن نكسب منها.
مدرسون: مصاريف الحياة باتت غير قليلة ومهنتنا لا تمنع من أن نكتسب منها
بدورنا توجهنا بكتاب إلى وزارة التربية لمعرفة الآلية التي تتبعها الوزارة بالنسبة لظاهرة الدروس الخصوصية، وعن توجه أغلبية الطلاب نحوها، وهل تعدّ حالة طبيعية، أم هناك تقصير من قبل المدرسين حتى تم اعتمادها، وانتشار هذه الظاهرة مؤخراً، وتمت الإجابة عن التساؤلات والتوجيه من قبل الوزارة أن لا علاقة لهم بظاهرة الدروس الخصوصية.
ليست حالة صحية
بدوره وضّح مدير التربية سليمان اليونس لـ(تشرين): أن الدروس الخصوصية ليست حالة صحية، وتتعدد أسبابها ولا يمكن أن تنحصر ضمن سبب واحد، فهي حالة مجتمعية موجودة ضمن مجتمعنا، ويلجأ إليها الطلاب وأهاليهم لعدة حالات، منها المحافظة على البريستيج، والتفاخر أمام الآخرين بأن لدى ابنهم مدرساً خاصاً يعطيه الدروس، أو لوجود تقصير من الطالب نفسه بحيث لا يستطيع مواكبة زملائه ضمن الحصة الدرسية.
مدير تربية دمشق: الدروس الخصوصية ليست حالة صحية
إضافة إلى أن هناك طلاباً أحراراً لا ينتمون إلى مدرسة معينة ولا يتابعهم كادر تدريسي مختص لذلك يلجؤون إلى الدروس الخصوصية والتسجيل بالمعاهد الخاصة.
وعن الشكوى المستمرة التي يشتكي منها الطلاب وأهاليهم عن فقدان بعض المدارس لوجود مدرسي اختصاص لبعض المواد، وأن الطالب يعتمد على نفسه، أو يضطر لدروس خصوصية لدارسة تلك المواد، برر اليونس أن الزيادة أو النقصان في عدد المدرسين تختلف من مادة إلى أخرى، وأن القطاع التربوي يغلب عليه الطابع الأنثوي، وهناك نسبة عالية من حالات الأمومة بين المدرسات، لذلك يبقى مكانهن شاغراً، ونستعيض عنه بالمكلفين والوكالات الاختصاصية، وهناك مبالغة من قبل الأهالي والطلاب في حال غياب المدرس لدرس أو درسين بسبب حالة صحية بأن المدرسة تفتقد ذلك المدرس.
وبالنسبة لتواصل بعض مديري المدارس مع وزارة التربية لتأمين مدرسين في حال وجود شاغر لديهم، لكن من دون جدوى أو تجاوب من قبل المختصين في الوزارة، أكد اليونس: أن ذلك يعود إلى توفر مدرسي اختصاص للمواد المطلوبة، فإذا كان هناك مدرسون ضمن الملاك نرسلهم على الفور، أما إذا كانوا خارج الملاك نبحث عنهم عن طريق الوكالة أو التعليم الأساسي و دائرة الثانوية.