تعديلات جديدة على قانون حماية المستهلك… إعادة النظر بالتغريم وعقوبة الحبس والإحالات موجوداً إلى القضاء..

تشرين – مركزان الخليل:
محافظة ريف دمشق الأوسع انتشاراً من الناحية الجغرافية والسكانية من بين المحافظات السورية، وما يميزها حدودها المشتركة مع ثلاث دول، الأمر الذي يعزز مكانة المحافظة من جوانب مختلفة، لكن في الوقت ذاته هذا الانتشار ومساحة الحدود يؤديان لزيادة مشاكلها، وخاصة لجهة أعمال الرقابة نتيجة كثرة الممرات الحدودية وزيادة حالات التهريب، وهذه تحتاج رقابة نوعية لضمان سلامة الأسواق والحفاظ على هوية المنتجات المتدفقة إلى أسواق المحافظة..

“حماية المستهلك بريف دمشق”: انتشار جغرافي وتشاركية حدود يفرضان رقابة النوع لا الكم..

لكن الرقابة الأكثر فاعلية وأهمية من بين الرقابات” حماية المستهلك” والتي تفرض حساسية خاصة لجهة عملها، لكونها تلامس قوت المواطن اليومي سواء في المأـكل أم في الملبس وغير ذلك ..
أمام ذلك “تشرين” حاولت الوقوف على بعض تفاصيل العمل الرقابي في المحافظة وتسليط الضوء عليها من خلال اللقاء مع مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك نائل اسمندر والاستفسار عن بعض مشاكلها وكيفية حلها..
“جود بالموجود”
ما دور الرقابة في المعالجة، وهل يرقى دورها في ظل الظروف الحالية الى المستوى المطلوب مع نقص الإمكانات..؟
هنا لا يمكن الحديث عن رقابة حماية المستهلك بمعزل عن الرقابات الأخرى التي تعمل على ضبط الحدود، وحمايتها من عمليات التهريب وفق رأي “اسمندر” لأنها حماية متكاملة وفق أدوار مختلفة جميعها تصب في خانة حماية الأسواق المحلية، وقمع عمليات التهريب التي تضرّ بالاقتصاد الوطني، لكن الحديث عن رقابة حماية المستهلك يقودنا للدخول إلى التفاصيل وهذه تحمل مضمون الرقابة الفعلي، والذي يكمن حصراً في الأسواق ومتابعة المواد المنتشرة ومراقبتها، من حيث النوعية والجودة وصلاحية الاستهلاك وغير ذلك، ناهيك بمتابعة عمليات الغش من قبل دوريات الحماية، سواء عن طريق التفتيش والتحري في أماكن الإنتاج، وخاصة في الورش التي تعمل بعيداً عن أعين الأجهزة الرقابية وبشكل غير مرخص، أو متابعة السلع المطروحة في الأسواق من خلال التدقيق في بطاقات بيان المواد، أو سحب عينات من المواد التي يشك في صلاحيتها للاستهلاك البشري, وهذه لا تقتصر على المواد التي تدخل بصورة غير مشروعة بل كافة المواد المنتشرة في أسواق المحافظة، وملاحقة المخالف منها وفق قانون حماية المستهلك, ومعالجة أثارها السلبية على المنتجات السليمة من حيث انخفاض تكاليف المخالف، والغش فيها مستغلين ظروف الحرب والعقوبات الاقتصادية المفروضة على بلدنا والتي أدت بطبيعة الحال إلى نقص الإمكانات التي توفر أسباب الاستقرار وتأمين مقومات الاستمرارية..
وبالتالي عملية المعالجة تتم وفق قانون الحماية، ومواده رادعة للمخالفات باستثناء البعض منها وهي خاضعة للتعديل بما يتناسب مع تطورات الأسواق وظروفها..
رقابة خاصة
وبالتالي هذا الأمر يقودنا إلى الحديث عن تشاركية المحافظة بحدود تجمعها بثلاث دول وبالتالي تكثر فيها حالات التهريب لكثير من المواد, وخاصة الغذائي منها، كيف تتعامل “حماية المستهلك” معها, وكيفية ضبطها والتأكد من سلامتها, وكم هي حالات الضبط في العام ..؟
هنا يمكن الحديث عن رقابة مشتركة مع الجهات المعنية بضبط الحدود وخاصة الجمارك التي تحمل مهمة رقابة الحدود، وهنا يؤكد اسمندر أن تسيير دوريات من الشعب التابعة للمديرية بنوعية متخصصة لمراقبة السلع المطروحة في الأسواق, وخاصة في المناطق الحدودية ومتابعتها والتأكد من مصدرها, وفي حال ضبطها تتم معالجتها وفق الإجراءات القانونية التي تضمنها قانون حماية المستهلك، وحجز المادة المخالفة، وإحالة المخالف إلى القضاء بعد تنظيم الضبط التمويني اللازم بجرم التهريب وإدخال مواد بصورة مخالفة, وإغلاق المنشأة إغلاقاً إدارياً، لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر، وذلك وفقاً لحجم وجسامة المخالفة، علماً أن هناك تنسيقاً كاملاً مع الجمارك في قصص المواد المهربة والجهات الأخرى ذات الصلة..

اسمندر: رقابة مشتركة لحماية أسواق المحافظة ومكافحة مصادر تهريب السلع والمنتجات ..

أما بالنسبة لحالات الضبط سيأتي على ذكرها لاحقاً مع مجريات اللقاء، من دون أن ننسى المرور بسؤال له أهميته ويكثر الحديث عنه في الشارع العام..
قابل للتطوير
برأيكم قانون حماية المستهلك الحالي” وحده” قادر على ضبط الأسواق ، ومضمونه يتماشى مع التطورات الجديدة, وخاصة أننا في كل يوم نشهد أساليب جديدة في أعمال الغش ..؟

القانون مازال من صنع البشر فهو قابل للتغيير والتطوير بما يتناسب مع الجديد، وبالتالي التعديل هنا واجب وضروري للمواد ونصوص القانون لتتماشى مع الحدث، لكنْ هناك نصوص قانونية واضحة وصريحة في قانون حماية المستهلك، والتي تتعلق في العقوبات التي تطول أعمال الغش والتدليس, و”برأي اسمندر” رادعة تصل للسجن ولفترات مختلفة وغرامات مالية كبيرة تتناسب مع حجم المخالفة، لكن مهارة القائمين على تنفيذ قوانين حماية السوق، وحدها الكفيلة بالتعامل بصورة عملية مع أساليب الغش وكيفية ضبطها، لكن هذه الصورة لن تبقى على حالها فهي تتطلب حتمية التعديل بما يتناسب الجديد في عالم الأسواق، وتوائم فنون الاستغلال وأعمال الغش التي يطورها أصحابها باستمرار, ورقابتنا تضبط يومياً صور مختلفة لهذه الأعمال.
ثقافة ” خطي” ..!

3,4 مليارات ليرة قيمة تغريم المخالفات الجسيمة وإغلاق 4000 منشأة

متغيرات كثيرة تحدث في الأسواق ، أهمها ثقافة المستهلك التي مازالت تتعامل في معظم الأحيان تحت مقولة” خطي” بدلاً من الشكوى في حال المخالفات التموينية, كيف يمكن تغيير هذه الثقافة ودفع المواطن لتقديم الشكوى حفاظاً على حقه وسلامته برأيكم..؟
وهنا يؤكد اسمندر نحن كحماية لدينا دور مهم في هذا الاتجاه, وخاصة لجهة الجانب الاجتماعي لأن الغاية الأساسية من قانون حماية المستهلك هو الحفاظ على سلامة المكون الاجتماعي الذي يمثله المواطن، وبالتالي كل الإجراءات تصب في هذا الاتجاه، لذلك من الطبيعي عدم تجاهل هذا المكون والاهتمام بتطوير ثقافته والانتقال بها الى ثقافة متطور تتماشى مع حجم المسؤوليات الواجب تقاسمها مع المواطن من خلال مشاركته بالعمل الرقابي إلى جانب الجهاز التنفيذي والإبلاغ عن حالات الغش والسرقة والتلاعب في الأسواق والتخلي عن ثقافة ” خطي” التي ساهمت بكثرة المخالفات, ومعالجة ذلك تتم عبر ورشات عمل واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وما توفره الوزارة والمديريات التابعة من إجراءات تكفل تغيير سلوك المواطن بهذا الاتجاه وتكريس ثقافة الشكوى بدلاً من ترك الأمور تخلي المسؤولية تحت حجج ومبررات تندرج تحت سقف ثقافة” خطي ما بدنا نضر..” من دون أن ننسى حالة التعاون مع الجهات الأخرى، ولاسيما مجالس المدن وهيئات المجتمع الأهلي ومساعدتها وفق اتجاهين: الأول ضبط المخالفات والإبلاغ عنها مباشرة، والثاني هو العمل على تغيير ثقافة الشكوى، والتعامل مع المخالفة من باب خطورتها على المجتمع لا تركها لثقافة ” خطي” ..
ميزان التسويات
ما الفائدة من تطبيق التسوية على المخالفات سواء في المديرية أم عن طريق القضاء، مادامت المخالفات ذاتها تتكرر يومياً، وحتى من قبل المخالف نفسه، أليس من إجراء أكثر قوة يقمع المخالفة نهائياً..؟

بطبيعة الحال مادامت هناك مخالفة، فهناك إجراء قانوني يطبق والخيارات مفتوحة بما يتناسب مع القانون الناظم لها، وهنا يضيف اسمندر أنه ليس جميع المخالفات التموينية تخضع لعمليات التسوية وفرض غرامات مالية، بل البسيط منها، وهي بالنهاية عقوبة تطول المخالف، لكن هناك مخالفات أبداً لا تخضع للتسوية وهذه لا يمكن التساهل بها ليس لإرادة المنفذين، بل لقوة القانون وهذه تتعلق بالمواد المدعومة من قبل الدولة، وأعمال الإغاثة أو عمليات الغش والتدليس الضارة بصحة المواطن وسلامة الأسواق، فهذه لا تخضع للتسويات المالية، بل للعقوبات الأشد كالسجن وغيرها من أحكام تطبق وفق أحكام المرسوم رقم 8 للعام 2021، وأوضح اسمندر أنّ هناك تعديلات جديدة قادمة على الطريق تطول الجانب الفني والإداري وحتى التنفيذي، وهنا يمكن الدخول لسؤال آخر حول متطلبات العمل الرقابي.
إمكانات محدودة
كيف تغطي المديرية نشاطها الرقابي أمام نقص الإمكانات المادية والفنية وحتى كوادر الرقابة، واتساع المساحة الجغرافية للمحافظة..؟
ثمة متغيرات كثيرة طرأت على العمل في الأجهزة الحكومية ككل وليس على العمل الرقابي فحسب” برأي اسمندر” وخاصة خلال سنوات الأزمة والحرب الكونية والحصار الاقتصادي على بلدنا الأمر الذي فرض معادلة جديدة في توافر الإمكانات ونقصها لأسباب مختلفة أهمها ما ذكر، ونحن نعترف بنقص الإمكانات المادية والبشرية، لكن نتعامل مع الواقع وفق المتاح وإدارة المتوافر من الإمكانات بطرق مثلى حيث تم تقسيم المحافظة إلى قطاعات ومناطق عملياتية وتسيير دوريات نوعية متخصصة في العمل الرقابي لسهولة السيطرة المطلوبة على الأسواق وقمع المخالفات وأعمال الغش فيها، إلى جانب التشبيك مع جهات المجتمع الأهلي ومجالس المدن للاستفادة منهم في تنفيذ العمل الرقابي وحماية المستهلك والأسواق من قبل ضعاف النفوس من أهل التجار..
تأمين النقص
لكن أمام ذلك ما رؤية المديرية لتطوير آلية العمل على المستوى الأداء الإداري والرقابي, وإستراتيجتها لتأمين النقص الحاصل على المستوى الفني والبشري..؟
سنوات الأزمة التي تعرضت لها سورية وما زالت، تركت الكثير من المشكلات أهمها هروب الكوادر المتخصصة والمدربة في العمل, وقطاع الرقابة ليس ببعيد عن هذه المشكلات فهناك نقص بالكادر الرقابي والفني ، لكن العمل مستمر بالكادر المتوافر, ورؤية المديرية للتطوير تتم من خلال عمليات تقييم الأداء لجهاز الحماية وضبطها من خلال المتابعة المستمرة لنتائج الأعمال، وحالياً العمل جارٍ لإعادة تفعيل مقرات الشعب التموينية في المناطق التي تعرضت للتخريب والتدمير من قبل العصابات الإرهابية المسلحة, وتوفير الكوادر البشرية والفنية لإعادة نشاطها بما يحقق رؤية المديرية والوزارة في بسط سلطة الرقابة على كامل جغرافية المحافظة وذلك بالتعاون مع الوزارة ومحافظة ريف دمشق ومجالس المدن و فعاليات المجتمع الأهلي بالمحافظة ..
عقوبة التغريم
والجانب المهم في العمل الرقابي خلال الفترة الحالية هو ما يتعلق بعقوبات التغريم فما هو حجم التغريمات على المخالفات الجسيمة وغيرها التي فرضتها المديرية خلال العام الماضي، وما تم خلال الحالي، وما هو نصيب المراقب الذي ضبط المخالفات منها..؟
يرى اسمندر صوابية عقوبة التغريم شرط تماشيها مع حجم المخالفة وجسامتها، وهي عقوبة رادعة، لا تحتمل الجدل في صوابيتها حيث قدرت قيمة التغريمات الإجمالية التي حققتها المديرية خلال العام الماضي بحوالي 2.6 مليار ليرة، منها مليار ليرة تغريم لمخالفات المازوت, ونصف مليار ليرة بنزين، وغاز 100 مليون ليرة، إلى جانب تسجيل أكثر من عشرة آلاف ضبط تمويني وإغلاق 2664 منشأة تجارية وصناعية لمخالفتها الأنظمة والقوانين، وإحالة 134 تاجراً موجوداً الى القضاء للأسباب ..
أما ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من العام الحالي فقد تم تسجيل حوالي 5400 ضبط مخالفة، وإغلاق 1260 إغلاقاً إدارياً بناء على ضبوط تموينية نظمت بحق فعاليات مختلفة (معامل ، محلات تجارية ، ورش ، مراكز توزيع ، محطات محروقات) مع تقدير قيم التغريم للمخالفات الجسيمة بحوالي 730 مليون ليرة “دقيق التمويني ومحروقات” وإحالة 60 تاجراً موجوداً للقضاء لارتكابهم مخالفات جسيمة وخاصة الاتجار بالمحروقات ( بنزين – مازوت – غاز ) والنقص بالكيل و نزع الأختام الرصاصية، والاتجار بالدقيق التمويني والقمح المحلي، وغيرها من المخالفات الجسيمة، وبذلك تكون قيمة التغريمات الإجمالية للفترتين المذكورتين بحوالي 3,4 مليارات ليرة, وعدد المنشآت التي تم إغلاقها حوالي 4000 منشأة , والتجار المحالون إلى القضاء موجوداً يقارب عددهم 200 تاجر، وهذا إنّ دل على شيء فإنه يدلّ على تركيز صوابية العمل نحو الأعمال النوعية, وبالتالي رقابة الكم ليست مهمة بقدر ما رقابة النوع هي المهمة وهي المعيار الأساس لدقة العمل..

ويرى اسمندر أن الأمر الذي يعزز من قوة العمل هو ما ننتظره من تعديلات قادمة على المرسوم رقم 8 لبعض المواد الرئيسة ولاسيما المتعلقة بمواد التغريم ومدة السجن, والإحالة موجوداً إلى القضاء، والمتاجرة بالمواد المدعومة من قبل الدولة، ونحن بانتظار صدور هذه التعديلات..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار