الحديد مقابل الهدم … مسلسل هدم المدارس المتضررة في الريف الشمالي لحمص على قدم وساق!!

تشرين- إسماعيل عبد الحي:

لايزال الجدال سيد الموقف بين موافق على هدمها ورافض له، حتى بعد أن أصبحت المدارس المتضررة بفعل الإرهاب في مدينة الرستن أثراً بعد عين وسويت بالأرض فعلاً خلال الشهرين الفائتين ليصبح الحديث عن قانونية الأمر أمراً جدلياً، الغاية منه ألّا يقع المعنيون في الخطأ ذاته مرة ثانية، رغم أن مسلسل هدم المدارس المتضررة في الريف الشمالي لحمص يسير على قدم وساق، وما حدث هو هدم وإزالة المباني المدرسية، بعضها بشكل كامل جزئي بمدينة الرستن من قبل أحد المتعهدين مقابل أخذ الحديد لصالحه بالاتفاق مع مديرية تربية حمص، ما أثار تساؤلاً حول قانونية الهدم والجهة صاحبة العلاقة بإعطاء الإذن والموافقات اللازمة بعد استكمال الثبوتيات …
‏كانت البداية في الرستن للاطلاع على واقع الحال حيث وقفنا على أطلال مجموعة من المواقع تمّ هدمها.
المهندس محمد سمير ضباطح رئيس مجلس مدينة الرستن بين لـ«تشرين» عدم علمه بهذا الأمر إلّا من خلال مسؤول المجمع التربوي، ورأى أن لا علاقة لمجلس المدينة بالأمر من قريب أو بعيد وهو لم يكلف نفسه عناء السؤال عن الثبوتيات حسبما قال لكون الجهة المسؤولة والمعنية عن الهدم هي مديرية تربية حمص وليثير بعدها عدد من أبناء الرستن الذين التقيناهم مجموعة من الأسئلة تتلخص في مشروعية الموافقات المعطاة من مديرية تربية حمص وأدت إلى أضرار كبيرة لحقت بالمال العام نتيجة هدم مدارس كان يمكن ترميمها من دون أي مبررات قانونية مع مخالفة مديرية التربية بحمص أحكام قانون العقود في الجهات العامة رقم /51/ لعام 2004 وخصوصاً عدم الإعلان عن مناقصة لإجراء عملية هدم وإزالة للأبنية المدرسية في الرستن أو غيرها ويفترض أن يتم مثل هذا الأمر بعد إعداد دراسة فنية تتم بناءً على تقارير سلامة إنشائية للمدارس من قبل لجنة السلامة الإنشائية المختصة في الريف الشمالي والمشكلة منذ بداية عام 2023، ولكن ما حصل هو الهدم وأخذ الحديد بناءً على كتاب تقدم به “متعهد” إلى مديرية تربية حمص يحمل الرقم 17751/ع/و تاريخ 13/11/2022.
المهندس عبد الله المغربل رئيس دائرة الأبنية المدرسية بمديرية تربية حمص أوضح أنه منذ تحرير الريف الشمالي لحمص عام 2018 قامت اللجان الهندسية في الدائرة بزيارة لكل المدارس هناك لتقييم الضرر الموجود بشكل رقمي واعتمدنا في عملنا اليوم على أن أي مبنى يجب ألّا تزيد قيمة ترميمه على ربع التكلفة ولا يحق تجاوز هذه النسبة المتعارف عليها في المحافظة والخدمات الفنية والمباني التي أزيلت كان الضرر فيها موزعاً على كل المبنى ومن المتعذر إجراء صيانة حسب الجدوى الاقتصادية المتعارف عليها وكان أقل مبنى يزيد الضرر فيه على 40 بالمئة على أقل تقدير عدا عن أن ناتج العمل سيكون سيئاً بعد الترميم ووسطياً فإنّ عمر أي مدرسة تجاوز الـ 50 عاماً ومنذ عام 2018 حكمنا على هذه المباني بالإضافة الجزئية أو الكلية وكمديرية لا تتوفر لدينا المبالغ الخاصة بالإزالة وموازناتنا تكاد تكفي الاحتياجات الأساسية للمدارس.
‏وأضاف المغربل: رفضت المنظمات الدولية التي زارت عدداً من المدارس المتضررة في الرستن العمل فيها لتكاليفها العالية وعدم السلامة الإنشائية فيها وبعد خمس سنوات مرت كان علينا الإزالة بعد أن فشلنا بإقناع أي من المنظمات ترميم أي واحدة منها.
‏ولدى سؤاله عما إذا كان القانون يسمح له بالتعاقد مع أي شخص لإزالة المباني أجاب: لا طبعاً لأن لدينا شعبة عقود مهمتها أن تتعاقد على هذا الأمر والإنابة كانت بمنزلة تبرع من أحد المتعهدين! ورأى أن مجلس مدينة الرستن لا علاقة له من قريب أو بعيد بهذا الأمر.
‏ونوه المغربل بأن محافظة حمص لديها 1381 موقعاً مدرسياً ويمكن للموقع أن يضم أكثر من مدرسة خرج أثناء الحرب 298 موقعاً أو 575 مدرسة، وفي الريف الشمالي وحده 172 مدرسة، وفي الأصل كان لدينا 15 مدرسة يفترض إزالتها وهناك مدارس تم ترميمها بالتعاون مع منظمات دولية.
نقابة المهندسين
‏في مبنى فرع نقابة المهندسين في حمص بينوا أن النقابة وافقت على هدم مدرستين فقط في الرستن لخطورتهما وتم تسليمنا الوثيقتين الخاصتين بهذا الأمر. ‏

ورأى قانونيون” أن الهدم فيه مخالفة لأحكام القانون رقم /3/ لعام 2018 وتعليماته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإدارة المحلية رقم 130/ن تاريخ 22/5/2018 ولاسيما المادتين 9 و12 الفقرة /د/ منه المتعلقة بصلاحية المجالس المحلية بإزالة الأبنية العامة المتضررة حيث كان الأولى إحالة طلب المتعهد إلى كل من الدائرة القانونية ودائرة العقود في مديرية التربية بحمص لإعداد اللازم وإحالة موضوع إزالة الأبنية المدرسية إلى مجلس مدينة الرستن تنفيذاً لأحكام القانون رقم /3/ لعام 2018 عن طريق محافظ حمص والأمر فيه مخالفة لتعميم وزير الإدارة المحلية رقم 489/ي/ن/م تاريخ 2/3/2023 والذي حدد البند /1/ منه على أن الهدم والإزالة يتم بناء على تقارير لجان تشكل من المحافظ لهذه الغاية.. الخ، والقيام بالهدم من دون موافقة السيد محافظ حمص بشكل أصولي .
النتيجة هدمت مدرسة مصطفى الحاج علي و 4 كتل أبنية من الثانوية الصناعية وثمانون بالمئة تقريباً من مدرسة 16 تشرين وكذلك حال مدرسة خالد فرزات ومدرسة عبد الكريم الخطيب مع قسم كبير من مدرسة رضوان قطيع، وكتلتان من مدرسة سلمان طياوي وأيضاً مدرسة الشيخ عبد القادر طلاس وكل ذلك من دون أي تقارير من لجنة السلامة الإنشائية التي شكّلت عام 2018 المختصة لكل مدرسة على حدة مع وجود إشارة استفهام لتقرير وصف الحالة الراهنة وهذا لا يعدو كونه عرضاً للواقع من دون إجراء أي اختبارات تتعلق بالسلامة الإنشائية والصادرعن نقابة المهندسين فيما يتعلق بمدرسة محمد سعيد أيوب ومدرسة عبد الرزاق ذياب والذي لا يرقى إلى مستوى تقرير السلامة الإنشائية الذي يخضع لتجارب خاصة حيث تمّ تشكيل لجنة على عجل متجاهلاً وجود لجنة دائمة مشكلة من نقابة المهندسين بالقرار رقم 480/ص5 تاريخ 9/2/2023 لهذا الغرض من قبل المراجع المختصة ويحمل كتاب نقابة المهندسين الرقم 1424/ص3 تاريخ 14/4/2023 بعد ورود كتاب مديرية التربية بحمص بتاريخ 10 /4/2023 بتدقيق التواريخ نجد أن الفترة قصيرة جداً، حيث إن الدراسة فيما يتعلق بالهدم يجب أن تأخذ وقتاً من دراسة وتحاليل وتجارب وإن الزمن القصير بين طلب مديرية التربية ورد نقابة المهندسين يطرح إشارة استفهام حول موضوعية التقرير والتساؤل عن سبب عدم تكليف المهندسين الواردة أسماؤهم بالقرار المذكور واستبدالهم بمهندسين آخرين.
مخالف للقانون
رأى البعض أنّ السماح بأخذ الحديد مقابل ترحيل الأنقاض مخالف للمادة /11/ الفقرة /ب/ من القانون رقم /3/ لعام 2018 وتنص على بيع الأنقاض وما في حكمها والتي تزيلها الوحدة الإدارية من الأملاك العامة والخاصة بالمزاد العلني وفق الإجراءات المنصوص عليها في نظام العقود للجهات العامة)، وأن بيع ناتج الهدم يتم بموجب مزاد علني يقوم به المجلس المحلي وتوضع المبالغ نتيجة البيع بالمزاد العلني بحسابات مجمدة لصالح الجهات المالكة للعقارات موضوع الهدم عادة.
نادر الطالب عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حمص بيّن أنه تم إبلاغنا من خلال مدير المجمع التربوي في مدينة الرستن عن هدم مدرستين وأضاف: فهمت من رئيس الدائرة أن المتعهد يقوم بالهدم تبرعاً منه لصالح مديرية تربية حمص، وقانونياً كان من المفترض أن يتم الإعلان عن مناقصة وبعد استشارة القانونيين أخبروني أنه يمكن إزالة المدارس إذا كانت هناك نية في إعادة إعمارها عن طريق منظمة دولية أو غير ذلك ووضعت المحافظ بصورة الأمر وبشكل عام أرى أن المدارس إذا كانت قابلة للترميم فإنّ هدمها جريمة وإذا كانت تهدد حياة الطلاب فهي جريمة أكبر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار