تشخيص وعلاج في خمس دقائق

كعادته شخّص السيد الرئيس بشار الأسد خلال كلمته في قمة جدة الأمراض التي تعانيها الأمة العربية محدداً أهمها، وخلال خمس دقائق في خمس نقاط مع تقديمه للحلول الناجعة والواجب البدء بتنفيذها، وأولى هذه النقاط حتمية إعادة ترتيب الشؤون العربية بأقل قدر من التدخل الأجنبي وهو ما يتطلب إعادة التموضع العربي في عالم اليوم الذي بدأت معالمه في الظهور منذ اليوم الأول للحرب على سورية، واختيار الشعب السوري وقيادته مقاومة كل التهديدات وعدم الالتفات إلى الإغراءات للخضوع للمشاريع الهدّامة، هذا التموضع سيجعل العرب جزءاً فاعلاً فيه عند اتمام المصالحات التي باتت مطلباً شعبياً عربياً في جميع الدول.
وفي النقطة الثانية أكد الرئيس الأسد ضرورة الالتفات إلى إرثنا الحضاري الذي تعمل الدول الغربية على تجريدنا منه بحجة الليبرالية الحديثة والعولمة التي تستهدف الانتماءات الفطرية للإنسان وتجرده من أخلاقه وهويته، عبر الضخ الإعلامي وفرض عادات وتقاليد لا تنسجم مع تاريخ وموروث جميع الدول ومن ضمنها الموروث العربي والإسلامي، حتى أصبح من يدافع عنها عدواً للأجيال الشابة نتيجة محاولة الماكينة الإعلامية الصهيونية- الغربية أن تجعل من هويات الدول الحضارية أمراً مثيراً للخلافات والنزاعات ومورداً لتفتيت الشعوب والدول بهدف قتل روح الانتماء وبث الصراعات القومية والعرقية والدينية المدمرة.
وفي ثالث النقاط التي طرحها الرئيس الأسد شدد على العمل العربي المشترك، المبني على رؤى واستراتيجيات وأهداف مشتركة، يمكن تحويلها إلى خطط تنفيذية، ضمن إطار سياسة موحدة ومبادئ ثابتة وآليات وضوابط واضحة، حتى نبتعد عن ردات الفعل وانتظار المؤامرات التي تحاك لأمتنا وفي مقدمتها “الصهيونية المنبوذة والعثمانية التوسعية المطعّمة”، إضافة إلى التركيز على التنمية التي ستوجد الخلاص لشعوبنا.
أما النقطة الرابعة فكانت تشير إلى الاستفادة من تجربة سنوات العقد الماضي في العالم العربي، ومعالجة المشكلات والأزمات انطلاقاً من أسبابها لا من آثارها وأعراضها، والابتعاد عن التدخلات في الشؤون الداخلية للدول تحت أي ذريعة أو عنوان ما لم يكن ذلك بطلب من شعوب الدول، وكف الأيدي الأجنبية التي سببت الكثير من الخراب وسفكت الدماء العربية بأيد عربية.
وأكد الرئيس الأسد في النقطة الخامسة على نهج سورية العروبي النابع من الانتماء الراسخ، والذي عملت الكثير من القوى المعادية خلال سنوات الحرب على سورية على تجريدها من قلبها العروبي النابض، لكنها فشلت..
ولعلّ المؤشر الأهم على عملية منهج العمل الذي قدمه السيد الرئيس خلال خطابه هو التزامه بالوقت المحدد للزعماء العرب المتحدثين خلال القمة بخمس دقائق، وتركيزه للقضايا الاستراتيجية مع ذكر أسبابها الحقيقية، وتقديمه للحلول ضمن خريطة عمل عربية مشتركة هدفها التصدي لكل ما يمكن أن يضر بمصالح الدول العربية وشعوبها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار