حدائق بابل المعلّقة والفردوس المفقود
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
هي واحدة من أشهر الحدائق في التاريخ القديم، وتعدّ من عجائب الدنيا السبع القديمة، التي تقع فيما يُعرف الآن العراق، لقد تم بناء حدائق بابل في القرن السادس قبل الميلاد على يد الملك البابلي (نبوخذ نصر) الثاني، وكانت تعدّ أحد أهم الأماكن السياحية في ذلك الوقت، وقد وُصفت الحدائق بأنها تحتوي على مجموعة من النباتات والأشجار والأزهار الملونة، وكانت تعدّ بمنزلة ملاذ الملك وعائلته.
تتميز حدائق بابل بتصميمها المعقّد والذي كان يتضمن عدة طبقات من الأرض، وكانت تروى بالمياه من خلال نظام معقّد من الأنابيب والصهاريج، وقد تم استخدام الحدائق كمكان للاسترخاء والاستمتاع بالطبيعة والإطلالات الخلابة على المدينة، وعلى الرغم من أن الحدائق في بابل لم تكن مثل زمنها القديم، إلا أنها ما زالت تحظى بشعبية كبيرة بين السيّاح العرب والأجانب والمسافرين الذين يزورون المدينة القديمة للاستمتاع بالتاريخ والثقافة العريقة.
وكان لمدينة بابل علاقة وطيدة بمملكة (ماري) السورية على نهر الفرات، إذ كانت الأشجار البابلية يغرسها الفلاحون حول هذه المملكة، ومنها الفواكه والنخيل والورد الأحمر، كما أن الملك البابلي (حمورابي) كان يزور مملكة ماري في يخته الخاص وسط نهر الفرات ليتمتع أياماً وليالي، أو بالعكس كان الفنانون السوريون من مملكة ماري يقضون أوقاتهم في الصيف في حدائق بابل المعلقة ويقدّمون أروع نشاطاتهم الشعبية، فما بين المملكتين وشائج حب وتعاون متبادل.
بابل عظمة التاريخ العربي في وادي الرافدين، زارها الروم فتعجبوا وانبهروا بشواخصها الحضارية التاريخية، وعلومها وثقافتها وطبها الذي نشره أعظم الأطباء، كما زارها الفرس ونقلوا معالم حضارتها إلى بلاد فارس في القانون الذي حوته مسلة (حمورابي) التي علّمت العالم أبجدية التشريع في المحاكم ودور العدالة.. والحديث عن حدائق بابل قصة مجد لا تنتهي.