القلق الرقمي لا يستدعي العلاج الدوائي اختصاصية في الصحة النفسية: حالة تستلزم إعادة تنظيم العادات الصحية

تشرين – دينا عبد:
القلق الرقمي نوع خاص من أنواع القلق العام؛ بدأ يظهر على ساحة الاضطرابات النفسية مع تزايد استعمال وسائل التكنولوجيا، ومواقع التواصل الاجتماعي فهو مرتبط بنوع من أنواع الإدمان على هذه المواقع.
ما هي أعراضه وهل يستلزم علاجاً دوائياً ليعود الشخص إلى حالته الطبيعية؟
من وجهة نظر اختصاصية الصحة النفسية د. غنى نجاتي القلق الرقمي عبارة عن مشاعر سلبية، وشعور بعدم الارتياح وانفعالات مزعجة تنتاب الإنسان عندما يبتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، التي اعتاد على ارتيادها واستعمالها بشكل دائم.
أعراض القلق الرقمي
وفي إجابتها عن كيف تظهر أعراضه بينت أنه نتيجة عدم الاتصال بالإنترنت، أو ربما وجود عطل باللابتوب، أو بالهواتف الذكية أو أي سبب يؤدي إلى انقطاع الشخص عن هذه الشبكة الإلكترونية، التي تتيح له التواصل مع الآخرين؛ إضافة إلى حساسية- انفعال- نوبات غضب- شعور بالحزن- وحالات عدم القدرة على التحكم بارتفاع أو انخفاض نبرة الصوت؛ هذه الأعراض نتيجتها شعور الإنسان بالخوف من فقدان التسلية التي تعود عليها، من خلال المنصات التي يستعملها فيس بوك- إنستغرام- تيك توك- واتس أب….إلخ .
مع العلم أن معظم الدراسات السيكولوجية والنفسية تشير إلى أن القلق الرقمي حالة لا تستدعي العلاج الدوائي، إنما تتطلب تنظيم العادات الصحية للإنسان، ويكون الهدف من العلاج النفسي، العودة لتذكير هؤلاء الأشخاص بسبب استعمالهم “السوشال ميديا” ؛ فهناك أشخاص يستعملونها لزيادة نسبة المشاهدة على اليوتيوب حتى يحققوا أرباحاً مادية؛ وآخرون كي يصمموا إعلانات لأنفسهم؛ وأشخاص يستعملونها لتعويض شعورهم بالوحدة وبعد المسافات بينهم وبين الأشخاص الذين يحبونهم؛ وممكن أن يكون سبب الاستعمال لأجل العمل.
مثلاً: في الجامعات يقوم فريق بإنشاء مجموعة للدكاترة والأساتذة والطلاب على الواتس أب أو الفيس بوك، تكون الغاية منها الاطلاع على القرارات والبلاغات ويعتبر التبليغ من خلال هذه المجموعة بمثابة الشخصي؛ لذلك فإن سبب ارتياد الإنسان واستعماله “السوشال ميديا” يختلف من شخص لآخر.
وشرحت د. نجاتي عن حالة عالم نفسي أجرى اختبار على نفسه حيث ذهب إلى منطقة نائية من دون أن يصطحب معه أي وسيلة تكنولوجيا؛ خلال هذه الفترة لاحظ العالم وأنه بحاجة إلى إعادة الشغف والتواصل، وممارسة الهوايات الشخصية التي ابتعد عنها منذ زمن ؛ فمن خلال هذا الابتعاد الذي قام به عن كل وسائل التكنولوجيا، أصبح يقرأ روايات ويمارس الرياضه، ويلتقي الأشخاص وجها لوجه، وصار لديه شغف للخروج من المنزل، بعد أن كان مرافقاً لجهازه في كل الأوقات، مضيفاً: عندما كنت استخدم التكنولوجيا لم تكن لدي أسباب للخروج من المنزل.
إعادة التواصل الإنساني
وملخص دراسة عالم النفس أنه من الضروري للإنسان من وقت لآخر إعادة التواصل الإنساني، مع من حوله، لأنه فعلاً ممكن أن يكون لدينا نوع من أنواع التواصل الإلكتروني ، لكنه ليس بالجودة والقيمة النفسية المضافة نفسها؛ فعندما نرى الشخص أمامنا فالوضع مختلف تماماً عنه عندما نكون خلف الشاشة وكل واحد يتكلم من خلفها.
بعد أربعة أيام من تجربة الاختبار التي أجراها العالم النفسي ظهرت لديه علامات القلق الرقمي، متسائلاً إن كان أحد قد أرسل له رسالة أثناء غيابه عبر الموبايل، أو وجه له دعوة عبر الفيس بوك أو جرى مؤتمر أونلاين .
ولا يجب الابتعاد بشكل كامل عن مواقع التواصل الاجتماعي ولا كل الوقت معها.
فئة المراهقين
في الحقيقة ومن وجهة نظري كدكتورة في الصحة النفسية- تضيف نجاتي- فإن القلق الرقمي يظهر لدى فئة المراهقين بشكل كبير جداً، وخاصة عندما ينشر أحدهم صورة، أو يكتب منشوراً يبقى قلقاً لجهة انتظار الاطلاع على التعليقات التي كتبت له.
ممكن أن ينعكس هذا الشيء عليه عن طريق تشتت الانتباه، وعدم القدرة على التركيز بالدراسة أو بالمهام الموكلة إليه وضياع الوقت.
وهناك أشخاص لديهم قلق من قصة تهكير الحساب، ونشر الشائعات الكاذبة أو التنمر الإلكتروني؛  فيحاولون دائماً ألا تكون لديهم وسيلة إلكترونية كي لا تكون الفرصة مهيأة لأي شخص بالتنمر عليهم؛ ممكن أن تكون البدائل لديهم بريد إلكتروني أو صفحة إنستغرام لضرورة العمل.
وختمت نجاتي حديثها بالإشارة إلى الاتزان الانفعالي والتحكم بمخرجاتنا، فهو الذي يجعلنا نتجنب الوصول إلى حالة القلق الرقمي، ويكون لدينا اتزان وتوازن وبإمكاننا السيطرة على وقتنا بإستعمال السوشال ميديا، ووسائل التواصل الاجتماعي ونستطيع أيضاً بإرادتنا الابتعاد متى نشاء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار