المقاومة الشعبية توسع معادلات القوة.. النار بالنار
تشرين- هبا علي أحمد:
الوجود الأمريكي في المنطقة على المحك.. ليست عبارةً للتداول فقط، ولا تشبه أيّ شيء سابق، بل هي أمرٌ مفروض بحكم التطورات الأخيرة في المنطقة ضمن مشروع موحد مناهض للمشروع الأمريكي – الصهيوني الذي استهدف منطقتنا على الدوام، مع الضربات التي تلقتها القواعد الأمريكية غير الشرعية في سورية مؤخراً، ولاسيما في محافظتي الحسكة ودير الزور، وهذا الأمر ليس فقط في سياق معادلات النار بالنار والجاهزية للرد على الاحتلال الأمريكي، بل إنما هو في سياق بداية النهاية لرحيل ذلك الاحتلال، وفي سياق آن الأوان أياً تكن الأيام أو الأشهر أو السنوات التي يستغرقها، لكن المصير واحد هو الأفول والرحيل، وتالياً تحرير الأرض من أي وجود غير شرعيّ، وبغير طلب من الدولة السورية.
المنطقة تشهد مشروع مقاومة متكامل الأركان يتجاوز الحدود والمسافات
تعنّت على البقاء والاحتلال، مقابل إصرار على المواجهة والدفاع والاستهداف، وإصرار على رحيل المحتل واستعادة السيادة، كامل السيادة، ليس فقط على الأرض السورية بل في عموم المنطقة، وهذا ما تؤكده طبيعة الاستهداف الذي كان محطّ تحليلات بشأن الجهة التي قامت به، وأياً تكن الجهة، سواء من داخل الأراضي السورية، مقاومة شعبية أو حلفاء أو الاثنين معاً، أو من خارج الأراضي السورية ولاسيما من جهة الحدود مع العراق، فالمشروع المقاوم واحد، والهدف واحد، هو تحذير وتنبيه للاحتلال ومطالبة واضحة وسريعة بضرورة الرحيل، وإلّا سيكون المشهد اللاحق أكبر وأشد إيلاماً للاحتلال الأمريكي، وعندها يمكن الاستنتاج أن المشهد الأخير هو «بروفة» وتهيئة لما بعده.
مشهد استهداف القواعد الأمريكية غير الشرعية يؤخذ وينظر إليه من زوايا مجتمعة متكاملة، داخلياً في سورية، وإقليمياً على مستوى محور المقاومة والمنطقة عموماً، وخارجياً على مستوى الساحة السياسية الدوليّة، ولاسيما في ظل الحرب الأوكرانية والتنافس الصيني- الأمريكي، فما يحدث في المنطقة هو نتاج مشروع متكامل الأركان ويتجاوز المسافات، مقاومة داخلية شعبية سياسية وعسكرية في سورية، ومقاومة إقليمية ممتدة، ترسم صورة المنطقة ضمن مشروع موحد مناهض للمشروع الأمريكي – الصهيوني الذي استهدف منطقتنا على الدوام، لكن اليوم انقلب المشهد، وبات في عين الاستهداف، وإذا خصصنا طبيعة الاستهداف على الأرض السورية، فما يحدث هو نتاجُ الصمود الأسطوريّ للجيش العربي السوري والشعب السوري والقيادة التي بدورها غيّرت المعادلات، داخلياً وخارجياً، وقلبت الموازين، وتالياً بات مطلب إنهاء الاحتلال، أي احتلال، وتحت أيّ مسمى، هو حق كما هو مطلب ضروري وواجب ونتيجة حتمية.
مقاومة داخلية شعبية سياسية عسكرية في سورية.. ومقاومة إقليمية ممتدة بمواجهة الهيمنة الأمريكية
لاشك في أن الاستهدافات الأخيرة ستغيّر طبيعة المشهد، رغم أنها ليست المرة الأولى، لكنها تزامنت مع انفتاح سياسي على دمشق ومساعي إعادة العلاقات السورية مع العديد من الدول العربية على نحوٍ خاص إلى ما كانت عليه قبل عام 2011 وتوسيع دائرتها وتعزيزها، أي قلب المشهد برمتّه الذي كان ثابتاً على مدار 12 عاماً مضى، وثبّته الاحتلال الأمريكي وامتلك أوراقه، أي ما معناه أن واشنطن تفقد جميع أوراقها سواء الإرهابية داخل سورية، أو أوراقها الإقليمية، وبات وجودها ضعيفاً بلا أسس يرتكز عليها، وفي الأساس أي شيء غير شرعي هو ضعيف، ولا يُبنى عليه، طال به الزمن أم قصر، والدليل ما شاهدناه في منطقة الفرات والجزيرة عموماً مؤخراً.
الأمريكي في مأزق حقيقي ليس فقط على الساحة السورية، بل على الساحة الدوليّة أيضاً مع تنامي مشهد التحوّلات الكبرى، وتنامي مشهد انزياح العلاقات الدوليّة من الغرب إلى الشرق وتأسيسها على دعائم قوية مستفيدة من تجربة العقد الأخير على وجه التحديد التي لم تكن على النحو المطلوب للكثير من الدول، كما شكّلت الحرب على سورية منعطفاً مغايراً ومرتداً على المحور الغربي- الأميركي – الصهيوني، وستشكل الحرب الأوكرانية منعطفاً مفصلياً في العلاقة الدوليّة مع الولايات المتحدة، ليس فقط على المستوى السياسي بل اقتصادي أيضاً ولاسيما في ظل ما شهده النظام المصرفيّ الأمريكي مؤخراً واهتزاز الثقة بالدولار.
اقرأ أيضاً:
أميركا قاب قوسين!!.. المقاومة الشعبية تحرق أوراق المحتل الأميركي في سورية