ملف «تشرين».. توثيق ملامح حقبة انتعاش جديدة.. الإطلالات الإعلامية للرئيس الأسد تعزز معادلة «تطويع الاقتصاد للسياسة» والحصيلة خدمة السلام والتنمية

تشرين- هبا علي أحمد:

واضحاً ومحدّداً ودقيقاً كان السيد الرئيس بشار الأسد خلال مقابلاته الإعلامية أثناء زيارته إلى موسكو، راسماً السياسة السورية للمرحلة المقبلة، والسياسة ليس فقط بمعناها الحرفي، بل بمعناها الأوسع لتكون ورقة عمل استراتيجية كاملة متكاملة في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة، وهذه الصورة لم تنحصر في روسيا بل توسعت في الإمارات وهي قيد التوسيع تبعاً للزيارات المقبلة أياً ما تكون المحطة التالية، لكنها بالمجمل توصيف وتحديد للعلاقات السورية الدولية والإقليمية القديمة المتجددة مع إيجاد أرضيات لإعادة تفعيل علاقات شابها الكثير خلال العقد الأخير، ولكن هذا التفعيل مع شرط ثابت ومبدئي بما يخدم السيادة والثوابت الوطنية ولا يمسها، ويخدم القضايا الوطنية والقضايا العربية.. وبهذه الصورة يُثبّت السيد الرئيس ما دأبت عليه البلاد دائماً بشكل أكثر تطوراً يتوازى مع التطورات العالمية والإقليمية الراهنة.
نقاط مفصلية سياسية واقتصادية وعسكرية حدّدها السيد الرئيس سواء للداخل أو في العلاقات الخارجية، فإذا كنت في حالة حرب فلا يعني ألّا توسع الرؤية، ولا يعني أن تعمد إلى حلول منفردة مجزأة، فللنهوض تحتاج إلى رؤية متكاملة، بحيث يكون النهوض متكاملاً تشعر عندها بالأمن والأمان والاستقرار.. وإذا كنت في حالة حرب فلا يعني أن تقبل بأي علاقة أياً تكن الحاجة والنتائج، فنحن نتحدث عن علاقات دولة لدولة متكاملة الأركان وليست علاقة فرد بفرد، وإذا لم تأتِ مثل تلك العلاقة بأي إنجاز أو قيمة مضافة فما الجديد أو ما الفائدة ؟ فهنا العناوين العريضة غير مجدية، ولابدّ من الاهتمام بكل التفاصيل، لذلك كان السيد الرئيس واضحاً ودقيقاً ومُفصّلاً.

المفصل الأول والأبرز اقتصادي.. البناء الكلي للنهوض بالدولة ولتطوير علاقاتها، يبدأ بالاقتصاد والاهتمام بتنميته وتقويته وتطويره، سواء الاقتصاد المحلي أو العلاقات الاقتصادية مع الدول، ويمكن القول إن زيارة السيد الرئيس إلى روسيا كانت اقتصادية بالدرجة الأولى لتطوير التعاون الاقتصادي، صحيح أنّ هناك تبادلاً تجارياً، وتطوراً، ولكنه ما زال ضعيفاً، كما قال الرئيس الأسد، أي بمعنى؛ لا ضير من تكامل التحالف سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، إلى جانب البيئة الثقافية المشتركة.. في الزيارة تركز اجتماع اللجنة المشتركة بين الطرفين الروسي والسوري على نقاط محددة وتحديداً على المشاريع الاستثمارية من خلال توقيع اتفاقية تتضمن 40 مشروعاً استثمارياً محدداً في مجالات الطاقة أي الكهرباء والنفط .. في مجال النقل وفي مجال الإسكان.. في المجالات الصناعية.. في مجالات مختلفة أخرى كثيرة لكن بمشاريع محددة بدقة وأيضاً أضيفت إليها آليات لمتابعة وإنجاح هذه المشاريع.. إذاً من الناحية الاقتصادية هو مفصل جديد بالنسبة للعلاقة، كما أشار السيد الرئيس.

إذا كنت في حالة حرب فلا يعني ألّا توسع الرؤية.. ولا يعني أن تعمد إلى حلول منفردة مجزأة..

وإذا كنت في حالة حرب فلا يعني أن تقبل بأي علاقة أياً تكن الحاجة والنتائج

المفصل الثاني، وتأتي بالدرجة الأولى منه العلاقة مع تركيا.. في الفترة الأخيرة ولاسيما مع زيارة السيد الرئيس إلى موسكو، كانت التحليلات المرافقة تدور حول لقاء مع الرئيس التركي رجب أردوغان، وتزامنت الزيارة مع أحاديث عن عقد الاجتماع الرباعي على مستوى نواب وزراء الخارجية، لكن مقابلة السيد الرئيس كانت حدّاً فاصلاً للتحليلات والتأويلات وللتوجهات التركية، إذ قال السيد الرئيس هذا يرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح ومن دون أي التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم الإرهاب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب في سورية، هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن عندها أن يكون هناك لقاء بيني وبين أردوغان، عدا عن ذلك ما هي قيمة هذا اللقاء ولماذا نقوم به إن لم يكن سيحقق نتائج نهائية بالنسبة للحرب في سورية؟.. المشكلة ليست في اللقاء وتوقيته ولكن المشكلة في تحقيق شروطه.. تركيا لا يمكن أن تكون إلّا دولة احتلال حتى ينتفي هذا الاحتلال.
المفصل الثالث، العلاقة مع الدول العربية والعودة إلى الجامعة العربية، كما كان دائماً فالموقف السوري لا يتغير، فالأهمية للعمل العربي المشترك، وليس لإيجاد المكان الجامع، إذ ما الجدوى أن يجمعنا مكان ولكن يفرقنا الكثير، وسورية تكون حيث التوافق لا حيث التفرقة وتصفية الحسابات والانقسام، لذلك لا يرى السيد الرئيس أي قيمة مضافة من العودة للجامعة العربية وهي على وضعها الراهن، إذ يمكن أن تكون كل علاقة سورية عربية ثنائية جامعة إذا أخذت المصالح الوطنية لكل دولة عربية والمصالح العربية المشتركة في الحسبان، وتكون كل علاقة سورية عربية جامعة بإعادة التوازن للمحيط العربي.

 

أقرأ أيضاً:

ملامح انتصار سياسي وبدايات تعافٍ اقتصادي.. دافعة جديدة للتعاون والتكامل بين سورية وروسيا

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار