مبادرة كلية التربية في جامعة دمشق بعد التقييم والتشخيص والإرشاد النفسي تستكمل العلاج مع نهاية عيد الفطر السعيد

تشرين- إلهام عثمان:
بادرت جامعة دمشق كلية التربية بفريقها التخصصي في “فزعة” إنسانية لافتة ومتوقعة لإغاثة الأهالي في المناطق المنكوبة والمتضررة, إبان كارثة الزلزال الذي ضرب البلاد في السادس من شباط الشهر الماضي, وتركزت على الدعم والتوعية الإسعافية لمتضرري الزلزال, من خلال التقييم والتشخيص والإرشاد النفسي في الفترات الأولى للزلزال, ولاحقاً العلاج النفسي ما بعد عيد الفطر السعيد.
صرح الدكتور مازن الشماط من قسم الإرشاد النفسي في كلية التربية بجامعة دمشق أن الجامعة بكوادرها قدموا كل إمكاناتهم للدعم النفسي للأهالي الذين تضرروا بفعل كارثة الزلزال, مضيفاً في تصريح لـ«تشرين»، إنه منذ اليوم الأول لحدوث الزلزال نحن في إطار استجابة للأوضاع الراهنة, حيث كانت استجابتنا للأمور “الأهم ” والهندسية, بإرسال طواقم طبية وهندسية لمساعدة أهلنا المتضررين في حلب , حماة, اللاذقية, كفريق دعم نفسي, وكان استكمال هذه الخطة في اليوم الثاني للكارثة, مع انطلاق فريقين من جامعة دمشق من أطباء اختصاصيين نفسيين, وأساتذة , وطلاب من الدراسات عليا بقسم الإرشاد النفسي 18 اختصاصياً لمحافظة اللاذقية, و 35 اختصاصياً لمحافظة حلب .
خدمات الإسعاف النفسي الأولي
لفت الشماط إلى أن عملهم تجسد في تقديم خدمات الإسعاف النفسي الأولي في الأيام الأربعة الأولى من الزلزال, وهو يعنى بتقديم الدعم النفسي للأشخاص الذين “خبروا الصدمة في الفترة الأولية لوقوع الكارثة, وأن فريقهم سيغادر لاستكمال عمله, بعد عيد الفطر ولمدة أسبوع.
مرحلة التدخل النفسي -العلاجي
أضاف الشماط: في الفترة المقبلة بعد عيد الفطر, سيتوجه الفريق إلى المناطق المنكوبة لإتمام أعمالهم, ليكون الانتقال من المرحلة الإسعافية إلى المرحلة العلاجية الميدانية التي ستكون في المشافي والعيادات في الأماكن المتضررة.
تجاوز إطار الصدمة
ويضيف الشماط: كفريق عمل تخصصي نقيّم الشخص الذي خبر الصدمة خلال الشهر الأول بأنه ما زال في ضوء الصدمة, وبمجرد مرور30 يوماً على الصدمة , يمكن أن “تتطور أو لا تتطور أحداث المرض النفسي” لدى الشخص المريض.
ويتطلب “التدخل العيادي ” بعد مرور30 يوماً على الصدمة، تطورات في الاضطراب النفسي, وتسمى باضطرابات “الشدة ما بعد الصدمة” وقد تترافق باضطرابات أخرى تظهر في أشكال مختلفة, مثل الفوبيا التي لها علاقة بالحدث, وإذا استمرت التغيرات الحادة بالسلوكيات, والتصرفات وردود الأفعال والتفكير فنحن أمام اضطراب نفسي “التطور”, ما يدعو إلى التدخل .
“التدريب “على العلاج
في المرحلة العلاجية ستكون مهمة الفريق تدريب الاختصاصيين في المشافي على كيفية تقييم وتشخيص وعلاج حالات الاضطرابات النفسية التي ممكن أن تنمو بعد الصدمة.
وعن قوة تأثير الصدمة على الطفل يرى الشماط أن تأثير الصدمة عليه يختلف تماماً عن الشخص المدرك, حيث إن الطفل ليس لديه إدراك أو تحكيم عقلي, كالطريقة العقلية التي يدركها الشخص الكبير, ويشدد الشماط على فكرة أن الطفل دائماً لديه إحساس بالذنب لكل الأفكار والأحداث السلبية لما يدور حوله, فأحياناً نجد أطفالاً فقدوا ذويهم وتأثروا بشدة, وفي ذات الوقت نجد أطفالاً مروا بالحدث نفسه، إلّا أنهم لم يتأثروا بالشدة ذاتها من الألم, فتجدهم يلعبون غير مدركين لما يجري حولهم.
بروتوكول
ويلفت الشماط إلى أن لكل حالة خصوصيتها و “بروتوكولاً” وطريقة معينة في التعامل معها , ومع كيفية علاجها، ومن السلبيات التي شهدناها أثناء وجودنا في المشفى الجامعي في حلب, تدخل بعض الأشخاص من غير ذوي الاختصاص في علم النفس والإرشاد النفسي, ولذلك تأثيرات سلبية لا يدركونها من تدخلهم, لأننا أمام أشخاص مأزومين عاشوا الأزمة وتعرضوا للصدمة و فقدوا كل شيء, وهذا يزيد الوضع سوءاً, ولذلك لابدّ من وجود فريق اختصاصي وأطباء متمرسين في علم النفس والإرشاد النفسي للتعامل بشكل الصحيح مع تلك الحالات.
لكل حالة خصوصيتها

وتسأل “تشرين” عن الأطفال الذين فقدوا ذويهم ومأواهم, وأطفال أصيبوا بعاهة مستديمة نتيجة الزلزال, ما هي الخطوات الأولى في علاجهم النفسي ليجيب الشماط: إنّ العلاج النفسي هو خطة و تقنيات ونمط حياة, يجب تعويضه, فهناك أفكار مشوهة وأحداث صدمية عاشها هؤلاء الأشخاص والأطفال الذين استيقظوا على فقدان ذويهم وأحبتهم, كل ذلك له أساليب وخطط في التعامل, سنقوم بالعمل عليها, فالحديث عن البروتوكولات يحتاج التطبيق العملي على أرض الواقع، ونحن غير قادرين على التنبؤ بالحالات التي نتعامل معها, لذلك لابدّ من وجود اختصاصيين متمرنين, ولا يمكن التعامل مع كل الخيارات المتاحة أمامنا بنفس التشخيص والعلاج, لذلك وجب أن نكون على دراية في كيفية التطبيق والمواءمة بين العلم المكتسب والممارسات الميدانية, فنحن بحاجة لتلك الممارسات بشكل عملي في وضعنا الحلي، ولكل حالة طريقة في التقييم والعلاج خاصة بها تختلف عن علم الكيمياء والرياضيات التي تعطي نتيجة حتمية واحدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار