بدأت بتجربة ارتجالية والتعميم مطلب بعد ثبات الجدوى.. «الزراعة» تعلن عن المعايير الرسميّة لتراخيص سماد «الفيرمي كمبوست»
تشرين- أيمن فلحوط:
بعد العديد من الجلسات على مدى عدة أشهر، التي ضمت خبراء من كلية العلوم بجامعة دمشق، والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، ووزارة الصناعة، وهيئة المواصفات والمقاييس، ومديرية زراعة طرطوس، ودائرة حصر وتصنيف الأراضي في مديرية الأراضي والمياه في وزارة الزراعة، وممثلين عن القطاع الخاص، أقرّت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ما خلص إليه المعنيون، حول شروط منح رخصة فنية لإنتاج مادة الفيرمي كمبوست كسماد عضوي، وتحويلها إلى مادة عضوية طبيعية تستخدم في تسميد المزروعات وبأقل التكاليف، كنشاط زراعي ضمن الأراضي الزراعية خارج المخططات التنظيمية، بالإضافة إلى إمكانية إقامتها ضمن مزارع الإنتاج النباتي والحيواني كما نقلها لنا مدير الأراضي والمياه في وزارة الزراعة الدكتور جلال غزالة وفق الآتي:
ألّا تتجاوز المساحة 100 متر مربع بطاقة إنتاجية لا تتعدى 15 طناً في العام الواحد للمربين الصغار، وشريطة أن تكون أحواض الزراعة والإنتاج قابلة للفك والتركيب، في حين لا حدود بالمساحة والإنتاج للمنطقة الصناعية التي يتم الترخيص فيها.
منح الرخصة
أما آلية منح الرخصة بحسب الدكتور غزالة فتتم من خلال تقديم طلب من قبل صاحب العلاقة أو وكيله القانوني إلى دائرة الأراضي والمياه في مديريات الزراعة والإصلاح الزراعي في المحافظات، لتتم دراسة طلب الترخيص وإنتاج المادة المذكورة أعلاه من قبل لجنة فنية تشكل في مديرية الزراعة والإصلاح بقرار من الوزير مؤلفة من: رئيس دائرة الأراضي والمياه، الفني المسؤول عن سحب عينات الأسمدة، عضو لجنة مراقبة تداول المواد الزراعية، عضو عن دائرة الزراعة في المنطقة.
يحسّن قوامَ التربة ويسهم في زيادة الإنتاج
مهمة اللجنة دراسة طلبات الترخيص والكشف على شكل المكان المطلوب للرخصة، والتأكد من صحة المعلومات المقدمة من طالب الترخيص.
وأضاف مدير الأراضي والمياه في الوزارة: في حال الموافقة على الترخيص، تقوم دائرة الأراضي والمياه في مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بمنح رخصة فنية لطلب الترخيص، وفقاً للنموذج المعتمد، وفي ضوء الشروط المحددة.
خواص
تحدد الخصائص الفيزيائية والكيميائية للسماد العضوي الفيرمي كومبوست، المنتج محلياً للاستفادة من المخلفات النباتية والحيوانية، باستخدام ديدان جنس Eisenea وتحويلها إلى مادة عضوية طبيعية تستخدم في تسميد المزروعات.
يذكر أن الجلسات التي عقدت تم خلالها استعراض ومناقشة تعريف سماد الفيرمي كمبوست بأنه منتجات مشتقة من التحلل البيولوجي المتسارع للنفايات العضوية، من خلال التفاعل بين الديدان والأحياء الدقيقة، حيث تستهلك الديدان النفايات العضوية بعد طحنها في القوانص، وتستمد غذائها من الأحياء الدقيقة المتواجدة في المادة العضوية.
فوائد
أما تطبيقات وفوائد ديدان الأرض فتتمثل في تدوير المخلفات بشكل آمن ورخيص، وتغذية الطيور والأسماك، وفي نظم الزراعة من دون حراثة والزراعة الحافظة، وفي علاج بعض أمراض الإنسان، وصناعة بعض الأدوية، والمعالجة البيولوجية الآمنة للنفايات البشرية.
وعلى صعيد أنواع الديدان المستخدمة في إنتاج الفيرمي كمبوست:
بشكل عام يوجد عالمياً 11 نوعاً فقط يستخدم للإنتاج بشكل تجاري، من أهم الأنواع نوعان هما:
Eisenea foeteda “ريد ويجلر”
Eisenea andrie ” تايغر ورم”
وهما من مجموعة الديدان الحمراء السطحية، وتتميز بمعدل تكاثر جيد مع تكيف ممتاز تجاه الظروف البيئية، ومختلف أنواع المخلفات المستخدمة في عملية تغذية الديدان، بالإضافة إلى أنها كانت ذات أداء ممتاز في الظروف السورية.
خبراء: العمل يجب أن يتركز مستقبلاً على تأهيل كادر علمي لنقل الفكرة للمزارعين بشكل صحيح ودعم المشروع عن طريق قروض صغيرة ميسّرة
وبيّن عدد من أعضاء اللجنة أهمية استخدام الأسمدة العضوية لوضع برنامج متكامل للتسميد، بغية التخفيف من الأسمدة المعدنية، ووضع مواصفات دقيقة لمادة «الفيرمي كمبوست» على نحوٍ يتناسب مع الجانب الاقتصادي والبيئي والزراعي، وبذل الجهود والتنسيق مع الجهات المعنية، ويحسّن قوامَ التربة ويسهم في زيادة الإنتاج.
عروضٌ من الباحثين
وقدّم عدد من الباحثين عروضاً تم التطرق من خلالها لتعريف سماد «الفيرمي كمبوست»، وهو سماد عضوي حيوي ينتج عن نشاط ديدان الأرض، وتحويلها النفايات العضوية إلى سماد يحتوي عناصر غذائية متنوعة، وأنزيمات ومنظمات نمو، وأحياء دقيقة مفيدة تعيد حيوية التربة، وتحسن خواصها الفيزيائية والكيميائية، وترفع خصوبتها إضافة لزيادة إنتاجية النباتات ومقاومتها.
كما تطرقوا إلى آلية إنتاج «الفيرمي كمبوست» لدى الدودة بامتصاص المادة العضوية، ثم سحق وطحن الجزيئات، ومزج المواد وتعديل الحموضة، وإضافة الأحياء الدقيقة ومضاعفتها.
التركيزُ على جانبين
في حين شدّد أحد الأعضاء البارزين في اللجنة، وصاحب التخصص والخبرة في هذا الميدان على أن يكون العمل في الفترة المقبلة على جانبين أساسيين، الأول منهما تأهيل كادر علمي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لنقل الفكرة للمزارعين بشكل صحيح، بعيداً عن المعلومات المغلوطة المنتشرة.
والثاني: دعم المشروع عن طريق قروضٍ صغيرة ميسّرة من المصرف الزراعي لمن يرغب في العمل.
تسهيلاً للعمل
ويبين الدكتور غزالة أنه تم التمييز بين الفيرمي كمبوست الممارس كنشاط زراعي، والسماد العضوي بشكل عام، والهدف من ذلك الخروج من موضوع الترخيص الإداري والمنشأة الصناعية والترخيص الصناعي للمربين الصغار، ويمكنهم تداول إنتاجهم بالمادة ( بشكل دوغما)، في حين البيع ضمن عبوات وماركات يكون حصراً بمنشآت المنطقة الصناعية.
فالنشاط الزراعي يمارس لتأمين الاحتياجات الذاتية من الأسمدة العضوية، بينما بيعها يقتصر على المنطقة الصناعية المرخصة لهذه الغاية، المرتبطة بالمساحة كما جاء في قرار الترخيص الذي تم تعميمه على المعنيين ألّا تقل عن 100 متر، والتي من شروطها العمل بالقرار 115/ت.
بالمحصلة كانت الغاية التوفير على المربي الصغير من شروط التراخيص فسميناه نشاطاً زراعياً، للخروج من القرار 115/ ت والقانون 18 وقد احتاج هذا الأمر دراسة طويلة مع الجهات القانونية في الوزارة.
وجاءت موافقة وزير الزراعة على ذلك من منطلق المساعدة لكن على المربي الالتزام بالمواصفات المحددة، والغاية من ذلك الحرص على تسميد أرضه.
نشرُ ثقافة تربية الدود
يذكر أن حسان خليفة والمشهور بلقب (أبو صلاح) هو أول من أنشأ مزرعة للدود لإنتاج السماد العضوي «الفيرمي كومبوست Vermicomposting» قد قدم خبرته المجانية للعديد من المربين في عدة محافظات في هذا المجال، وأشار في حديثه لـ«تشرين» إلى الأهداف الرئيسة من إنشاء مثل تلك المزارع ، وتتمثل في إيجاد فرص عمل للشباب، ونشر ثقافة تربية الدود، وإنتاج غذاء صحي، ورفع القيمة الغذائية للمنتج، وتالياً توفير استيراد الأسمدة الذوابة المركزة، وقسم كبير من الأدوية والمبيدات الحشرية والفطرية، وكذلك القطع الأجنبي الذي يسدد لقاء استيراد المبيدات، ما يخفّض تكاليف الإنتاج على المزارعين، وتالياً انعكاس ذلك على الأسعار لتصبح في متناول المواطنين المستهلكين.
وفكرة إنشاء المزرعة، وفقاً لرؤية خليفة، هي مبادرة فردية انطلاقاً من الاعتماد على الذات، والبحث عن البدائل، وخاصة في مجال قطاع الزراعة المهم للأمن الغذائي لأي بلد، وتالياً تأمين حاجات السوق المحلية وفرص عمل للشباب، والحدّ من هجرة الكوادر والخبرات.
أهميّة السماد
ويوضح خليفة أهمية السماد الناتج عن «الفيرمي كومبوست» فهو يسهم في تحسين قوام التربة لغناه بالعناصر الكبرى والصغرى، وكذلك السائل الناتج عن الأحواض المستعملة في المزرعة، يمكن استعمالها مبيداً مهماً لرشّ النباتات، أو ما يعرف بشاي «الفيرمي كومبوست» بعد معالجته، ويعدّ بديلاً عن السماد الورقي، وللمبيدات الحشرية والفطرية، وبذلك يتمّ توفير تكاليف الرش، والقضاء على المسببات المرضية، كما يمكن استخدام «الفيرمي كومبوست» في الزراعة المائية، لكونها بحاجة لتركيب معين مناسب من الأسمدة، لتوفر العناصر الكبرى والصغرى، وسهولة الاستخدام من دون أي مشكلات، ويعطي منتجاً عضوياً هو (أورغانيك organic) ما ينعكس زيادة في الإنتاج، لكن من الضروري الانتباه إلى الأعداء الطبيعيين للدودة من طيور ودجاج وزواحف وضفادع.